أشار الباحث خالد اليوسف إلى أن سنوات الانفتاح التي عاشتها الرواية السعودية منذ بداية الألفية الجديدة جعلت السوق الأدبية مغرية لكثير ممن ليست لهم علاقة بالأدب مثل الأطباء والمهندسين "وكل من أراد أن يكتب"، محملاً الناشرين مسؤولية هذا التوسع الهائل "لاهتمامهم بنشر الروايات أكثر من الشعر والقصة القصيرة"، مؤكداً أنه من بين الروايات السعودية الجديدة التي تجاوزت حاجز ال 500 رواية التي ظهرت في السنوات الأخيرة "لن نجد سوى 50 رواية صالحة وحقيقية والبقية الله أعلم بحالها.. وللأسف أن كل من أراد أن يكتب رواية نجح، رغم خلو روايته من شروط الرواية المتعارف عليها". مفيداً بأنه في عام 2016 وحده ظهر ما يقارب 120 رواية سعودية منها 80 رواية لأسماء جديدة "وهذه نقلة كبيرة تدل على أن الناشرين يدعمون كل من يريد أن يكتب رواية دون فرز وتمحيص". وقال اليوسف إن الحركة النقدية لم تستطع مواكبة النمو الهائل للرواية "وللأسف نجد النقد يتراوح بين كتابات ترويجية وبين انطباعات شخصية ينطلق من خلالها الناقد لتمجيد من يعرفهم فقط"، مضيفاً بأن أكثر النقاد "لا يقرأون الرواية لكي يكتبون عنها، وأغلب مقالاتهم عبارة عن ثناء ومديح". وحمّل الناشرين "خاصة من لبنان" الدور الأكبر في هذه الفوضى النقدية "لأنهم يمتلكون تواصلاً قوياً مع وكالات الأنباء ووكالات الدعاية والإعلان وهذه عوامل تسويقية ودعائية تؤثر على الناقد في اختياراته واتجاهاته". وأضاف بأن الكثير من النقاد الحقيقيين تأثروا بهذا الواقع الجديد "بل إن بعضهم هجر الكتابة عن الروايات". كاشفاً عن علاقة ملتبسة تربط الروائيين بالنقاد "فبعض الكتاب يتقبل النقد ويراجع نفسه ويقرأ كثيراً من الروايات المتقدمة على مستوى عربي وعالمي لكي يكتب أعمالاً تضيف للناقد، والبعض الآخر يرى نفسه أكبر من النقد فيمتعض من النقاد ويغضب ولا يقبل مقالاتهم النقدية". وعن تلمس الرواية السعودية لهويتها الخاصة بعد هذا النشاط المحموم في العقد الأخير، قال اليوسف إن الهوية واضحة في كثير من الروايات "من حيث اللهجة التي تدل على المكان، وتفاصيل المدن، حيث نجد في كثير منها وصفاً للرياض ومكة والمنطقة الجنوبية والشمالية وبقية المناطق"، معتبراً هذه ميزة مهمة للموجة الروائية الجديدة "فقديماً كان من المحظور أن تذكر المكان والشخصيات في الرواية السعودية رغم أن من شروط الرواية ذكر المكان والشخصية حتى لو كان وهمياً أو تخيلياً". وتمنى اليوسف أن يراعي الروائيون الشباب شروط الرواية ومنها أن "لغة الرواية المختلفة تماماً عن لغة الكتابة القصصية ولغة الكتابة السردية، فالرواية تتطلب العمق من ناحية التجربة القرائية والحياتية والعلمية والمعرفية فإذا لم يقدم الكاتب شيئاً في الرواية يفيد القارئ فما الفائدة من هذه الرواية؟"، مضيفاً بأن أي عمل أدبي لابد أن "يقدم تفاصيلاً لا يعرفها أحد من قبل، وعلى سبيل المثال لدي رواية بعنوان "مساء البخور" تدور في وسط الرياض ولأن جيلنا الحاضر لا يعرف شيئاً عن "سوق المقيبرة" فقد ضمنت الرواية تفاصيل عن هذه المنطقة كيف كانت الحياة فيها من الفجر إلى العشاء وتفاصيل إضافية تعبر عن خصوصية المكان التي لا توجد في أي موقع في العالم وتضيف للقارئ معلومات كثيرة". خالد اليوسف