في غير موقف راهنت على سرعة التغير الاجتماعي, وراهنت أن حراك المجتمع الثقافي والاجتماعي السعودي سيختصر عشرات بل مئات من السنوات لحدوث التغير وملامستنا له على أرض الواقع, شواهد التغير كثيرة, والراصد المتابع يجد أن داخل مجتمعنا حالة عالية من التغير بين كافة طوائفه وشرائحه الاجتماعية والفكرية والعلمية. الأستاذ الجامعي اليوم ملزم باختياره أو دون قناعته أن يستخدم كافة وسائل التواصل الاجتماعي ليكون مع طلبته على مدار الساعة ووقار المحاضرة التي يقف فيها سابقاً مرتكزاً على ثرائه المعلوماتي لم يعد موجوداً فالطالب والطالبة يملك ثراء معلوماتياً وإن اختلف لم تعد الأفواه مفتوحة اندهاشاً.. النساء باتت ثقافة الصورة لا تخيفهن كما كان في السابق, أصبحن من نجوم منصات التواصل الاجتماعي بل أصبح المتابعون يعرفون مطاعمهن المفضلة وألوان حقائبهن ورحلات سفرهن.., الرافضون للكثير من معطيات العصر باتوا يفاخرون بإجادة الاستمتاع بها وليس فقط استخدامها.., لم تعد الصورة بتلك الحرمة ولم يعد صوت المرأة بذلك المنكر.., والمؤكد أن عمل المرأة بات ضرورة اقتصادية.. ومن شواهد التغيرات مساحة الأسرار العائلية ضاقت إلى حد تضاؤل الخوف من الحسد فهي ثقافة لا يتقبلها الشباب والفتيات بل يعتبرونها نوعاً من الوهن الشخصي وضعف الإيمان بالله. ثقافة النقاش والجدل لم تعد تخضع لهيمنة اللقب العلمي بل باتت باباً مشرعاً يمكن للجميع الولوج فيه بل والتوغل في انكار الرأي الآخر ووفق منهج علمي متاح للجميع.. من شواهد التغير الاجتماعي والثقافي أن امرأة تقف على المنصة مغردة بشعرها العاطفي دون حاجة للاختباء وراء اسم رمزي, ويمكنها أن تسجل موقفها من القبيلة دون الاحتماء بلغة التورية, ومن شواهد التغير الاجتماعي والثقافي إنك لا تدخل اليوم فعالية عامة إلا وتجد أمامك فتيات وشباباً في عمر الزهور يباهون بمنتجهم ويبدعون في تسويقه دون خجل من بيع شطيرة أو برغر أو كأس شاي على الجمر أو عباءة نسائية ودون أن ينكسر في داخله شيء من كبريائه او ينشغل أحدهما بمتابعة الآخر لعل وعسى ان يحظى بنظرة..؟؟ من شواهد التغير ان نسبة النساء المعيلات لأسرهن تفوق 23 % ونحن مازلنا في بدايات تسجيل حساب المواطن.., من شواهد التغير ان الفعاليات المتاحة للأسرة تحظى بحضور عالي.., من شواهد التغير ان مجموعات الواتس اب باتت تشكل حواراً ثقافياً بين الجنسين دون توقف عند الاختلاف النوعي لإبداء الرأي او الذائقة الفنية او الأدبية او الجمالية بعمومها.. وغير ذلك, كل هذا الحراك المتسارع يتطلب من بعض مؤسسات الدولة ان تقابله بحراك اسرع, لتغيير بعض انظمتها او تطوير بعض خدماتها.. فخطى الحراك لم تعد تمشي بل تركض..