المتابع للمشهد السعودي يرى دون حاجة لمجهر أو محلل أنه يعيش حراكاً قوياً وصاخباً، صوته بات مسموعا من الجميع وليس صدى داخل أذان النخبة فقط....؟؟ ايضا المتابع لذلك الحراك يلمس وبشكل واضح ان الحراك الاجتماعي والسياسي تخطى بخطوات حراك الخطاب الديني رغم أنه- أي الخطاب الديني- تحرك .... سرعة الحراك الاجتماعي على وجه الخصوص مع ضعف منهج الاجتهاد أو تفعيل فقه الواقع كان سبباً في حالة (الصدام ) التي عاشها ويعيشها المجتمع السعودي حول بعض المواقف، ليس لأنها مهمة وخطيرة بذاتها ولكن الحراك الاجتماعي كان متسارع الخطى لدرجة أن بعض المحسوبين على علماء الصحوة تغيرت مواقفهم الفكرية بدرجة كبيرة قد تصل الى (180)درجة، وهي -أي تلك التحولات الفكرية- تأتي في سياق سرعة الحراك الاجتماعي والسياسي الذي استوعبه بعض علماء الدين.. بين تسارع الحراك الاجتماعي والسياسي من جهة، وضعف منهج الاجتهاد من جهة اخرى. برزت حالات من المخاض المتعسر لبعض البرامج الاقتصادية أو التعليمية وحاول البعض إيقاف تدفق التغير مرة، وتحريم التغيير مرة أخرى ...؟ ربما خشية قوة التدفق خاصة، وأن ينابيعه تنطلق لصالح حراك المرأة التي اعتاد المجتمع على إحاطتها بخطاب (المفروض) دون اعتراف بحقيقة الواقع الذي تعيشه الكثير من النساء....؟فهي بين الدرة المكنونة ونظام اجتماعي حولها لإنسانة بكامل الواجبات دون أي حقوق أصبحت سريعة الاستعداد لهذا الحراك الاجتماعي الذي تتوقع ان يخرجها من حالة الهلامية في حقوقها التي شرعها الاسلام ورفضها البعض باسم الاسلام...؟؟ المفارقة الجديدة في الحراك الاجتماعي والحراك السياسي كشفت نقطة مهمة وهي ان النظام السياسي اصبح شريكا اقوى في التغيير الاجتماعي بل وتنشيطه حيث تجاوز الكثير من الحواجز ليقف أمام واقع جديد يتطلب زيادة الأخذ بمنهج الاجتهاد وفق رؤية شرعية تنظر للمصلحة العامة وتستطيع عمليا الفصل بين الفتوى للفرد والفتوى للجماعة ,مع ضرورة الاستعانة بعلماء في المجالات المختلفة لتعميق منهج الاجتهاد مع قدرة على استيعاب المتغيرات والمتطلبات المعاصرة بإدراك ووعي بأن صلاح الاسلام لكل زمان ومكان ارتكز على منهج الاجتهاد لعلماء العصر .....,وتبقى حالات الصدام الحالية بين التغير الاجتماعي وتباطؤ الاجتهاد حالة طبيعية ترتفع وتنخفض حسب سخونة التعاطي الاعلامي معها...؟ويبقى الشاهد فيها أن العقل المجتمعي تجاوز ثقافة التفكير بالانابة الى ثقافة التفكير بالمشاركة مع إمكانية القبول والرفض بكل وضوح....