في خضم تنافس القوى الكبرى على الأسواق والمناطق الإستراتيجية ومناطق الوفرة والفوز بالعقود أصبح استحداث الحروب أحد الخيارات المفتوحة لتحفيز عجلة الإنتاج والتصدير والحصول على عقود إعادة الإعمار ولهذا أصبحت الحروب تؤجج ويدعم استمرارها لأهداف سياسية وأمنية واقتصادية. ولعل ما يحدث في العراق وسورية وليبيا واليمن ونشر الإرهاب جزء من ذلك السيناريو الذي لا شك أن الجهل والانتهازية أحد أسباب تفشيه. واليوم أصبح الاستعداد المسبق للفوز بجزء من كعكة إعادة الإعمار الذي قدرت تكاليفه في سورية وحدها بأكثر من (200) مليار دولار أمرا مشاهد. وفي هذا الخصوص ذكر مجلس الأممالمتحدة الاقتصادي والاجتماعي لغرب آسيا (الاسكوا) أن أكثر من ثلث الثروة العقارية في سورية قد دمرت حيث دمر أكثر من (7000) منزل فضلا عن تضرر البنية التحتية ل (500) ألف منزل آخر وتدمير (4500) مدرسة وقد تركز التدمير على مدن حمص وريف دمشق وحلب ودرعا ودير الزور وغيرها. وبسبب ذلك خسرت سورية أكثر من نصف الناتج المحلي حيث طالت الأضرار جميع القطاعات بنسب مختلفة. وإذا أضفنا إلى ذلك مشروعات إعادة الإعمار في كل من العراق وليبيا واليمن يصبح رقم التكلفة فلكيا تتنافس على الفوز به قوى إقليمية ودولية. والاستفادة من ذلك يتم بطرق مباشرة وغير مباشرة. ولذلك تعقد تحالفات واتفاقيات سرية وعلنية. هذا وقت جرت العادة عقد مؤتمر للمانحين للمساعدة في عملية إعادة الإعمار إلا أن في التبرعات النقدية تذهب أدراج الرياح بسبب الفساد ولهذا فإنه من الحصافة تقديم الدعم بصورة عينية وهذا له فوائد عدة منها استفادة برنامج إعادة الإعمار من تلك المساعدات واستفادة شركات ومصانع الدولة المانحة لتلك المساعدات أيضا لأن ذلك الأسلوب ينشط عجلة إنتاجها ويفتح أسواقا لتصريفها وينعش اقتصاد دولتها. إن إعادة الإعمار لا تتم إلا في ظل الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية بشرط خروج المليشيات إلايرانية وأعوانها من سورية والعراق وكف يدها عن التدخل في شؤون الآخرين وذلك كضمان لاستتباب الأمن والاستقرار. نعم السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي الاستعدادات التي تم اتخاذها لجعل مشاركة المملكة في إعادة الإعمار في الدول المتضررة مضمونة ومفيدة؟ وذلك في ظل التنافس والاستعداد الجاد الذي تطرحه الدول الكبرى والدول المجاورة لسورية مثل لبنان وتركيا والأردن للفوز بعقوده. إن القرار الدولي بإعادة الأمن والاستقرار إلى لبنان قد اتخذ لأن هذا القرار الجيوسياسي والإستراتيجي له أبعاد اقتصادية ومصالح تتصل بصفقات إعادة الإعمار في سورية التي بدأت تظهر معالمه منذ الآن وتبرم اتفاقياته خلف الكواليس. ولا شك أن استقرار لبنان سوف يجعله مقرا ومعبرا أساسيا للشركات العربية والأجنبية المشاركة في إعادة الإعمار, حيث يسهل نقل مواد البناء والمعدات والأيدي العاملة وتوفر الطرق التي تربط الساحل اللبناني بالداخل السوري ناهيك عن أن لبنان له تجربة في إعادة الإعمار بعد الحرب الأهلية التي شهدها. هذا وقد أشارت المعلومات إلى أن الشركات الخليجية والأجنبية أعدت العدة للمشاركة وتنتظر ساعة صفر انطلاق عملية إعادة الإعمار. وعليه ألا يمكن طرح هذا الموضوع على المجلس الاقصادي لسبر أبعاده لأهميته إن لم يكن قد طرح بالفعل؟ والله المستعان.