المحك الحقيقي لقدرات الشباب السعودي هو الميدان، والميدان هو الأكثر قدرة على إظهار قدراتهم في العمل اليدوي، والعمل اليدوي هو الأكثر استدامة ومساحة للتطوير والتطور كما في قطاع الاتصالات.. ذاك أنه من أكثر القطاعات نمواً، وطلباً؛ لعدة اعتبارات أبرزها أن نسبة كبيرة من مستهلكي منتجاته من الشباب الذين يشكلون أكثر من 60% من سكان المملكة. قطاع التجزئة في جميع الدول، هو الأكثر استيعاباً للقوى البشرية من الجنسين.. وهو في ذات الوقت الأسرع في قدرته على الاستيعاب، والأسرع في خروجهم منه.. لدينا في المملكة لم يكن هناك اهتمام من مستثمري القطاع بكل مكوناته (الأغذية، الأجهزة، الملابس..) باستقطاب السعوديين، إلا بعد التنظيمات الحكومية الخاصة بالتوطين؛ التي دفعت البعض مكرهاً، أو عن قناعة بتوظيف الشباب.. فكانت هناك تجارب ناجحة، خاصة في قطاع التجزئة للأسواق الكبرى المعروفة. توطين قطاعات كاملة، مثل الاتصالات هو الآخر توجه بدأ يؤتي أكله يستحق التقدير والدعم، من الناحية الاجتماعية، واقتصادياً يمكن أن يكون تأسيساً مبكراً ومبتكراً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على قدرات وطنية، وفي الوقت نفسه يمكنها الاستفادة من فرص الدعم الرسمية، خاصة بعد تأسيس هيئة حكومية تعنى بتنمية ورعاية القطاع، وإطلاق برنامج كفالة لتجاوز معوقات تمويل هذا النوع من المنشآت التي تكون مجدية اقتصادياً ولا تملك القدرة على تقديم الضمانات المطلوبة لجهات التمويل وتغطية نسبة من مخاطر الجهة الممولة في حال إخفاق النشاط المكفول بسداد التمويل أو جزء منه. لا بد أن نقف على تجارب حقيقية، أثبتت نجاح الشباب في قطاع أصبح لكثير منهم مصدر دخل مجزٍ، وبعضهم اتخذ منه خياراً آخر لما بعد التقاعد، ومستقبلاً يمكن الاعتماد عليه بعد الله. هؤلاء الشباب الذين فضلوا العمل في مجالات المبيعات والصيانة، مثال لمن أراد أن ينفض غبار الاتكالية، وانتظار أن تمطر السماء عملاً أو حتى «شرهة»، هم مثال يمكن أن يتكرر في كثير من النماذج الوطنية من رجال الأعمال والقياديين الناجحين في بلادنا.. إنهم نماذج يجب أن يعرفها أبناؤنا، كما كان أجدادنا قبل النفط.