أكدت تقارير أمنية إسرائيلية قُدمت مؤخراً إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى أن أي قرار أميركي بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران سيكون خطأ جسيماً، خاصة في ظل التزام إيران بالاتفاق، والفرص السانحة لفرض المزيد من القيود على إيران، خاصة في مجال التجارب الصاروخية. وتأتي هذه التقديرات الأمنية في أعقاب تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بتمزيق الاتفاق، وتصريحات نتنياهو لشبكة 'سي بي أس'، الشهر الماضي، والتي قال فيها إن لديه خمسة أفكار، حول كيفية إلغاء الاتفاق، ينوي مناقشتها في لقائه الأول مع ترامب بعد تنصيبه. وأشار معلق الشؤون العسكرية عاموس هارئيل في تقرير له في صحيفة هآرتس إلى أنه رغم انتقادات الاستخبارات الإسرائيلية للثغرات والأخطاء في اتفاق فيينا، إلا أن الفترة التي مضت تشير إلى أن الاتفاق مستقر، وأن إيران متقيدة بالتزاماتها بالاتفاق. وتابع هارئيل أن هناك مخاوفا من أن إلغاء الاتفاق سيؤدي إلى شرخ عميق في المسألة الإيرانية، بين الولاياتالمتحدة وبين الدول الكبرى الأخرى الموقعة على الاتفاق، وعلى رأسها روسيا والصين. كما أن التصادم المباشر بين واشنطن وطهران، بسبب إلغاء الاتفاق، سيؤدي إلى ضياع الإنجازات المضمنة في الاتفاق، منها تعهد إيران بالامتناع عن إنتاج أسلحة نووية، وتأجيل المشروع النووي سنوات معدودة، على الأقل، وإطالة أمد الوقت اللازم لإيران للتقدم باتجاه إنتاج القنبلة النووية. وأشار إلى أن قادة الجيش والأجهزة الأمنية يمتنعون عن التصريح علانية بشأن الاتفاق، بسبب حساسية مناقشة 'ولاية ترامب عامة، ومستقبل الاتفاق النووي خاصة' في هذه الفترة بالذات. غير أن رؤساء الاستخبارات العسكرية السابقين لا تنطبق عليهم هذه القاعدة. حيث أعرب رئيسا شعبة الاستخبارات العسكرية سابقاً عاموس يدلين وأهارون فركاش، في حديث لصحيفة هآرتس، عن اعتقادهما بضرورة أن تتعامل إسرائيل بحذر شديد مع المسألة الإيرانية، وأن لا تعمل على دفع ترامب إلى إلغاء الاتفاق. ويقول يدلين إن هناك فرصة لنتنياهو لتصحيح الخطأ الذي ارتكبه عام 2015، بعيد المصادقة على الاتفاق. وبدلاً من محاربة الاتفاق في الكونغرس، كان على نتنياهو أن يتوصل إلى تفاهمات مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته، باراك اوباما بشأن تعزيز التنسيق المخابراتي، ومتابعة الخطوات الإيرانية سوية، وتنسيق شكل الرد سراً في حال حصول خرق للاتفاق. وبحسب يدلين فإن نتنياهو فوّت فرصة الحصول على مساعدات أمنية أكبر من 38 مليار دولار للسنوات العشر القادمة. وبحسب يدلين، فإنه نظراً لكون ترامب ليس موقعاً على الاتفاق، فإن ذلك يتيح لإسرائيل اتخاذ توجه أكثر تصلباً تجاه إيران، بدون إلغاء الاتفاق. ويقول إنه من الممكن إقناع ترامب بالعمل على فرض قيود على إيران في مجال إنتاج الصواريخ البالستية، في حين أن إلغاء الاتفاق سوف ينزع شرعية موقف إسرائيل في الساحة الدولية. وعندما تندلع مواجهة مع إيران، فإن الدول الكبرى ستتهم إسرائيل بأنها جرت ترامب إلى ذلك، ولن تقف إلى جانب إسرائيل. على حد قوله. كذلك يتفق فركاش مع يدلين حول ضرورة الضغط على إيران في برامجها الصاروخية، ويضيف في الوقت نفسه، على نتنياهو أن يقترح على ترامب تجنيد الكونغرس إلى جانبه في المصادقة على القرار الذي يخول الرئيس بالعمل بكل الوسائل المطلوبة في حال خرق إيران للاتفاق. ويضيف إنه لا يوجد سبب يدعو لإلغاء الاتفاق الآن، رغم الثغرات فيه، وأن البديل الصحيح يكمن في عملية منسقة، أميركية – إسرائيلية، لمعالجة الخروقات الإيرانية خلال فترة الاتفاق، والإزالة التدريجية للقيود المفروضة على إيران بعد 9 سنوات. وفي حديثه عن وزير الدفاع الأميركي الجديد، جيمس ماتيس، يشير المحلل العسكري إلى أن الحديث عن "تعيين يعتبر الأكثر تجربة في الإدارة الجديدة". ولفت إلى أنه في مداولات الاستماع للمصادقة على منصبه، أبدى موقفاً هجومياً من روسيا، وموقفا أكثر لينا تجاه إيران، حيث صرح أنه يعتقد أن الاتفاق غير متكامل، ولكنه أضاف أنه "عندما تتعهد الولاياتالمتحدة يجب عليها الالتزام بتعهداتها والعمل مع حلفائها". كما يلفت إلى أن ذلك لا يعني تساهله مع إيران، إذ سبق أن قدم توصية، لدى توليه منصب قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، في العام 2011، بقصف أهداف إيرانية رداً على هجمات صاروخية في العراق قتل فيها 9 جنود أميركيين، بينما عارض الرئيس باراك اوباما، وقبل ذلك بسنة، وفي دلالة على مواقفه المتصلبة تجاه إيران، قال ماتيس لاوباما أن لديه ثلاث أفضليات في "سنتكوم": إيران وإيران وإيران، بحسب واشنطن بوست.