الا أيها المكَاء مالك هاهنا ألاء ولا أرطى فأين تبيض فأصعد الى أرض المكاكيَ واجتنب قرى الشام لا تصلح وأنت مريض هذا الاعرابي الذي لفظته صحراء نجد في ظرف ما حتى أثقله المرض في الشام لم يجد من يخاطبه في اشتداد مرضه سوى طائر المكاء (أم سالم) عند ما كانت تشاركه الغربة فأخذ يلومها على البقاء بعيدا عن ارض المكاكي وموطن شجرة الارطى.. شجرة تراب نجد المتأصلة في وجدان ومشاعر كل من وطأ أرضها وصار اسمها المفردة التي لا تغيب عن ألسنتهم في الفرح والترح حتى أن شعراء مثل محمد بن عمار صاحب الالفية الشهيرة ولشدة ارتباطه وجدانيا بهذه الشجرة استنتج لنا من حمرة عروقها المشربة بالبياض وهو على حافة الجنون وصفا لا يمكن أن يتنبه له الا المحب المتعمق في معرفة أدق التفاصيل عنها: الراء اردوف صويحبي ثقلنهه وانهود للثوب الحمر شلّعنه والباسها ما احلى بياضه وفنّه من فوق جسمٍ فيه من عرق (الارطاة) (ارطاة) غرمول ذرته الذ واري والله يا لولا اني عن الترف اداري لاضوي عليها مثل ذيب الغداري جايع وبالغابة عياله مجيعات ولفت ذلك انظار حتى الزوار الاجانب الذين وجدوا العلاقة بين البدو وشجرتهم لا تتوقف عند فوائدهم منها كشجرة احتطاب او مرعى او صناعة او علاج بل تتعداه الى ما هو ابلغ واشمل عند ما وجدوها تحتل حيزا فطريا من وجدان وعاطفة ابن الصحراء عبر عنه بالتغني بها والدفاع عنها والتعامل معها بقدر حاجته منها. ومن الطريف ما ذكره أحد هؤلاء الاوروبيين الذين زاروا الجزيرة العربية بداية القرن الماضي ولاحظ استخدام البدو للشجرة كبلسم يمزج مع مياه الابار المالحة لتخفيف ملوحتها وصناعة بعض البدو من اوراقها وثمارها طعاما لذيذا يسمى المكيكة واعتقد حينها أن اوراقها بعد التجفيف من الممكن أن تكون بديلا معقولا لأوراق الشاي الذي يحبه العرب ويشربونه بشراهة. قال ذلك بعد ان جربه بنفسه ووجد الفرق بينه وبين ورق الشاي بسيطا ويمكن معالجته ببعض الاضافات الاخرى حتى يصبح شايا حقيقيا. شجرة الارطى التي نحن بصددها تعرضت في السنوات الاخيرة الى عمليات احتطاب لا يبقي ولا يذر خصوصا في صحراء القصيمالشرقية المشتركة مع نفود الثويرات أو هي الثويرات التابعة لمحافظة الزلفي ولم تفلح وزارة الزراعة بإيقاف عبث مناشير وسلاسل الحطابين التي كانت تستخدم دون اكتراث وتجتثها جرا من تخوم الارض وظهر عجزها بشكل جلي وهي تسند عملية مراقبة المراعي الى شركات هزيلة تخوض المعركة وفقا للمثل الشعبي (ناطح السيل بعباته) فلا هي التي وفرت حراس غابات ولا سيارات كافيه ولم توفر لحراس الغابات كما اسمتهم حتى ابسط وسائل المساعدة لأداء مهامهم كالمناظير واجهزة الاتصال اللاسلكي بل انها صارت تقنن لهم عدد الكيلو مترات اليومية وكميات استهلاك الوقود. في السنوات الاخيرة لم تعد مشكلة الارطى مشكلة احتطاب جائر وسلاسل ومناشير بترولية بل كان مرضا غامضا قضى على مساحات واسعة من اشجار الارطى ولفت انظار المترددين على اماكن انباتها موت الشجرة في مكانها وتيبس اغصانها وتوقف أي نمو جديد منذ ما يقارب الخمس سنوات وهو الامر الذي حرك زراعة القصيم ممثلة بفرع وزارة الزراعة بمحافظة الأسياح وبمديرها راكان الحربي وزملائه الذين حسب ما علمت "الرياض" عاينوا المنطقة ووقفوا عليها واخذوا صورا وعينات من المقرر ارسالها الى جامعة القصيم ومركز الابحاث لدراسة الظاهرة وتقصي اسباب موتها بهذه الطريقة التي لم تحدث من قبل بعد ما تبين موت أكثر من 90% من الاشجار وان الموت بدأ بالفعل من خمس سنوات وانقطع الارطى بشكل شبه نهائي من بداية النفود المنبتة للشجرة بعمق حوالي 3 كيلو مترات. "الرياض" من جانبها تدعو الى تحرك عاجل اكبر واشمل من جميع الهيئات المعنية بالبيئة ومن مراكز الابحاث المتخصصة وكافة من يعنيهم الامر في المنطقة للوصول الى الاسباب الحقيقية لموت هذه الشجرة خصوصا وان بعض تقارير المعاينة تشير الى أن اشجار الارطى المحمية داخل سياجات المزارع المنبتة للأرطى في هذه الصحاري بقيت في حالة جيدة وهي بعيدة عن مصادر المياه بينما كان هناك اشجار مجاورة ولكنها خارج السياج طالها المرض أو الموت. مرض غامض يقضي على شجرة الأرطى زراعة القصيم تبذل جهوداً لمعرفة أسباب موت الأرطى