كشفت بيانات إحصائية صادرة من وزارة العدل إجمالي صكوك الطلاق الصادرة من مختلف محاكم المملكة في جميع المناطق خلال العام 1436ه ب 40.394 صك طلاق للسعوديين بمختلف أشكال الطلاق ( طلاق - خلع - فسخ نكاح )، وأوضحت الدراسات والإحصائيات الاجتماعية التي تهتم بالشأن الاجتماعي أن النسبة العليا من حالات الطلاق تقع في السنة الأولى من الزواج كون الزوجين ينتقلان إلى مرحلة جديدة ومسؤوليات حاكمة لهما وبينت أن من الأسباب التي تقع وتؤدي للطلاق هي رفض بعض العائلات الرؤية الشرعية للزوجين. ورغم الجهود الرسمية التي تبذل في حل الخلافات الزوجية وسعيها الدؤوب تقريب وجهات النظر الزوجية والأسرية لحل الخلافات المؤدية للطلاق والفرقة والإضرار بالأسرة خاصة إذا كان هناك أطفال يلحق بهم الضرر جراء عدم تقدير المسؤولية حيث خصصت الوزارة مكاتب لدى المحاكم لحل الخلافات وحث الأزواج على تقدير الحياة الأسرية التي قد يؤدي لها الطلاق من فرقة وتفكك أسري يؤثر على الحياة طوال العمر إلا أن المطلوب من كافة الجهات والحكومية والمؤسسات الأهلية المساهمة الفاعلة معها في وضع حلول تحمي المجتمع من الطلاق وآثاره السلبية. ولمعالجة هذه الظاهرة التي تتزايد معدلاتها التقت "الرياض" بالعديد من المختصين والذين كانت لهم الكثير من التجارب والعمل في الإصلاح بين الزوجين ومحاولة رأب الصدع للوقوف على الأسباب والمسببات لتزايد حالات الطلاق بالمملكة ووضع الحلول التي تساهم في الحد من زيادة نسب الطلاق. التعاون مطلب في البداية تحدث الشيخ د.ناصر المحيميد- رئيس التفتيش القضائي عضو المجلس الأعلى للقضاء- وقال: نحث كافة أطياف المجتمع ومؤسساته الرسمية والتعاونية والخيرية للتنسيق فيما بينها لمواجهة ارتفاع نسب الطلاق المتزايد التي تتطلب التعاون التكاملي بين جميع المعنيين بهذه المشكلة واقعا وتعايشا واستهدافا من أجل وضع الحلول الناجعة الكفيلة بوقف تسارع أرقام حالات الطلاق المسجلة بمحاكم المملكة. وأضاف: مهما تواصلت الجهود والدراسات والبحوث والتوصيات فإنها لن توفي هذه المشكلة حقها من المعالجة والاقتراح ولكن حسبنا أننا نقوم ببذل الجهد للإسهام في مواجهة هذه المشكلة الاجتماعية الواسعة والتي من أبرز أسبابها الرئيسية ضعف الوازع الديني المقرر لأهمية استدامة النكاح وأهميته وسمو مقصده وعظم الأجر عند الله لمن استشعر ذلك المعنى الذي دعا له سبحانه، ومن الأسباب الداعية للفرقة والطلاق ضعف تحمل المسؤولية المتعلقة بكلى الزوجين ولو عرف كل واحد من أطراف هذه الصلة حدود مسؤوليته وواجباته وحقوقه وأنصف من نفسه لكان ذلك سبيلا قويا لدفع معالم الفرقة ونوازع الاختلاف، والناظر للإحصاءات الرسمية المعلنة سنويا عن الجهات العدلية حول نسب حالات الطلاق يجد أعدادا مخيفة تقرر تزايد ظاهرة الطلاق في مجتمعنا وهذه الزيادة توجب وقفات متعددة من قبل كافة أطياف المجتمع. ودعا د.المحيميد للمسارعة في دراسة أسباب الطلاق ومسبباته ودواعيه ومحفزاته لأن كل خلل لابد أن يكون مقترنا بدواعيه الموصلة لوقوعه وهذه الأسباب قد تكون مبررة وقد تكون غير مبررة ومن المحزن أن نجد الأسباب غالبها أسباب تافهة أو صغيرة لا تقوى على الوصول لنتائجها المقترنة بالطلاق والفرقة بين الزوجين، وإن مما يجب في هذا المقام مراعاة التوجيهات الشرعية، فهي معالم راعية لطريق استدامة الحياة الزوجية فالنصوص الموجهة للرجل كثيرة ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم :خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي-رواه مسلم- وأما النصوص الموجهة للمرأة فمنها: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" -رواه النسائي-، وقبل ذلك وسابقه قول الله تعالى: "ومنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" حلول مطروحة ويضع فهد القحطاني -مدير مركز التفاؤل للاستشارات الاجتماعية- بعض الحلول لمعالجة الطلاق فقال: نتفق جميعا على أن المجتمع هو عبارة عن مجموعة من الأسر وكلما كانت الأسرة قوية متماسكة كان المجتمع قويا ولكن الصادم للمهتمين بالأسرة والحفاظ على تماسكها يعجبون من ارتفاع نسب الطلاق مما يؤثر سلبا على جميع مناحي الحياة الاجتماعية والأمنية والثقافية والسلوكية، ومن الحلول التي قد تساعد على الحد من ارتفاع نسب الطلاق هو تضافر جهود عدة جهات حكومية وخيرية كل حسب إمكانياته والتوعية العامة للمجتمع على المستوى الشعبي في جميع وسائل الإعلام المختلفة وتكثيف الإرشاد الديني في المساجد وخطب الجمع بشكل ممنهج ومدروس واستحداث مواد دراسية في الجامعات من المستوى الأول حتى التخرج للجنسين للتعليم والتدريب على المهارات الأساسية لبناء الحياة الزوجية بشكل سليم والإلزام بالدورات التدريبية للمقبلين على الزواج وتكون شرط لإتمام عقد النكاح. وزاد: كذلك لابد من تزويد مأذوني الأنكحة بهدايا مجانية للزوجين عند عقد النكاح عبارة عن مواد إعلامية توعية مختلفة لبيان الحقوق والواجبات لكل زوج ومهارات حل الخلافات الزوجية وتزويد أسرة الزوجين بمواد خاصة بهما للتوعية بمخاطر التدخل في حياة الزوجين وكذلك المهارات الأساسية لتعزيز التماسك بينهما وتكثيف الدورات التدريبية للمتزوجين بالمهارات والمعارف الأساسية لتقوية الترابط الأسري، ووضع مؤخر صداق كبير على الزوج إذا كان هو السبب أو المتساهل في الحياة الزوجية وإبراز المظاهر والمخاطر السلبية للطلاق على الأبناء ومستقبلهم وذلك عن طريق المشاهد والأرقام الرسمية، وفي هذا الإطار تعاونت عدد من الجهات الحكومية بتنظيمها لورشة عمل تتمحور حول موضوع "ظاهرة التفكك الأسري المؤدي إلى الطلاق، الأسباب والحلول" بحضور نخبة من الخبراء والاستشاريين المختصين في قضايا الأسرة ممثلين لمختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة ومن كافة من مناطق المملكة بالتعاون مع أوقاف الشيخ محمد بن عبدالعزيز الراجحي رحمه الله. ورش عمل وعن هذه الورشة يقول بدر الراجحي -رئيس مجلس النظارة بالأوقاف-: أن هذه الورشة تأتي في ظل حرص الأوقاف على تعزيز دورها المجتمعي والتنموي من خلال المساهمة في علاج أبرز الظواهر المجتمعية التي يعاني منها المجتمع السعودي بشكل ملموس ومتزايد وإيجاد الحلول المناسبة لها وتوعية المجتمع بالمخاطر التي تهدده نتيجة تزايد حالات الطلاق حيث تناولت هذه الورشة وعبر ثلاث جلسات عدة محاور وهي: رصد الظاهرة وتأثيراتها على المجتمع، وأسبابها وأبرز العوامل المؤثرة فيها، وأهم البحوث والدراسات المستجدة حولها. وزاد الراجحي: سعى المشاركون إلى حصر الجهات ذات العلاقة بالظاهرة وآلية التكامل معها، ومحاولة معرفة الحلول والمبادرات التي يمكن أن تحد من التفكك الأسري ورصد المشاركون العمل القائم وأثره والجهات المنفذة له، وطرح أهم المبادرات والمشاريع التي يمكن أن تعالج الظاهرة وتحد منها، وكذلك حصر الجهات المتخصصة للمساهمة في تنفيذ تلك المبادرات المجتمعية وتبنيها. من جانبه قال عبد الرحمن العقيل: حرصنا في هذه الورشة على استضافة المختصين في عدد من المجالات الذين لهم علاقة بموضوع الورشة لمحاولة الوقوف على كل جوانبها حيث شارك في الورشة نخبة من المستشارين والمختصين، عملوا على إثراء محاور الورشة وتغطية جوانبها المختلفة. الوئام بين الزوجين بدوره عزا الشيخ د.حمود الدعجاني -الباحث في الشأن القضائي والمحاضر بجامعة شقراء- ارتفاع نسب الطلاق في المملكة خلال السنوات الماضية إلى أسباب كثيرة أبرزها عدم حصول الوئام بين الزوجين أو سوء أخلاق أحدهما وعدم الإتيان بالحقوق الزوجية إضافة إلى التعجل وعدم التعامل مع المشاكل الأسرية بحكمة وترو خاصة من المتزوجين حديثاً الذين لا يملكون الخبرة في التعامل مع المشاكل الأسرية وينساقون وراء نزوات الشيطان في سرعة إيقاع الطلاق. وقال: أوضحت الدراسات والإحصائيات إلى أن أكبر نسب الطلاق تحدث في السنة الأولى من الزواج كون الزوجين ينتقلان إلى مرحلة جديدة خاصة إذا كان هنالك تدخل من أهل الزوجين حيث تزداد المشاكل وتتعقد إذا لم يتم حلها فوراً مضيفاً أن عدم تحقيق شرط الرؤيا الشرعية قبل الزواج سبب رئيسي لحدوث الطلاق ومؤكداً على أنه على الوالدين توعية الزوجين بالحقوق والواجبات والتغاضي عن السلبيات والسير بقطار الزوجية نحو الهدف لتكوين أسرة سعيدة صالحة. د. ناصر المحيميد فهد القحطاني بدر الراجحي كثير من الأزواج لايدركون عواقب الطلاق