يبدو بأن مساعي وزارة الإسكان في تشجيعها للمطورين العقاريين باستخدام البيوت الجاهزة المتوافقة مع كود البناء السعودي لم تنجح كثيرا مع عقاريين يرون بأن هامش الربح الذي ستحققه لهم البيوت الجاهزة لا يضاهي الربح الكبير والمضاعف الذي سيجنونه من وراء المباني الاسمنتية التقليدية والتي يصل الفيلا السكنية فيها إلى أضعاف سعر البيوت الجاهزة، الأمر الذي خلق لدى المواطن ردة فعل غير جادة تجاه مثل هذه المساكن الجاهزة والتي يخشى بأن لا تكون مطابقة للسكن القوي ومواصفات المتانة التي أعتاد عليها في المسكن التقليدي. وقال محمد السويد -خبير في أسواق المال- من أهم الأسباب المتعلقة بالعزوف عن الإقبال على البيوت السكنية الجاهزة يتعلق بثقة المستثمرين بالاقتصاد، لأنه أصبح هناك تحول كامل بالسياسة الاقتصادية من سياسة تعتمد على الدعم والصرف الحكومي إلى سياسة رأس مالية والتي اعتمدت سحب الدعم بشكل تدريجي حتى يتم سحب الدعم بشكل كامل وفرضت رسوم وخفضت من الصرف الرأس مالي، والسبب الثاني: يتعلق بجميع سلسلة القيمة وهي التي تتعلق بالمطور والمستثمر والمقاول فهناك تغير حاصل في القطاع العقاري فوزارة الإسكان استحوذت على جميع المتقدمين على العقار والوحدات العقارية ومعظم عملاء وزارة الإسكان من متوسطي الدخل ومنخفضي الدخل، فلا يملكون القدرة على شراء الوحدات المتاحة حاليا بأسعار مرتفعة، موضحا بأن القطاع العقاري حدث به تغير وجميع العملاء يرغبون بالسكن بسعر محدد فالقطاع العقاري نفسه لا يستطيع أن يجتمع مع نفسه سواء من مقاول أو مطور أو ممول فالجميع ليس لديه القدرة على التكيف مع ما يحصل في السوق العقارية من تغيرات وبأنه لم يعد هناك إقبال على الوحدات المرتفعة السعر وبأن هؤلاء يمثلون أصحاب الدخل المتوسط والأدنى فالجميع من هؤلاء المستثمرين لم يعودوا قادرين على العمل، ولكي يقدموا وحدات بتقنية البناء الجديدة يتطلب ذلك قدرة وهو لا يملك القدرة على العمل في القطاع نفسه في ظل الظروف الحالية، والاقتصاد لا يشجع، كما أنهم كمستثمرين لديهم شك بأن المشترين سيقبلون على مثل هذه الوحدات السكنية الجاهزة. وأكد السويد أن البناء السكني الجاهز مناسب وهو موجود في الولاياتالمتحدة ومعتمد في أكثر منطقة تتميز بذات المناخ الذي يتصف به مناخ السعودية من حيث كونه جاف وحار فالبيوت الجاهزة مناسبة من حيث الاجواء المناخية إلا أن المشكلة في المطور الذي لا يرغب في تطوير مثل هذه المساكن لأنه يخشى من المستفيدين بأن لا ينال إعجابهم مثل هذا التطوير، ويرفض أن يتخلى عن القطاع الذي يأتي له بربح أكبر فيفضل أن يبقى في المنطقة الآمنة وأن يبيع الفلل المبنية بالبناء القديم والذي يباع بأكثر من مليون أو مليونين، بدل أن يطور وحدات صغيرة قد لا تباع ولا تشترى، لأن الطبقة الثرية أكثر ربح للمطور فلا يفضل المخاطرة في مساكن جاهزة من جهته أوضح الدكتور عبدالعزيز العرير عضو مجلس الشورى السابق: إن هناك بعض المواطنين الذين يبنون مساكن من أجل التربح وتوجد بها ثغرات فيجب أن يتم التثبت منها حتى لا تكون ببناء تجاري، إلا أن الهيئة الهندسية تستطيع أن تكشف أي خلل يوجد في مثل هذه المساكن مع أخذ ضمانات تضمن جودتها لسنوات طويلة حتى يتغلب على خوفه، مبينا أن هناك أنواعا من البيوت الجاهزة، فهناك نوع يتكون من الخشب والجبس وهناك البريكاست والذي يتكون من الحديد وهو لايختلف من حيث الجودة عن المساكن القديمة كما أنها أرخص في السعر وتمتاز بسرعة البناء، إلا أن المواطن يتردد في شراء مثل هذه الوحدات السكنية الجاهزة خوفا من موادها الرخيصة أو شراء أدوات صحية رخيصة، كما قد يكون البناء مستعجل فهناك عيوب يجب أن تكتب كتعهد على البائع قبل الشراء وأشار العرير إلى أن مثل هذه البيوت الجاهزة في التركيب تستعمل في الكثير من الدول ويجب أن لا يحرم الإنسان الفقير من تملك مسكن فهناك بعض البريكاست مضمون ويتحمل أكثر من 25 سنة ولا يقل من حيث الجودة عن التقليدي، أما النوع الذي يعتمد على الخشب فمدة حياته قليلة ولكن نجد في أمريكيا على سبيل المثال يطول عمرها مع الصيانة أما بعض الشروط التي تضعها البلديات فقد أسهمت في خلق قاعدة الغلاء للمنازل، فيشترطون في مواصفات الحديد أن يصل 18 مل أو 16 مل وهي موصفات لعمارة أو طابقين وليس لبيت من طابق واحد، ولذلك فعلى الفرد أن يشتري مثل هذه المساكن الجاهزة من شركات معروفة بهذا المجال وأن لا يشتري من شخص لا يعرف خبرته في هذا المجال، لأن بعض الشركات دخلت بقوة بالتعاون مع وزارة الإسكان وهذا ما ينقص السوق ولذلك فإن تنظيم عمل المطورين أفضل من أن يترك عملهم للمشترين المحليين فوزارة الاسكان كانت تعتمد على نفسها في البناء بينما حينما يتم الاعتماد على مطور ويقوم بعمل التصاميم وتخطيط المنطقة ويملك أحيانا الارض فإن هذا يوفر الكثير على الوزارة ويرى المهندس سالم الفضلي مدير مؤسسة للمقاولات أن سعر مثل هذه المنازل الجاهزة ليست أقل بكثير عن المنازل التي تعمل بالخرسانات بالطريقة التقليدية، ولكن الميزة فيها سرعة البناء والتسليم أما فيما يتعلق بالسعر للوحدة فيعتمد على مواصفات المسكن فهناك مساكن مستوردة لا تعمر كثيرا وجودتها ليست عالية، ولذلك غالبا ما يتجه الناس لبنائها كملاحق أو استراحات أو منتجعات وليس لسكن منزلي، فمازال هناك تخوف من مثل هذه المساكن، فمثل هذه المساكن الجاهزة قد تفتقر إلى الجودة الموجودة في المسكن التقليدي فليس هناك مقارنة، مبينا بأن الناس مازالوا يخشون هذا المنتج لأنهم لم يتعرفوا عليه بشكل جيد، وفي النهاية مواصفات المساكن الجاهزة تحدد مدى جودتها فهناك مواصفات حديثة ولكنها غالية بجودة عالية فقد يصل المتر إلى 1300 ريال، وربما تباع فيلا سكنية بمساحة 500 متر لدورين قد تصل إلى نصف مليون أو 700 ألف فالمساحة تحدد المبلغ لمثل هذه المساكن، إلا أننا كمؤسسة لا نحبذها كثيرا بناء على المواصفات المتاحة فربما يبقى المنزل جيد حتى 20 سنة وهو مقاوم للعواصف والحرارة الشديدة وربما مع الصيانة يطول عمرها إلا أنها في المناطق الرطبة قد لا تتحمل كثيرا بخلاف المناطق الباردة أما من يتهم العقاريين بأنهم يعزفون عن مثل هذه المساكن الجاهزة لربحها القليل فأوضح الفضلي بأن الربح معقول إلا أنه لم يتم الدخول في الاستثمار العقاري فيها بشكل جاد كمجمعات سكنية، فهناك بعض الشركات قدمت منتجا ضعيفا من البيوت الجاهزة وهناك شركات قدمت منتجات جيدة وبأسعار جيدة كبعض الشركات الالمانية والتركية والصينية بمواصفات عالية الجودة. ورفضت فوزية الكري المدير التنفيذي لمؤسسة مقاولات ما يتم توجيهه لهم بأنهم لم يعتمدوا البيوت السكنية الجاهزة لربحها القليل، فالبيوت الجاهزة في الفترة الأخيرة من حيث التشطيب والمواصفات دون المستوى، وهذا ما لا يشجع الناس على الشراء فهناك منازل آيلة للسقوط بسبب المواصفات غير الجيدة، فهناك بعض المستثمرين الذين يمتلكون أراضي ويرغبون ببناء مساكن عليها أصبحوا يعتمدوا في البناء على المقاولين الصغار وبسعر رخيص، وهؤلاء المقاولون مكتسبون وليسوا متخصصين، بل هم دخيلون على المهنة ولا يملكون الجودة فيقوموا بالبناء لفيلا سكينة تحافظ على قوامها عشرات السنين ولكنها بمواصفات رديئة، وهذا ينطبق على المساكن التي تبنى بالخرسانة أيضا فهناك خلل في السباكة والكهرباء والمواد الصحية فأصبح هناك غش تجاري كبير فخلق تخوفا نحو البيوت السكنية الجاهزة على الرغم من وجود بعض الخامات من المساكن بجودة مرتفعة كالألماني والتركي والذي يتصف بمواصفات وجودة كبيرة مبينة بأن الناس لم يعتادوا على المساكن الجاهزة بل اعتادوا على الإسمنت والخرسانة فيرفض أحدهم مثل هذه المساكن خاصة بأنه يدفع في الوحدة 600 ألف ريال فيفضل شراء فيلا إسمنتية على الرغم من وجود بعض البريكاست بمواصفات عالية إلا أن المشكلة في المشتري الذي لا يجد ضمانات تضمن حقه في السكن في حال حدث خلل، وفي المقابل المقاول الذي يثق بعمله فإنه يقدم الضمانات والعهود وأشارت الكري إلى وجود بعض الشركات الكبيرة والمتخصصة في البريكاست وهي شركات من أجود الشركات التي تبني البيوت الجاهزة ويمكن لوزارة الاسكان التعاون معها لبناء المنازل الجاهزة ويمكن أن تقدم منازل جاهزة بمواصفات مميزة، إلا أن الأفراد بحاجة إلى الضمانات التي تكفل مثل هذه المساكن.