وسط الجدل المحتدم بين المسلمين في الغرب وبين دعاة العنصرية الغربيين تظهر لنا ملامح ثقافية واجتماعية تفسر المشهد المكتظ بالسياسات المتطرفة والسلوكيات المتجاوزة منطق الاحترام، لماذا هذا التجاوز وعلى أي مائدة تتغذى العنصرية؟ سلوك الغرب في الغالب سلوك ملتزم بقانون، وسلوك العرب سلوك عادات وتقاليد أكثر منه سلوكا قانونيا، وهنا تبرز طبيعة الصراع بين القانون الذي قد يكون في جزء منه عنصريا، والتقاليد والأعراف التي في أغلبها عنصرية. نشر قبل يومين في بعض وسائل الإعلام المحلية، عن زوجة وزوجته "سعوديان" ارتكبا مخالفة يمكن وصفها بالجنائية حسب القانون الأميركي، فشرطة تكساس عثرت على طفل رضيع داخل سيارة مقفلة بالكامل أمام سينما، وعلى الفور قامت الشرطة بفتح السيارة وطلبت المساعدة الطبية للتأكد من الوضع الصحي للطفل، في هذه الأثناء خرج والدا الرضيع من السينما، وسط التزاحم الأمني عند الطفل والفريق الطبي الذي طمأن الجميع على صحة الطفل، الأبوان وقفا باستغراب من هذا الجمع المزدحم وقالا إنهم والدا الطفل، هما كانا في السينما ووضعا الرضيع داخل السيارة، وعند نهاية الفيلم رجعا لطفلهما، وليس في الأمر ما هو غريب، وهذا سلوك طبيعي في بلدهما، أن يضع الأهل طفلهما في السيارة ويذهبوا لمقصدهم الترفيهي، نتوقف أمام إجابة الوالدين: هذا أمر طبيعي في بلدنا، أي أن تحبس طفلا رضيعا داخل سيارة لمدة من الزمن بدون أن يكون برفقة أحد راشد أمر طبيعي، هذه الإجابة الصادمة للقانون في الغرب هي من تشكل صورتنا عن الآخر، فالأكيد أنهم سوف يرون ثقافتنا ثقافة خطرة على الأطفال، ولا تمثل الحد الأدنى من الرعاية والاهتمام، ولو حاول أكبر عنصري في الغرب تشويه صورة الإسلام، لم يجد أبلغ من هذه الإجابة للاستشهاد بها على أن الإسلام دين خطر على الأبرياء.. في هذه الإجابة قد تخلص نفسك من تهمة، ولكنك عرضت مجتمعا بالكامل وبلدا وثقافة للاهتمام، ومسحت بإجابة مراوغة وخادعة، أغلب الإنجازات التي صنعها سعوديون أفذاذ في بلاد الغرب سواء على المستوى الإنساني أو العلمي، وقضيت على جهود كبيرة تحاول تغيير الصور النمطية السلبية المزروعة في ذهن الإنسان الغربي عن الإسلام، ولعل الجهود في المستقبل تتوجه لمكان آخر غير الغرب لتصحيح الصورة، فتشويه صورتنا نحن المسؤولين عنها، وإجابة الزوجين دليل وحجة للآخر علينا، فثقافة لا تحافظ على سلامة أطفالها من المؤكد أنها تشكل خطرا على أطفال الآخرين.