د. محمد بن حمد الكثيري لا تقل أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين لإندونيسيا، عن تلك الأهمية التي تحظى بها زيارته لماليزيا. فإندونيسيا تعتبر أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان، الذين يتجاوز عددهم المائتي مليون نسمة، والتي خطت في السنوات الأخيرة خطوات ملحوظة في مجال التنمية الاقتصادية، مما جعل المراقبون الاقتصاديون يتوقعون احتلالها مراتب متقدمة، بين أكبر الاقتصادات في العالم خلال السنوات القادمة. بدأت العلاقات الرسمية بين البلدين قبل أكثر من خمسة وستين عاماً، وتحديداً في العام 1950م، وخلال السنوات الماضية وقع البلدان العديد من الاتفاقيات، والتي كان آخرها اتفاقية للتعاون في مجال الدفاع، تم توقيعها في آواخر العام 2014، سبقتها معاهدة الصداقة في عام 1390ه، واتفاقية التعاون الاقتصادي والفني في العام 1401، واتفاقية التعاون العلمي والثقافي في العام 1402ه وكذلك اتفاقية الإعفاء المتبادل من تسديد الضرائب والرسوم الجمركية في العام 1411ه. إندونيسيا بعدد سكانها، وموقعها الجغرافي، والارتباط الروحي الذي يحمله أبناؤها للمشاعر المقدسة وأرض الحرمين الشريفين، تحتل مكانة ذات أهمية كبيرة للمملكة، كما هو الحال في أهمية المملكة بالنسبة لها. فإندونيسيا والتي أيدت تشكيل دول التحالف الإسلامي الذي دعت إليه المملكة في شهر ديسمبر 2015، تحتل المرتبة رقم 16 في الترتيب الاقتصادي العالمي من حيث الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها عضو في مجموعة العشرين، وتمثل أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا مع تصنيفها كدولة صناعية، وحسب تقرير أعدته إحدى الشركات الاستشارية العالمية حديثاً، فإنه من المتوقع أن تقفز إندونيسيا إلى إحدى المراتب الخمس الأولى بحلول العام 2050، مما يجعل علاقتها بالمملكة، والتي هي عضو فاعل في مجموعة العشرين أيضاً، تستحق العناية والاهتمام. التبادل التجاري بين البلدين يصل إلى 19 ملياراً و439 مليون ريال، تمثل الصادرات السعودية منه 98 مليوناً و800 ألف ريال، وتحتل بموجب ذلك إندونيسيا الرقم 21 من بين الدول التي تصدر إليها المملكة، كما أنها في المرتبة 17 من بين الدول التي تستورد منها المملكة، حيث يبلغ حجم صادراتها للمملكة 95 مليوناً و590 ألف ريال، وتتركز السلع المستوردة من إندونيسيا في السيارات بنوعيها الخاص وسيارات الدفع الرباعي والأجهزة وألواح الخشب وزيوت النخيل، في مقابل ما تصدره المملكة إلى إندونيسيا من زيوت النفط الخام ومنتجاتها وبعض المنتجات البتروكيماوية. كما أن السياح السعوديين يمثلون أكبر نسبة سياح إلى إندونيسيا خلال الخمس سنوات الماضية، حيث بلغ عددهم عام 2015 أكثر من 129 ألف سائح. الذي لابد من التأكيد عليه، وفي خضم التحولات والتطورات التي تحدث في العالم، ومع تغير موازين القوى، وما تمر به منطقتنا من حالة عدم استقرار تلعب إيران فيها دوراً رئيساً، سعت للتحضير له، من خلال مد يدها إلى الكثير من الدول في أفريقيا وآسيا، ومع ما تزخر به إندونيسيا من اقتصاد آخذ في النمو والازدهار ولما يربطها مع المملكة من علاقات روحية وأخوية، فإن الاهتمام بالعلاقات مع إندونيسيا وتطويرها يجب أن يبقى هدفاً إستراتيجياً لمصلحة البلدين، خصوصاً أن كلتاهما تعمل وفق خطط وإستراتيجيات اقتصادية وتنموية، تسعى إلى احتلال مواقع أكثر تقدماً في الساحة العالمية، مما يجعل تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية، وبالذات الاستثمارات المتبادلة بينهما، هدفاً ومطلباً لكلا البلدين.