المنطقة العربية تعاني من عدم الاستقرار نتيجة للتدخلات الأجنبية والإيرانية. فإيران بنت سياستها على العداء للعرب من أجل نشر أجندتها السياسية من ناحية وفرض الهيمنة من ناحية أخرى وكأن تنفيذ تلك الأجندة ثمن إيصال الملالي إلى سدة الحكم هناك حيث دخلوا في حرب مع العراق وبدأوا بإنشاء حزب الله في لبنان كما سهل احتلال العراق تغلغلهم في نسيجه الاجتماعي وزرع الكراهية بين طوائفه وأعراقه مما أدى إلى الاقتتال على أساس طائفي حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم. ليس هذا وحسب بل تعداه إلى التدخل في سورية والتخريب في البحرين والمملكة والكويت بالإضافة الى محاولة الاستحواذ على اليمن وكل ذلك من أجل وضع المملكة ودول الخليج بين فكي كماشة. ناهيك عن محاولة نشر أجندتهم في الدول العربية والإسلامية. هذا وقد استمر هذا العبث الإيراني دون مقاومة تذكر حتى انطلاقة عاصفة الحزم التي تحولت إلى إعادة الأمل مدعومة بحزم القيادة ووضوح الرؤية واعتبار درء الخطر الإيراني أولوية قصوى وقد حققت قيادتنا الرشيدة قصب السبق في هذا المجال وذلك استنادا إلى المؤشرات الآتية: * إن الحراك السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني السعودي يصب في خانة إعادة الأمور في المنطقة إلى نصابها وفي مقدمة ذلك حشد التأييد الدولي لسياسة المملكة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وما قيامه بزيارة كل من ماليزيا وإندونيسيا واليابان والصين وبروناي والمالديف والأردن وما قبلها. وزيارة معالي وزير الخارجية إلى بغداد إلى جزء من ذلك الحراك الميمون. * عاصفة الحزم التي تحولت إلى إعادة الأمل في اليمن لدعم الشرعية هناك أصبحت تحظى هذه الأيام بدعم دولي منقطع النظير بالإضافة إلى تمكن جحافل الجيش اليمني من تحرير معظم مناطق اليمن وأصبح النصر يلوح في الأفق وعزز ذلك بالتحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب. * القضاء على داعش أصبح قاب قوسين أو أدنى وقد سبقه تحجيم القاعدة وسوف يعزز هذان الإنجازان تحجيم مليشيات الحشد الشعبي وحزب اللاة وأشباههما. * في سورية هناك محاولة لفرض حل من نوع ما تكون جميع الأطراف السورية مشمولة فيه وهذا لن يتم إلا بخروج جميع الأطراف الخارجية من سورية وفي مقدمتها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله من هناك. * بوادر السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة تقوم حسب المعلن على تقليم أظفار إيران وتدخلاتها الإقليمية. وإذا تم تحويل هذه التوجهات المعلنة إلى واقع ملموس فإن الهدوء سوف يعود إلى المنطقة - ولو مؤقتا - لأن السياسة تحكمها مستجدات المصالح والتحالفات الإستراتيجية ومستجدات التنافس بين الدول الكبرى على مناطق النفوذ والأسواق ومصادر الثراء وغيرها. * كل ذلك وغيره جعل إيران معزولة وتغرد خارج السرب الإقليمي والدولي ومع احتمال عودة مقاطعتها اقتصاديا سوف تصبح أمام ثلاثة خيارات هي: الأول: العودة إلى العقل والكف عن التدخل في شؤون الآخرين وإقامة علاقات حسن جوار معهم وهذا يتيح لها الالتفات إلى الداخل الإيراني وتنميته وبناء دولة مؤسسات مدنية وانتشال الشعب الإيراني من أتون الفقر والعوز والفاقة. والثاني: الاستمرار في الغرور والعنجهية والصلف والتدخل في شؤون الآخرين ودعم الإرهاب والطائفية مما يعني استمرار العزلة وحتمية عودة المقاطعة والحصار وزيادة معاناة الشعب الإيراني مما يحتم ثورته والإطاحة بجلاديه ناهيك عن أن ذلك مفتاح الخيار الثالث. الثالث: المواجهة العسكرية - وهذا إن حدث - فإنه سوف يكون بمثابة دمار للمنطقة بكاملها بما في ذلك إيران مع العلم أن هناك قوى مستفيدة تدفع بهذا الاتجاه وتعمل على تفاقمه وإشعال فتيله تدريجيا. وفي كل الأحوال يجب علينا أن نجمع بين التفاؤل واستمرار التفوق العسكري والأمني جنبا إلى جنب مع التنمية والبناء وكسب مزيد من الحلفاء. والله المستعان.