يتميز كل فصل من فصول السنة بامراض معينة نتيجة للظروف المناخية والسلوكية التي نعيشها. امراض الشتاء الاوسع انتشارا، والتي قد تصيبنا او تصيب اطفالنا، تشمل: الزكام، التهاب الحنجرة، السعال، الانفلونزا والتهاب المسالك التنفسية. وعادة يكون المسبب لهذه الامراض، فيروسات تنتقل من شخص لاخر عبر العطاس والرشح كما يعتبر شلل العصب السابع أحد تلك الأمراض التي تكثر في فصل الشتاء. العصب السابع هو واحد من اثني عشر عصباً تغادر جذع الدماغ لنقل السيالات العصبية لاجزاء مختلفة غالباً في محيط الرأس والوجه مثل عضلات حول العينين واللسان وغيرهما. شلل العصب السابع أو العصب الوجهي قد يظهر نتيجة عدة اسباب تكون بسبب خلل في أي جزء من مسار العصب من جذع الدماغ وحتى وصوله الى عضلات الوجه فأورام الدماغ والجلطة الدماغية واصابات الجمجمة احد تلك الاسباب ولكن احيانا قد لا يكون هناك سبب محدد حيث يعرف بشلل "بيل" وذلك نسبة الى عالم التشريح الاسكتلندي تشارلز بيل، الذي كان أول من وصف تلك الحالة، ويعتبر اكثر انواع شلل العصب الوجهي شيوعا وهو ما يطلق عليه ايضا "أبو الوجيه" حيث يظهر على شكل شلل مفاجئ، حاد، جزئي او كامل غير معروف السبب لجانب واحد من الوجه خلال يوم واحد ويتعافى تلقائيا خلال أسابيع وقد يتم الشفاء بشكل كامل خلال فترة 3 الى 6 أشهر. الأسباب من المرجح أن حالة التهاب تنشأ في ذلك العصب تؤدي إلى تورمه وحيث ان العصب يغادر الجمجمة خلال قناة عظمية ضيقة تحت الأذن فان ضغط العصب الملتهب داخل تلك القناة العظمية الضيقة يؤدي في النهاية إلى ضرر العصب وإيقاف السيالات العصبية التي تحرك عضلات الوجه ويعتقد من خلال التجارب المخبرية أن فيروس الهربس من النوع الأول له دور في ذلك الالتهاب. تزداد احتمالية الإصابة به مع تقدم العمر وقد وجد أن العامل الوراثي يدخل في 4-14% من الحالات. يعتبر مرضى السكري معرضين للإصابة بشلل العصب السابع بأربع مرات من غيرهم. النساء الحوامل أكثر عرضة من غيرهن بثلاثة أضعاف تكثر الإصابة أيام الشتاء حيث قد تترافق الإصابة مع الرشح وأمراض البرد. تشير الدراسات إلى انه قد يترافق مع إثارة بعض الفيروسات الكامنة والموجودة في الجسم في حالة خمود دون تسببها في حدوث أي أعراض والتي تتأثر ببعض العوامل التي تعمل على تنشيطها مثل الصدمات النفسية أو العاطفية وعند التعرض للبرد. الأعراض العصب السابع يتحكم في حركة عضلات الوجه بما فيها حركة الجفنين، الابتسامة، إفراز الدموع واللعاب ويغذي عظمة الأذن الوسطى الصغيرة كما انه ينقل إحساس التذوق من ثلثي اللسان الأمامية ونتيجة لحدوث الشلل الجزئي او الكامل له تظهر الأعراض التالية: جفاف في الفم والعينين بسبب نقص افراز اللعاب والدموع. يبدو الصوت في الأذن في الجهة المصابة أعلى من الصوت الطبيعي كما قد يترافق مع ألم في الأذن في الجهة المصابة. العصب السابع يغذي عضلات الجبهة ايضا ولكن ينبغي تحديد ما اذا كانت عضلات الجبهة بمنأى عن الإصابة وذلك لخصوصيتها التشريحية حيث ان عضلات الجبهة تتلقى الاعصاب المغذية لها من كلا نصفي المخ لذا فان عدم تأثر عضلات الجبهة يشير الى تأثر العصب الوجهي على مستوى جذع المخ اما عند تأثر العضلات فهذا يشير الى الاصابة الطرفية للعصب. ولفحص مدى تأثر العصب الوجهي فانه يطلب من المريض مايلي: 1) رفع الحاجبين وهذا الفحص للكشف عن ما اذا كانت عضلات الجبهة قد تأثرت ام لا؟ حيث تظهر التجاعيد في الجبهة السليمة عند رفع الحاجبين. 2) اغلاق العينين بقوة ومحاولة فتحهما بلطف من الطبيب حيث يلقى الطبيب مقاومة وذلك عندما تكونان سليمتين. 3) الابتسامة حيث تظهر التجاعيد في الوجنة السليمة وتبقى المنطقة المشلولة منبسطة دون تجاعيد. قد تترافق معه اعراض عصبية أخرى مثل الاحساس بوخز في الوجه، صداع، آلام في الرقبة، ضعف في الذاكرة، مشاكل في الاتزان وضعف في حركة الأطراف. المضاعفات قد يفقد المريض حاسة الذوق نظرا لان العصب الوجهي يغذي مقدمة اللسان، كما انه قد يحدث التهاب في القرنية لأن المريض في حالته لا يستطيع اغلاق جفنيه مما قد يؤدي الى جفاف القرنية بالاضافة الى ذلك يفقد المصاب حاسة الانعكاس العصبي للجفنين في حالة قرب جسم غريب من العين وفي تلك الحالة ينصح باستعمال بعض أنواع القطرات المرطبة والتي تعمل عمل الدموع بالاضافة الى استعمال بعض المراهم وتغطية العين خلال فترات الراحة وخلال النوم حفاظاً عليها من سقوط أي مواد غريبة داخلها وحمايتها من الاصابات. قد يحدث نمو تفرعات من العصب السابع بحيث تقوم بتغذية عضلات خاطئة في الوجه وينتج عن ذلك: تشنجات ورعشة في الوجه حركة لا إرادية بالفم عند اغلاق العين سيلان اللعاب عند افراز الدموع العلاج في عام 1982م لم يكن هناك علاج مقترح لشلل العصب السابع حينما أجريت دراسة على 1000 مريض لمعرفة مدى التحسن العفوي الذي طرأ على حالتهم حيث تبين أن 85% منهم بدأت حالتهم بالتحسن خلال 3 أسابيع من بدء المرض في حين تحسنت حالة 15% الباقية خلال 3- 6 أشهر. وبعد متابعة المرضى لمدة سنة شفي أكثر من ثلثهم (71%) شفاء كاملاً وتعافى 12% بشكل جزئي في حين كان التحسن طفيفا في 4% فقط.. بينت الدراسة انه في حال انتهاء الاسبوع الثالث من بدء المرض دون حصول أي تحسن في حالة المريض فان كثيراً من المرضى يبقى لديهم اثر لذلك الشلل. كما اوضحت دراسة اخرى ان درجة الشفاء كانت افضل في المرضى الاصغر من 10سنوات في حين كانت اقل بكثير في المرضى الاكبر من 60 سنة. علاج شلل العصب الوجهي غير متفق عليه بشكل قاطع حيث ان الشفاء التلقائي الكامل للشلل الجزئي هو امر شائع حتى بدون علاج ولكن في حالة الشلل الكامل لعصب الوجه حيث يصبح المريض غير قادر على اغلاق عينه او جزء من فمه في جهة الوجه المتأثرة فقد اثبتت المعالجة ببعض الأدوية فعاليتها عند استعمالها في مرحلة مبكرة خلال الثلاثة أيام الاولى من الاصابة. يستخدم عادة علاج البريدينيسيلون وهو احد مركبات الكورتيزون والذي يساعد على الشفاء التام باذن الله خلال 3 اشهر بدلا من تسعة اشهر في حالة استعمال مضادات الفيروسات او في حالة عدم المعالجة بأي ادوية. العلاقة بين شلل عصب الوجة وفيروس الهربس جعلت محاولة استخدام المضادات الفيروسية مثل علاج "الاسيكلوفير" ممكناً ولكن من خلال الدراسات الحديثة خلال العام المنصرم لم يتضح فائدة من استخدام ذلك العلاج مقارنة باستخدام الكورتيزون. في عام 2005م بينت الاكاديمية الامريكية لامراض الاعصاب ان استخدام الكورتيزون لعلاج شلل العصب الوجهي هو فعال في حين بينت ان استخدام الادوية المضادة للفيروسات في علاج مثل هذه الحالات هو امر مساعد. فعالية الوخز بالابر لم تثبت نظرا لضعف الدراسات القائمة في هذا المجال كما ان التدخل الجراحي لتخفيف الضغط على العصب الوجهي لم يثبت فعاليته في علاج مثل هذه الحالات. يبقى العلاج الطبيعي واجراء التمارين لعضلات الوجه امرا حيويا لتحسن الحالة حيث يمكن عمل التمارين بواسطة المريض نفسه من خلال: محاولة رفع الحاجبين لتمرين عضلات الجبهة محاولة اغلاق العينين لتمرين العضلات حول العين محاولة التبسم لتمرين العضلات حول الفم محاولة نفخ الهواء في الخدين مع إغلاق الفم كما يمكن عمل التدليك لعضلات الوجه بواسطة أخصائي العلاج الطبيعي حيث تعمل تلك التمارين على تسريع مدة الشفاء بإذن الله تعالى. قد يحتاج الى علاج دوائي أشعة مقطعية توضح التهاب العصب السابع