أعرف أحد أصدقائي الأعزاء قد اصيب بمرض شلل الوجه النصفي بسبب تعرضه للشمس والتعرق ثم ركب سيارته ومن شدة الحرارة اضطر الى تسليط التكييف على وجهه متأثرا بالتيار الهوائي البارد . وكانت الاصابة من النوع الثالث بمعنى أن الاصابة خطيرة وليست من النوعين الاول البسيط ولا الثاني المتوسط . وبالطبع لجأ الى العلاج الدوائي والطبيعي وظل على حاله هذا ما يقارب الخمس سنوات وكان يعتزل الناس وعندما يضطر إلى الاختلاط بهم يقوم بتغطية عينه بالنظارة الشمسية والجهة المصابة من وجهه بالشماغ أو الشال وفي ذات يوم كان يراجع في احد الدوائر الحكومية فقابل رجل لا يعرفه يبدو على مظهره الالتزام الديني فسأله عن سبب تغطية وجهه هكذا فسرد له قصته المؤلمة ومعاناته فعرض عليه قراءة القرآن عليه فوافق ثم وضع هذا الرجل يده على مكان الاصابة وكرر قراءة الآية الكريمة في سورة يس (… قل يحييها الذي أنشأها أول مرة …) . – هذه الآية كانت مناسبة نزولها عندما قال اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } لِهَذَا الْمُشْرِك الْقَائِل لَك : مَنْ يُحْيِي الْعِظَام وَهِيَ رَمِيم { يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّة …} – ثم غادر صديقي المكان وفي أثناء طريقة الى منزله شعر بتغيرات وحركة في وجهه حيث عادت عينه ترمش وخده يتحرك ثم نظر في مرآة سيارته فوجد أن وجهه عاد طبيعيا كما كان ولله الحمد . فسبحان القائل في كتابه العزيز : { وَنُنَزِّل مِنْ الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ } شلل الوجه النصفي أو شلل بل bell's palsy واطلق عليه هذا الاسم نسبة الى الطبيب الاسكتلندي تشالرز بل الذي درس ووصف واكتشف هذه الاصابة وعلاقتها بالعصب السابع " العصب الوجهي " وشلل الوجه النصفي عبارة عن شلل أو ضعف يصيب أكثر من نصف عضلات الوجه ويصيب كل الفئات العمرية واعراضه الشائعة : يجعل المصاب ينعزل عن المجتمع وهذه أحد أهم اثاره النفسية والاجتماعيه على المصاب. ومن أهم الاعراض : عدم القدرة على إغماض العين، عدم القدرة على تجعيد الجبهة، عدم القدرة على النفخ أو التصفير، ميلان الفم ويظهر جليا عند محاولة الابتسام أو الضحك "ابتسامه ملتويه"، نزول الماء من زاوية الفم أثناء الشرب أو المضمضة، الم تحت الاذن، تجمع الاكل بين الخد واللثه، خدر أو تنميل بالجهه المتأثرة خاصة حول الشفتين، نزول الدمع أو جفاف العين. وأما أسبابه : لايوجد أسباب معروفه، وعلى اية حال ان للأسباب التالية دوراً كبيراً في حدوث الاصابة: العدوى والالتهابات الفيروسية المباشرة للعصب السابع.الامراض الفيروسية مثل النكاف والحصبة الألمانية.اصابات البرد (التعرض للتيار الهوائي البارد).اصابة العصب مباشرة كالحوادث أو العمليات الجراحية.الاصابات الوعائية والدماغية مثل السكته الدماغية.الضغط المباشر على العصب بسبب ورم أو عظم.مرض السكري.الثلث الأخير من الحمل.الوراثه. وأما علاجه : يعتمد العلاج الصحيح والسريع والبدء بالعلاج المناسب وإحالة المريض إلى اخصائي العلاج الطبيعي. كما أن الحالة النفسية للمريض لها دورا كبيرا في التحسن. لذا لابد من توضيح الاصابة للمريض ومشاركته وتطمينه بان أغلب الحالات اي ما يقارب 70% إلى 80% تتشافى باذن الله خلال بضعة اسابيع من خلال المواظبه على العلاج والمتابعه. يمكن ان نقسم العلاج التأهيلي إلى مايلي: الاجراءات الوقائية بعد الاصابة، العلاج بالادوية، العلاج الطبيعي والعلاج الجراحي.الاجراءات الوقائية بعد الاصابة، حيث ينصح عادة باتخاذ بعض الاجراءات الوقائية بعد الإصابة مثل استعمال الدموع الاصطناعية لمنع جفاف قرنية العين وبالتالي حمايتها من التقرح ومرهم ليلاً أو استعمال جهاز الرطوبه بالغرفة للحفاظ على القرنيه ليلا رطبة. لبس رقعة أو تغطية العين واستعمال النظارات الشمسية ،الابتعاد عن ضوء الشمس والتلفاز، مضغ العلكة باستمرار لتنشيط العضلات والاعصاب. والعلاج بالادوية : حيث تشمل المعالجة الدوائية الكورتيزون ومضادات الفيروسات واستعمال الباراسيتامول مثل البانادول. والعلاج الطبيعي : يلعب العلاج الطبيعي دورا هاما في العلاج والتحسن السريع حيث يخضع المريض إلى جلسات علاجية تشمل : اجراء مساج من قبل المعالج وبطرق معينه قبل الدخول في طرق العلاج الاخري.إعطاء بعض التمارين لاعادة تاهيل عضلات الوجه ويتم تطبيقها امام المرآه. استعمال الاشعه تحت الحمراء.الاشعه أو الموجات القصيرة لتخفيف حدة الالم والتهابات.التنبية الكهربائي لنقاط محدده على الوجه تعمل على اعادة عمل العضلات والاعصاب.بعد الخروج من المركز العلاج الطبيعي يجب عليه في البيت اجراء مساج خفيف مع اجراء التمرينات التأهيل قد يستمر المريض بالتردد على اخصائي العلاج الطبيعي مدة قد تصل إلى شهر في حالات الاصابة المتوسطة اما الاصابات الحادة قد تتطلب وقتا وجهدا أكثر . واخيرا العملية الجراحية : قد تكون الجراحة قادرة على تحسين نتائج شلل العصب الوجهي الذي لم يشفَ. هنالك عدد من التقنيات المختلفة. إن جراحة الابتسامة أو ترميم الابتسامة هي عملية جراحية تعيد الابتسامة للأشخاص المصابين بشلل العصب الوجهي . حمدا لله على سلامة صديقي وبارك الله له وأدام عليه وعلينا الصحة والعافيه ومتعنا بها وجنبنا اللهم جميع الأمراض والأسقام والأورام ، وشافنا وجميع مرضى المسلمين .