العودة لأستانا للمرة الثالثة لبحث آلية جديدة لوقف إطلاق النار بين قوات النظام وحلفائه وبين قوات المعارضة سياسةٌ لا تعبر عن نوايا صادقة للضامن الروسي لقرار وقف إطلاق النار، فإن كان الأمر كذلك أي روسيا لا ترغب في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، إذن ماذا تريد موسكو من المفاوضات؟ هل ترى بأن وقف إطلاق النار يعني عملياً نهاية نظام حليفها بشار الأسد التي دفعت بطائراتها وجنودها إلى سماء سورية وأرضها وحرقت المدينة بعد المدينة لإنقاذ نظام حكم جزار الشام. مشكلة موسكو الرئيسية تكمن بأن تمسكها ببشار الأسد لن يضمن له وجوداً في مستقبل سورية، فشرعيته انتهت مع أول قطرة دم سالت من نفس بريئة على الأرض السورية، وكل محاولات موسكو المدعومة بالذخائر والقنابل والفيتو لم تستطع وقف ثورة الشعب السوري. بشار كرئيس انتهى ولم يعد له وجود فعلي يمنحه صلاحية القرار وتوجيه إرادة الشعب إلى مصير آمن إلا بتنازله طوعاً أو مرغماً عن الحكم، العالم يعرف أن الثوار السوريين يقاومون السياسة الروسية وسلاحها العسكري ولن تنتهي الأزمة إلا باقتناع روسي بالحقيقة التي اقتنع العالم كله بها، روسيا تتمسك بنظام بشار لغاية ذكرها الجميع ماعدا الروس، وهي أن موسكو تريد استمرار الأزمة لجمع عدة ملفات في الأزمة السورية علاقتها بواشنطن الجديدة تبدأ من سورية وكذلك الحال مع أنقرة وإسرائيل فالدم السوري غالي الثمن، وإن لم تتحرك أنقرة وواشنطن لسحب ملف الأزمة السورية من دائرة علاقتهما مع موسكو سوف يستمر نزف الدم السوري. روسيا لا تتمسك ببشار لأنه حليف بل لأنه ورقة مساومة رابحة تبتز بها منافسيها ويبقي الشعب المسكين يدفع ثمن سياسة لا تعنيه في شيء، ونظام بشار لا يلعب دوراً في الأزمة ولكنه يمثل كرة اللعب لا أكثر.