ليلة من ليالي العمر عاشها جمهور الرياض برفقة فنان العرب والسندباد على أنغام الموسيقى والحب والجمال. ليلة أعلنت عودة الحفلات الغنائية إلى الرياض بعد جفاءٍ دام ثلاثين سنة، وبحضور جماهيري طاغٍ أثبت تعطش السعوديين للقاء نجومهم داخل حدود الوطن. ليلة حملت دلالات عديدة، أولها سقوط الوهم الذي غُرس في داخلنا من أن عودة الحفلات الغنائية ستحدث فوضى وستتسبب في إشكالات اجتماعية وثقافية وغيرها من التهويلات التي حالت بيننا والفنون. انتهت الحفلة ولم يحصل شيء، انتهت بهدوء وكان جمهورها راقياً بشكل يليق برقي محمد عبده وراشد الماجد، ويليق برقي الفن والموسيقى. لقد أثبتت هذه الليلة أن الحفلات الغنائية ليست خراباً مثلما يقول رافضوها، والموسيقى ليست إلا فناً جميلاً يبث في النفس صفاءً وسلاماً ومحبة، وهذا ما شعر به كل من حضر الحفلة، حيث كان الحب عنواناً لها، اشترك فيها الجميع بالغناء، بصوت واحد، وبروح واحدة، عبروا من خلالها عن عشقهم للفن ورغبتهم في وجود الحفلات واستمرارها. لأول مرة يحتار جمهور الرياض في الإجابة عن سؤال: أين تذهب هذا المساء؟. حفلة غنائية هنا، ومعرض للكتاب هناك، ومباراة لكرة القدم في الملز، عدا الفعاليات الجانبية التي تنظمها هيئة الترفيه، كلها في ليلة واحدة، ليلة الخميس التاسع من شهر مارس، كانت فيها الرياض شعلة من الفعاليات المتنوعة التي استهدفت الشباب وجذبتهم ووفرت لهم منافذ راقية لاستثمار أوقاتهم وطاقاتهم بدلاً من هدرها في التسكع في الشوارع. وهنا تحديداً تكمن أهمية الترفيه وفائدته الاجتماعية والأمنية. أكثر من 2500 شاب حضروا حفلة محمد عبده وراشد الماجد، استمتعوا بأغاني النجمين، ورددوا: "آه ما أرق الرياض" إذا استظلت بالفنون، في ليلة من "ليالي نجد" التي لا تنسى والتي نتمنى أن تتكرر كثيراً في الرياض وفي بقية المدن.