يبدو أن استراتيجية الحزب الديمقراطي القادمة هي العمل على المزيد من التشكيك في فوز ترامب وهز مشروعية قراراته، وامتلاك القدرة على الطعن في رؤيته السياسية والاستراتيجية.. الإدارة الأميركية أنى كانت سواء جمهورية أو ديمقراطية، معنية بالحفاظ على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية، ومعنية بتطوير مصالح الدول الكبرى في العالم بما ينسجم والمصالح الذاتية والموضوعية للولايات المتحدة الأميركية.. وثمة ملفات عديدة ستواجه دونالد ترامب مع تسلمه زمام الأمور في الإدارة الأميركية.. بعض هذه الملفات داخلية وبعضها خارجية.. ووفق المعطيات الميدانية والسياسية والاقتصادية، نرى أن الإدارة الأميركية الجديدة ستواجه الملفات التالية مع إدراكنا التام أن دونالد ترامب سيسعى فور تسلمه زمام الإدارة الأميركية إلى تعظيم قوة أميركا ومكاسبها الداخلية والخارجية وبهذا يحقق بعض الطموح الأميركي، ومن جهة أخرى تزداد إمكانية معاودة انتخابه رئيساً للدورة القادمة للولايات المتحدة الأميركية.. ونقلت صحيفة وورلد ستريت جورنال قبل أيام: تنقل عن فريق ترامب الانتقالي، تسمية رئيس جديد لوكالة CIA، وعزم الرئيس المنتخب إعادة هيكلة أجهزة الاستخبارات الأميركية وتفكيكها وتخفيض عدد العاملين فيها، ومنع تسييسها بعقائد أمنية جامدة ومؤبدة لا تتغير. والصحيفة ذاتها تصف صدام ترامب مع الأجهزة الاستخباراتية والوكالة الأمنية الفيدرالية، بأنه سيشكل الخطوة الأولى في تقويض مراكز القوى ومؤسسات صنع السياسات التي ظلت تتحكم بقرارات البيت الأبيض والكونغرس منذ عام 1947م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.. وهذا يعكس رؤية استراتيجية يمتلكها ترامب وفريقه لإدارة البيت الأبيض والمصالح الأميركية.. وثمة ملفان أميركيان أساسيان لدى ترامب وفريقه الجديد وهما: يمكن القول: إن الدولة العميقة في أميركا ما زالت مصدومة بفوز دونالد ترامب، ويبدو أن استراتيجية الحزب الديمقراطي القادمة هي العمل على المزيد من التشكيك في فوز ترامب وهز مشروعية قراراته، وامتلاك القدرة على الطعن في رؤيته السياسية والاستراتيجية.. والعمل على تثبيت التدخل الروسي في عملية الانتخابات الأميركية.. ويحاول الحزب الديمقراطي ترسيخ انطباع بأن دونالد ترامب وصل إلى البيت الأبيض بعملية دعم متواصلة من الدولة الروسية.. ولا ريب أن تثبيت هذا الانطباع له تأثير على شرعية الرئيس دونالد ترامب، كما أنه سيعكس رغبة أميركية يقودها الديمقراطي على الشك في عملية انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية.. وستكون هذه المسألة ومتوالياتها السياسية والاجتماعية هي العمود الفقري في حملة الانتخابات القادمة التي سيعتمد عليها الحزب الديمقراطي لإسقاط ترامب.. ويبدو أن هذه العملية ستقلل من إمكانية تعاون ترامب مع الروس في ملفات الشرق الأوسط وأوكرانيا.. ولذلك اعتمد ترامب في تعيين المسؤوليات على بعض الكفاءات الأميركية المنشقة من فريق باراك أوباما.. فقد عين ترامب مايكل فلين مستشاراً للأمن القومي وهو شخصية ديمقراطية انشق عن أوباما عام 2014م ويعرف كل أسرار داعش ولعبة الإدارة الأميركية.. وعين ماتيس وزيراً للدفاع وهو من الصقور لكنه أيضاً منشق عن باراك أوباما ويعارض بعض أفكاره.. ويمكن اكتشاف سياسات ترامب من هذه التعيينات والفريق الأساسي الذي سيعتمد عليه ترامب.. ويمكن القول: إن سياسة ترامب ستكون: تعظيم قوة أميركا داخلياً وخارجياً.. تفكيك كلفة قيادة أميركا للنظام الدولي.. التفاوض مع الأعداء كالصين وإيران من موقع القوة، ومكافحة الإرهاب الإسلامي بلا هوادة.. الملف الآخر الذي سينشغل به ترامب بعد تسلم الحكم في أميركا هو الصعود المتعاظم للقوة الصينية.. ويبدو أن هذه القوة هي التي ستتمكن من مواجهة القوة الأميركية.. وثمة مؤشرات صينية تبرز هذه القوة الجديدة أهمها: التقدم النوعي للقوة العسكرية الصينية.. العلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية التي بدأت بالتوسع في كل قارات العالم.. النمو الاقتصادي الصيني الذي بدأ بالتوسع كمياً وكيفياً.. يضاف إلى ذلك أن الصين بدأت مرحلة المبادرات والاتصالات السياسية التي تعكس توظيف القدرة الاقتصادية المتعاظمة في العمل السياسي.. ويمكن القول إن نقطة الضعف الكبرى للصين هي احتياطي الصين من العملة الأجنبية.. فقد تراجع العام الفائت 320 مليار دولار بفعل اضطرار السلطات النقدية إلى التدخل للدفاع عن اليوان أمام الدولار.. وبالمناسبة احتياطات الصين من العملات الأجنبية هي الأعلى بين دول العالم وتبلغ حالياً ثلاثة آلاف ومئة وأحد عشر مليار دولار.. 3 ترليون فقط لا غير.. ومن المتوقع أن يزداد الضغط الاقتصادي على الصين في عهد ترامب الذي سيتخذ تدابير حمائية لكبح نمو العملاق الصيني.. وعليه فإننا نعتقد وفق المعطيات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية أن عهد ترامب سيواجه بعض الصعوبات التي ستربك الإدارة الأميركية.. وأن المعركة القادمة لأميركا ستكون اقتصادية وعلمية والعمل على كبح المارد الصيني..