«كل الكائنات لها محطات عمرية، تقصر وتطول، وتنمو وتذبل، والأنموذج الأبرز من بينها الإنسان الذي ميزه الله بالعقل ليفكر ويتدبر...».. هكذا بدأ عبدالله بن محمد الشهيل رواية سيرته الذاتية في كتابه «محطات عُمر» بين عامي 1939 و2013 م رأى من خلاله أن «لكل مرحلة عمرية نكهة خاصة، وخاصية نسبية عقلية وبدنية، ومسلكية ونفسية، فالأعمار كلها مختلفة البيئات، والشرائح الاجتماعية، والأجيال والأيدلوجيات، والطوائف والمذاهب، اختلافها إذا لم يختل بالتخلف والتعصب، والإلغاء والاحتكار، والظلم والأنانية وحبس الحريات يغتني المجتمع». يروي الشهيل، في أكثر من 600 صفحة تفاصيل ومحطات عاشها وتعايش معها، بدأت من مولده إذ يقول: «كانت ولادتي من أبوين لو لم يجمع الملك المؤسس معظم أجزاء الجزيرة العربية بوحدة سياسية لحال تباعدهما الجغرافي دون تقاربهما العاطفي بزواج دام عقوداً نتج عنه ثمانية من الأبناء وبنت تكاثرت ذريتهم حتى بلغت بضعة عشرات متماسكين متواصلين يتعاونون ويبرون وقد نجحوا بالدراسة والعمل ووعوا مالهم وما عليهم». ويشير إلى الزمن الذي ولد فيه بأنه «صعب شأن كل من ارتبطت حياتهم بزمن مختلف عن زمن الولادة إن حسناً، أو سيئاً لكنني لم أشعر يوماً بأن الزمن إما جميل، وإما عكس ذلك، فالأزمنة لا ذنب لها، فنحن الذين نجملها ونقبحها». ويضيف: «الإحساس بالزمن مرهون بالعيش فيه، وعندئذ سواء أحبه أو أكرهه، أو أتمنى عودته يبقى الزمن المعيش بمرحلة عمرية ما مقيماً بالذاكرة، إلا أن النظرة إليه تختلف حسب نوع ومدة التجربة، ومستوى الوعي، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وكم الاستجابات للتحولات التي تأتي بها الأزمنة التالية بعملية تراكمية المنقضي منها عبثي إذا لم تستجب للراهن». وفيما يتعلق بالمكان، يقول الشهيل في كتابه: «بعض الأحيان تكون للأمكنة إشكالية باعتبارها لصيقة بحياة الإنسان على مختلف أشكالها وأحجامها، وأنواعها، وبيئاتها ومناخاتها، وجغرافيتها، وديمغرافيتها، وموقعها السياسي ومستواها الاقتصادي والحضاري، والثقافي والاجتماعي، ولأنها تثبت بالتفكير إلا أن النظرة إليها متغيرة إن سلباً وإيجاباً وليس بالضرورة الانطباع عنها تقرره زيارة سريعة، أو أثناء مرحلة عمرية لم تتأهل بالوعي، وفي حالة الوعي ليس بالضرورة أن يحضر التمييز إلا بتجربة طويلة ومعرفة كاملة بالمكان والعاطفة نحو المكان لا تقرر أرجحية دون مراعاة الموضوعية بدراسة تظهر حقيقته». يتنقل الشهيل في كتابه بين مواقف عدة بعضها معقدة، ويختتم مؤلفه بمجموعة من الصور التي توثق حضوره لبعض المناسبات وأيضاً تبرز جانباً من حياته وعلاقاته.