أكد السيّد جان مارك إيرولت وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي على متانة العلاقات السعودية الفرنسية من خلال طموحات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين. المملكة جهة فاعلة رئيسة في ملف عملية السلام في الشرق الأوسط وقال في حديث خص به «الرياض» عشية زيارته للمملكة اليوم إن فرنسا ومنشآتها مستعدة لمواكبة المملكة في تنفيذ هذه رؤية 2030، ففرنسا تتمتع بصيت طيب في امتيازها في مجالات البحوث العلمية والتكنولوجية والثقافة والترفيه والرياضة، معلنا استعداد بلاده لتوسيع نطاق التعاون إلى مجالات أرحب. وتطرق السيد إيرولت إلى مؤتمر السلام في الشرق الأوسط الذي عقد مؤخرا في باريس معتبرا أن مبادرة السلام العربية لم تفقد ذرة من أهميتها كأساس للحل، ومؤكدا أن المملكة جهة فاعلة رئيسة في ملف عملية السلام في الشرق الأوسط. زيارتي للمملكة تؤكد طموحات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين بلدينا وفيما يلي نص الحوار: * تأتي زيارتكم إلى المملكة بعد انعقاد مؤتمر باريس بشأن السلام في الشرق الأوسط، فهل ثمة علاقة بين تزامن هذه الزيارة والمؤتمر؟ «رؤية 2030» لا تتلخص في الإصلاح الاقتصادي.. بل تنطوي على مشروع اجتماعي * بعث المؤتمر بشأن السلام في الشرق الأوسط، الذي انعقد في باريس في 15 يناير الماضي، رسالة قوية من خمسة وسبعين بلدا ومنظمة دولية، عبّرت فيها عن وحدة موقفها وإصرارها على حل الدولتين. وأتقدم بالشكر إلى المملكة العربية السعودية لمشاركتها الرفيعة المستوى في المؤتمر، فالمملكة جهة فاعلة رئيسة في ملف عملية السلام في الشرق الأوسط، وتشهد مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي حملتها المملكة والتي لم تفقد ذرة من أهميتها، على الدور الرائد الذي تضطلع به السعودية، لقد كان عقد هذا المؤتمر ضروريا عشية تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها ونظرا إلى استمرار الوضع الميداني المقلق للغاية، وقد حرصنا على انتهاج الوضوح التام مع شركائنا في جميع مراحل مبادرتنا، وبات من الواضح أنّ على الفلسطينيين والاسرائيليين إيجاد الحلّ لهذا الصراع معا. أولويتنا في الوقت الراهن هي محاربة الإرهاب من أجل ازدهار المنطقة وأمن أقاليمنا وتَعتبر فرنسا المملكة العربية السعودية حليفا موثوقا، وبات من الضروري أكثر من أي وقت مضى الحفاظ على هذه القضية على جدول الأعمال الدولي، والنظر بين الشركاء في سبل المساعدة على تحقيق السلام الدائم، وسأناقش هذا الموضوع مع المسؤوليين السعوديين. مستعدون للمشاركة في رؤية 2030 * كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات الفرنسية السعودية؟ وهل ستضطلع فرنسا بدور في تحقيق «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»؟ يتعيّن على اجتماع أستانة أن يحضِّر لاستئناف المفاوضات السياسية في جنيف *لقد أتيت إلى هنا لأؤكّد طموحات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين بلدينا، وتمثّل خطة «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» التي عرضها سمو ولي ولي العهد برنامجا طموحا لعملية الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والتحول في الاقتصاد السعودي، وأود أن أشير إلى استعداد فرنسا ومنشآتها التام لمواكبة المملكة في تنفيذ هذه الرؤية، فمنشآتنا تدرك جيدا توقعات المملكة المستجدة، أي تأميم الإنتاج، وتدريب العاملين السعوديين، ونقل التكنولوجيا، وقد باشرت فعلا في العمل من أجل تحقيق هذه الأهداف، فنسبة العاملين السعوديين في المنشآت الفرنسية الحاضرة في المملكة تفوق المعدّل العام. ومن جهة أخرى، لا تتلخص «رؤية 2030» في الإصلاح الاقتصادي، بل تنطوي أيضا على مشروع اجتماعي، وفرنسا تتمتع بصيت طيب في امتيازها في مجالات البحوث العلمية والتكنولوجية والثقافة والترفيه والرياضة، ولدينا فعلا برامج تعاون في مجالي التراث والبحوث، ونحن على استعداد لتوسيع نطاق هذا التعاون إلى غيرهما من المجالات. انتخاب دونالد ترامب ينذر بتغييرات من شأنها التسبب في أجواء من انعدام اليقين محاربة الإرهاب أولوية * هنالك عدة قضايا حسّاسة في الشرق الأوسط، فما هو الدور الذي تقوم به فرنسا في السعي إلى حل هذه القضايا؟ *فرنسا على معرفة جيّدة بمنطقة الشرق الأوسط وهي صديقة دول المنطقة، وقد اتسع نطاق الشراكات التي أقمناها مع هذه الدول بصورة ملحوظة في السنوات الماضية، كما يتضح من مشاركة رئيس الجمهورية السيد فرانسوا هولاند في مؤتمر القمة غير الرسمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، المنعقد في 4 مايو 2015. وتتمثّل أولويتنا في الوقت الراهن في محاربة الإرهاب، من أجل ازدهار المنطقة وأمن أقاليمنا، وهي تتجسد في الالتزام الدبلوماسي والعسكري ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، الذي تشارك فيه المملكة العربية السعودية. إنّني على ثقة بقدرتنا على الانتصار في معركتنا ضد هذا التنظيم، وكذلك فإننا نقوم بحشد الجهود من أجل عودة السلام والاستقرار في سورية وليبيا والعراق واليمن، فنحن نعمل في الإطار الثنائي أوّلاً بفضل الحوار الذي يربطنا بالجهات الفاعلة لمحاولة التوفيق بين المواقف وتشجيع كلّ من هذه الجهات على تفضيل الحلّ السياسي على القوة، وبالإضافة إلى ذلك، نعمل في المحافل المتعددة الأطراف، وخصوصًا في منظمة الأممالمتحدة التي تشكّل المحفل الرئيسي للتسوية السياسية في خدمة السلام والأمن. الحل في سورية سياسي * ستدخل الأزمة السورية عامها السادس قريبا، دون أن يبدو أي حل مقبول من أطراف الأزمة في الأفق قبل مؤتمر أستانة، فهل لديكم بصيص أمل في إنهاء معاناة الشعب السوري؟ موقف فرنسا ثابت: وحده الحل السياسي كفيل بإنهاء الصراع ومعاناة الشعب السوري، ويجب إيلاء عملية الانتقال السياسي والمصالحة الوطنية الأولوية في مساعينا، وعليه فإن فرنسا مستعدة لدعم جميع الجهود في هذا الصدد ومن ضمنها اجتماع أستانة، ولا بدّ من الالتزام بإطار المفاوضات الذي اعتمده المجتمع الدولي: أي إعلان جنيف والقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ويتعيّن على اجتماع أستانة أن يحضِّر لاستئناف المفاوضات السياسية في جنيف، تحت رعاية الأمم المتّحدة، وتكرر فرنسا الإعراب عن دعمها للمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية السيد ستافان دي مستورا. فرنسا وترامب * هل سيطرأ تغيير على العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في ظل الإدارة الأميركية الجديدة؟ *تقلّد دونالد ترامب منصبه قبل يومين فقط، ولا شك في أنه لا يزال من المبكر الحكم على عمله، وينذر انتخاب دونالد ترامب بتغييرات من شأنها التسبب في جوّ من انعدام اليقين لا بدّ من توضيحه في أسرع وقت ممكن، وتجسّد فرنسا في هذا السياق شريكا موثوقا ومستداما يتمتّع بسياسة خارجية مستقلّة. الاتفاق النووي مع إيران * تمثّل إيران خطرا على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، فما هي السبل للحد من الخطر الإيراني في المنطقة؟ * تحرص فرنسا على تطبيق الاتفاق النووي بحذافيره، وكما تعلمون فرضت فرنسا معايير واضحة وصارمة على هذا الاتفاق، ولا سيما في مجال التحقّق، التي تستجيب لمخاوف المملكة العربية السعودية، ومخاوف المجتمع الدولي برمته. وبموازاة ذلك، أقامت فرنسا حوارا سياسيا مع إيران يتيح التبادل البنّاء بين البلدين فنُطلِع إيران من خلاله على مخاوفنا إزاء سياستها في المنطقة. فتصعيد التوتر في الشرق الأوسط يصبّ في خدمة أعدائنا، أي تنظيم داعش وجميع المجموعات الإرهابية، ولا بدّ من تضافر الجهود لمواجهة هذا الخطر، وفي هذا الصدد، فإننا نشجّع جميع دول المنطقة على الحوار.