إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    ما حقيقة الاهتمام بضم نيمار من الهلال؟ مدرب إنتر ميامي يُجيب!    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    الهلال يتفوق على سلسلة الأهلي بعد ديربي الرياض    اتفاقية لخدمات النقل الجوي بين كوسوفا والمملكة لتسهيل نقل الحجاج والمعتمرين    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    المملكة "برؤية طموحة".. جعلتها وجهة سياحية عالمية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    دبي.. رسالة «واتساب» تقود امرأة إلى المحاكمة    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الدفاع المدني: استمرار الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الاثنين القادم    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    نورا سليمان.. أيقونة سعودية في عالم الموضة العالمية    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أبا الخيل ل«الرياض»: رؤية المملكة 2030 صمام الأمان لهذه البلاد
المملكة عانت كثيراً من «الصلف الصفوي»
نشر في الرياض يوم 01 - 01 - 2017

تعيش المملكة العربية السعودية هذه الأيام الذكرى الثانية لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وهي ذكرى حميدة شهدت إنجازات كبيرة رغم الأحداث الدولية والإقليمية المتسارعة، ورغم الظروف وتباطؤ الاقتصاد العالمي، ورغم كل هذه الظروف إلا أن ذكرى البيعة تأتي لتكون شاهدا على الإنجازات التي تحققت، مع رسم الصورة واضحة لمستقبل مشرق بإذن الله مع رؤية المملكة 2030.
"الرياض" التقت أ. د. سليمان بن عبدالله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء، وذلك للحديث عن الجامعة ومنجزاتها، والذكرى الثانية لبيعة خادم الحرمين الشريفين، إلى جانب عدد من المواضيع المهمة والمتعلقة بالأحداث التي تمر فيها المنطقة، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
مهمة عظيمة
* تم اختياركم مؤخراً عضواً في هيئة كبار العلماء، كيف ترون دور هذه الهيئة في هذا الوقت المشحون بالتحديات الفكرية والاجتماعية؟
* هي مهمة عظيمة وحمل كبير وأمانة جليلة، وفي ذات الوقت تشريف وثقة من ولي أمرنا وإمامنا وقائد مسيرتنا، وحامي وحدتنا بعد الله -عزّ وجل- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله وسدده ووفقه-، ونحن ننظر إلى أن هيئة كبار العلماء عليها مسؤوليات جسيمة، وعمل مضنٍ، نستشعر فيها عظم الأمانة، وحجم المسؤولية، ونستعين الله على أدائها على الوجه الذي يرضي الله -عزّ وجل-، ثم يحقق طموحات ولاة أمرنا الأوفياء، وقادتنا الأماجد، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أدام الله عليهم نعمه، وأسبغ عليهم فضله، وأجزل لهم الأجر والمثوبة.
كما نستشعر فيها أن الهيئة لديها خبرات متراكمة، ورصيد علمي شرعي وثقافي ومعرفي وإداري وتنظيمي، وقبل ذلك وبعده وطني، وهي في ذلك تنطلق من الرؤية الشرعية، والحس الوطني، لخدمة المسلمين عمومًا، ومواطني هذه البلاد المباركة على وجه الخصوص، في مسيرة تواكب الحاضر، وترعى الضوابط العلمية الشرعية والفكرية، وصولاً إلى رؤية حاضرة.
وكما ذكرتم أن هذا الوقت وقت فتن وتحديات وتحولات ومتغيرات، ونوازل وحوادث، وكلها مما يضاعف المسؤولية، ويستوجب على العلماء النظر في قواعد الشريعة ومقاصدها ومبادئها وأحكامها وكلام العلماء فيها وصولاً إلى الوفاء بمتطلبات العصر، وحمل الناس على ما يبرئ ذممهم، ويجمع كلمتهم، ويوحد صفهم خلف ولاة أمرهم، ويعصمهم بإذن الله من مضلات الفتن، وهذا هو ما تجتمع عليه مقاصد الشريعة وقواعدها التي جاءت بالصلاح والإصلاح، والنهي عن الفساد والإفساد، وجاءت بتحصيل المصالح ودرء المفاسد أو تقليلها، فما أمر الشرع بأمر إلا وغايته المصلحة، ولا نهى الشرع عن نهي إلا وغايته درء المفسدة، ونسأل الله العون والسداد.
مؤسسة وطنية
* شهدت جامعة الإمام حراكاً علمياً ومجتمعياً وثقافياً في الأعوام الأخيرة، وأنت تدير هذه الجامعة كيف ترى واقعها؟ وما هو تقييمك لنشاطها؟
* جامعة الإمام محمد بن سعود وطنية علمية شرعية، وتعتبر من أقدم وأعرق الجامعات السعودية، وكانت لبناتها الأولى تأسيس المعهد العلمي في الرياض عام 1370ه، ثم بعد ذلك أنشئت كلية الشريعة عام 1373ه وتتابع إنشاء الكليات والمعاهد حتى صدر الأمر السامي بجمع هذه الكليات والمعاهد العلمية تحت مسمى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في عام 1394ه، ثم زادت كليات ومعاهد الجامعة وفروعها المختلفة في الداخل والخارج وأسهمت إسهامًا فعالاً ومؤثرًا في تخريج المتميزين في مجالات التعليم والقضاء والدعوة، والتأهيل للوظائف المدنية والعسكرية المتعددة في تخصصاتها والمتنوعة في مستوياتها.
وظلت الجامعة على ذلك تسعى لمواكبة كل جديد، وتبني كل مفيد في تجانس متوازن، وتمازج بين الأصالة والمعاصرة، يمثل الحفاظ على الثواب والأسس التي قامت عليها، والأخذ بكل تقنيات العصر وأدواته، وقد توالى على إدارة هذه الجامعة عدد من أصحاب المعالي حتى صدر الأمر السامي الكريم بتعييني مديرًا لهذه الجامعة في 3/3/1428ه، ثم تشرفت مرة أخرى بالثقة الملكية حينما صدر المرسوم الملكي بتأريخ 30/7/1437ه بإعادتي في إدارتها بمرتبة وزير، وارتباطي بها ليس وليد هذه المسؤولية، بل إنني أحد منسوبي هذه الجامعة في روافدها منذ الأول متوسط في معاهدها العلمية وحتى حصلت على درجة الأستاذية، وتدرجت في وظائفها العلمية والإدارية طيلة السنوات السابقة، وهذا ما جعلني على معرفة كاملة وشاملة بما يدور في هذه الجامعة في كل مجالاتها التعليمية والإدارية والمنهجية والبرامجية والمناشط المختلفة بها، وساعدني ذلك بعد توفيق الله ودعم ولاة الأمر -حفظهم الله- على أن أقوم بما يجب تجاه هذه الجامعة كإحدى مؤسسات هذا الوطن التعليمية من تحقيق رسالتها وأهدافها وتقويتها وبذل كل ما يستطاع من أجل أن تبقى على ما كانت عليه مع استفادتها من معطيات العصر ومقتنياته، ومن خلال ما يجب أن تهتم به الجامعة في خدمة الدين والوطن وسد حاجات مؤسساته العامة والخاصة من الكوادر الوطنية المدربة والمؤهلة.
فقد كانت الرؤية واضحة والتوجه متفاعلاً من أجل إنشاء كليات ومعاهد ومراكز جديدة تسهم في هذا الاتجاه إسهامًا واضحًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويصوغ العملية التعليمية صياغة نافعة ومفيدة وإيجابية منطلقة من كتاب الله وسنة رسوله، وما كان عليه سلف هذه الأمة، وبناء على المنهج والطريق التي سارت عليه الجامعة، فقد توسعت في مجالاتها ووحداتها وأقسامها، فزادت وحدات الجامعة إلى ما يزيد على الضعفين عما كانت عليه سابقًا لتطوير العملية التعليمية.
وتم تدشين العديد من الكليات العلمية والتطبيقية مثل كلية الهندسة وكلية العلوم وكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية وعلوم الحاسب الآلي وكلية اللغات والترجمة وست عمادات مساندة، وجميعها في مبانٍ جديدة داخل المدينة الجامعية، ومجهزة بأحدث التجهيزات التعليمية والإنشائية والتقنية التعليمية، فما نصّ عليه الأمر السامي الكريم من أهداف لهذه الجامعة والتي تمثلت في أن الجامعة مؤسسة علمية وثقافية تعمل على هدي الشريعة الإسلامية، وأنها تقوم بتنفيذ السياسة التعليمية بتوفير التعليم الجامعي والدراسات العليا، والنهوض بالبحث العلمي والقيام بالتأليف والترجمة والنشر، وأنها تقوم بخدمة المجتمع في نطاق اختصاصها ستظل، وتحققت بالصورة المثالية التي أوصلها للريادة والعالمية، ومع ذلك تم مراجعة الأهداف، وبناء الاستراتيجيات العامة والخاصة القريبة والبعيدة، والنظر من خلال الرؤية الحكيمة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين -أيده الله-، رؤية 2030.
وأنشأت مكتبًا للتحول الوطني وذلك لمواكبة رؤية المملكة العربية السعودية 2030، حيث شملت وثيقة التحول دفع عجلة التعليم لمواكبة الرؤية التي تحمل في طياتها مستقبل الوطن والمواطن، ويأتي ذلك في إطار سعي الجامعة للتميز وتحقيق الإنجازات التي تتوافق وتنسجم مع رؤية المملكة 2030 وأهدافها المنشودة، التي نصت على ضرورة إشراك قطاع التعليم لتحقيق عدد من الأهداف من أبرزها:
تعليم يسهم في دفع عجلة التنمية، وترسيخ القيم الإيجابية وبناء شخصية مستقلة لأبناء الوطن، وتزويد المواطنين بالمعارف والمهارات اللازمة للتناسب مع احتياجات سوق العمل في المستقبل، إلى جانب التوسع في خصخصة الخدمات الشبكية، وتحسين جودة الخدمات التقنية عبر تيسير الإجراءات.
وشكلت الجامعة فرقا مكونة من خبراء محليين وعالميين لصياغة الأهداف، وبناء الخطة الاستراتيجية لتستوعب هذه المتغيرات التي تمر بها الجامعة في مرحلتها الحالية، لكن كما أكدت مرارًا أن ذلك لن يؤثر على رسالة الجامعة ورؤيتها وهدفها الأساس، بل سيزيدها قوة وثباتًا وتأكيدًا، وكان لتوجُّه الجامعة بزيادة أعداد المقبولين تنفيذاً لتوجيهات القيادة الحكيمة الذين يؤكدون دائماً على ضرورة استيعاب شباب هذا البلد في المؤسسات التعليمية؛ لأنهم الثروة الحقيقية لهذه البلاد في المستقبل بعون الله.
خدمة المجتمع
* ما أبرز ما قدمته جامعة الإمام في مجال خدمة المجتمع؟
* الجامعة رائدة في نشر التأصيل الشرعي والتركيز عليه، وخدمة الوطن والأمة بالخبرات التراكمية، والكفايات المؤهلة في ذلك، سواء من خلال كلياتها ومعاهدها التي هي أصل الجامعة وروافدها، ومن خلالها يمتد عطاء الجامعة إلى كل أنحاء وطننا الغالي، فلم تعد مواطن للتعلم والتعليم فحسب، بل أصبحت فروعًا للجامعة يمثل فيها كل ما يقدم في الجامعة، وكذلك الكراسي البحثية فهي صورة متميزة من العناية بالبحث العلمي كدعامة أساسية للمسيرة العلمية والبحثية في الجامعة، ولكنها في الوقت ذاته تحمل أبعادَا كثيرة، أهمها:
بناء الشراكة المجتمعية على أسس ومعايير يتم من خلالها إشراك القطاع الخاص للإسهام بدور ريادي في التنمية عن طريق تمويل هذه الكراسي التي تعتمد التخصص الدقيق الذي يخدم المجتمع، ويسهم في اقتصادية المعرفة، كما أن من أبعادها الإشادة بالقدوات والمثل، والاعتراف بدورهم، وتقدير إسهاماتهم، وذلك بتسمية الكراسي البحثية بأسمائهم، والوفاء لهم بهذه اللفتة التي تستدعي الحضور الذهني في كل مناسبة علمية تخص الكرسي المعين لقاء هذا التبرع السخي الذي مول به الكرسي، وكذلك الإشادة بالدور المؤثر في مسيرة الجامعة بعامة، وقد دخل برنامج كراسي البحث في الجامعة مرحلة جديدة تقوم على الشراكات الدولية والمحلية بغية تعزيز مكانة الجامعة على المستوى المحلي والدولي ودعم إسهامها في الحضارة الإنسانية، حيث أسفرت جهود الجامعة في هذا المجال عن دخولها في شراكات علمية وبحثية مع عدد من كبريات الجامعات والمؤسسات العلمية والبحثية العريقة عبر العالم، ويأتي هذا الكرسي في إطار دعم خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- لهذه الجهود.
ذكرى البيعة
* تعيش المملكة هذه الأيام الذكرى الثانية لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، كيف تصفون المشاعر في هذه المناسبة الوطنية العظيمة؟
* ذكرى البيعة ذكرى عظيمة، ذات أبعاد مهمة جليلة، نتذاكر بها حجم النعم وواجبنا تجاهها، ومسؤوليتنا تجاه المهددات والمخاطر، وها هي هذه الذكرى العزيزة تمر علينا في هذا الوطن الغالي، والمملكة الغالية في الثالث من شهر ربيع الثاني من هذا العام بيعة مليكنا المفدى، ملك الحزم والعزم الثانية المتجددة بإذن الله، وهي ذكرى عظيمة لملك همام، وقائد فذ، وحاكم استثنائي، قاد وطننا إلى مواقف العزة والكرامة، وقرارات الحكمة والحنكة والسداد، ليختصر بها مسافة الزمن في منجزات مباركة، حقق بها لوطنه وشعبه ما تعجز لغة الإحصاء أن ترصده، بل للعالم أجمع، نَعَم إنها ذكرى بيعة إمام المسلمين، خادم الحرمين الشريفين، المليك المفدى، سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أمده الله بعونه، وأدام عليه نعمه-؛ لأنها تعد امتدادًا تاريخيًا لهذه الدولة المباركة، التي تأسست على نصرة الكتاب والسنة، والقيام على أصل الأصول، وأساس الأمن، وأوجب الواجبات: توحيد الله جل وعلا بصورته الصافية النقية كما نزلت في عهد رسول الله، حامية هذا الأصل مما يشوبه ويكدره، محققة لجوانبه، محاربة كل مظاهر الشرك والبدع والانحراف، ومع تمسكها بهذه الثوابت العظيمة التي هي أساس العز والتمكين، وسبب كل خير عميم إلا أن ذلك لا يمنعها من التعامل مع متغيرات العصر، وتفاعلات الواقع، آخذة بكل سبب يؤدي إلى النهوض والارتقاء، وبلوغ الريادة والعالمية، وتجاوز الأزمات والفتن، والنوازل والمحن، والمهددات والمخاطر بكافة أنواعها وأنماطها، وصورها وأشكالها.
إن هذا المنهج المبارك، والرؤية البعيدة السديدة، والأصالة والشموخ، المعتمد على الأصول الشرعية هو ما قامت عليه دولة التوحيد لا سيما في هذا الدور الذي أقامه وشيد بناءه الملك المؤسس الباني المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه-، واستمر عليه أبناؤه البررة، متفاعلين مع قضايا العصر وتجدد الحوادث، وتعقيدات الواقع، بما يحمي هذه الثوابت، ويحقق التقدم والنمو والحفاظ على مقومات العز والتمكين، إنني أقول وأنا أستشعر مرور سنتين على ذكرى بيعة مليكنا المفدى، لكنها في ميزان المنجزات والتحولات تعادل عقود في بركتها وأثرها، فهي مليئة بكل خير وبركة على هذا الوطن الآمن ومواطنيه، ونصرة قضايا المسلمين والتفاعل مع آلامهم وآمالهم.
الملك سلمان أشرف بنفسه على مشروع مبنى جامعة الإمام
انطلق خادم الحرمين الشريفين في سياسته بما حباه الله جل وعلا من خلال وخصال القائد الفذ الذي يسجل له التأريخ بأحرف من نور، وتحفظ له السجلات الخالدة أعمالاً جليلة، ومكتسبات فريدة، بناها من إسهاماته التي أسهم بها مع إخوانه ملوك هذه البلاد -رحمهم الله- منذ أن كان حاكمًا لعاصمة العز والسيادة، رياض الوفاء والعطاء، واستمر في هذا العطاء حتى تشرفت البلاد والمواطنون بولايته، وحكمه الراشد، فامتد الخير وتكامل البناء، وتعاظمت قوة المملكة العربية السعودية، وأضحت ثقلاً عالميَا تحكي قوة الأسس والثوابت التي قامت عليها، ورغم الفترة القريبة لحكمه الممتد -بإذن الله- إلا أنه تحقق في عهد المليك المفدى منجزات نوعية، لا في المجال الوطني وعلى الصعيد الداخلي فحسب، بل حتى على المستوى الدولي والعالمي، حتى اختير -وهو جدير بهذا الاختيار- ضمن أعظم الشخصيات تأثيرًا في الواقع الدولي، وحصل في العام المنصرم من التحولات والمتغيرات ما قضاه الله وقدره لتثبت مملكة الحزم والعزم أنها القوة المؤثرة، والرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه، والمعادلة المتوازنة التي لا تتحقق المقاصد الكبرى إلا بها، حتى بلغت المملكة العربية السعودية في عهده -أيده الله- آفاق العز والخير، وفرضت نفسها على الواقع الدولي كرمز للسلام، والعزة ونصرة قضايا المسلمين، ومقاومة الإرهاب من أي مصدر كان بحزم وعزم، وتنفيذ حكم الله فيمن أفسد في الأرض فكانت هذه الحقبة القصيرة زمنياً مليئة بالمنجزات النوعية التي غيرت وجه العالم ولله الحمد.
الجامعة دخلت في شراكات كثيرة مع الجامعات العالمية
وهذه المناسبة الغالية فرصة عظيمة لأن نتذكر تفاصيل المنجزات، وما تحقق في هذه الحقبة الممتدة بإذن الله من خيرات وبركات، وما أغدق الله وأفاء ووفق إليه خادم الحرمين الشريفين من أوامر ملكية سامية تؤسس لاستقرار سياسي، ووحدة دائمة، وعز ورخاء وتؤكد ثوابت البلاد، وتحفظ هيبتها، وتثمر رخاءً ونعمًا لا تعد ولا تحصى، يَنْعم بها من شرفه الله بالانتساب إلى هذه البلاد العظيمة، بل وحتى المقيم فيها، فما أجلها من نعم في وقت نرى الناس والأمم من حولنا يتخطفون، ويفقدون أعز المطالب، وتبقى هذه البلاد عزيزة آمنة مطمئنة، فالحمد لله على آلائه، ونسأل الله الذي أفاء بهذه الآلاء أن يحفظها من الزوال، ويحميها من دعاة السوء والفتنة، وهي تذكير لنا جميعًا لمقاومة ومواجهة الفتن التي تعصف بنا، وتخطي العقبات وما يقدره الله مما تعم به البلوى من النقص والابتلاء في الأرزاق، فننظر إليها من منظارين، أحدهما: القدر الذي نؤمن به إيمانًا جازمًا، ونطبّقه عقيدة واضحة، على حد قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، فما من شيء إلا وهو كائن بقدر الله تعالى، ومثل هذا الاعتقاد مما يتسلى به المؤمن، ويقوي إيمانه، ويرفع درجاته، ولذا جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء الله فعل»، رواه مسلم، وثانيهما: الشرع: فنعلم أن ذلك يحتم علينا زيادة اللحمة، ومواجهة هذه المصائب بمزيد من التوحد مع ولاة الأمر، ونستشعر أن هذا جزء من أداء الواجب ورد الفضل والمعروف، وهو المحك الذي نثبت به وطنيتنا، ونصدق به محبتنا لديننا وعقيدتنا وولاة أمرنا.
دلالات عظيمة
* في مناسبة ذكرى البيعة تبرز أهمية الوحدة الوطنية كصمام أمان لأمننا واستقرارنا ومكتسباتنا، كلمة من معاليكم للمواطنين عن أهمية المحافظة على هذه الوحدة.
* لا شك أن ذكرى البيعة تحمل دلالات عظيمة، لكن أبرزها ما أشرتم إليه من صورة مثالية، ورابطة شرعية، ولحمة وتماسك وتعاضد بنى فيها المواطنون علاقتهم بولاة أمرهم وقادتهم على الأصول الشرعية، فهذه العلاقة ليست علاقة شعب بحكامه فحسب، وليست علاقة تحكمها المصالح، وليست نمطًا اجتماعيًا أو سياسيًا فحسب، بل هي أبعد من ذلك وأعلى وأجل، فمنطلقها التعبدلله بهذه البيعة التي كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبذلونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده، يدينون بها لله، ويتعبدون بمقتضياتها التي وردت في مثل حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في قوله: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وعلى أثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله" أخرجه البخاري ومسلم، وجاء في صحيح مسلم قال: جاء عبدالله بن عمر إلى عبدالله بن مطيع - وكان ممن خلع يزيد بن معاوية رضي الله عنهما وخرج عليه- حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال: أخرجوا لأبي عبدالرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، قال صلى الله عليه وسلم: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وهذا الحديث وعيد شديد، وتأكيد وتشديد في شأن البيعة، وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة، فقال: "ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"، فبسطنا أيدينا، فقال قائل: يا رسول الله: إنا قد بايعناك فعلام نبايعك؟ فقال: «أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وتقيموا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا -وأسرد كلمة خفية- ولا تسألوا الناس شيئاً» قال: فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطه فلا يسأل أحداً يناوله إياه، وغيرها كثير من النصوص التي تضمنت وعدًا ووعيدًا، فالوعد في حق من أوفى بالبيعة ونصح لله في التعامل، والوعيد في حق من نكث ونقض وأخل ببيعته.
وهي تذكير لنا بأهمية الوحدة الوطنية وتماسك البناء الداخلي، والحرص على رأب الصدع، ونبذ كل صور النزاع والفرقة والاختلاف، سواءً لبس هذا النزاع ثياب التطرف المذهبي أو الإقليمي أو القبلي، ولا يخفى أن تماسك الجبهة الداخلية وقوة اللحمة الوطنية يعكس الجانب المضيء من تأريخ هذه الدولة التي امتدت رقعتها، وشملت هذه الأطراف الشاسعة على أساس من الثوابت والقيم التي تحكم العلاقات بين المواطنين على أساس قاعدة الحقوق والواجبات بعيدًا عن لغة العنصرية والتفرقة المذهبية أو الطائفية أو المناطقية أو غيرها مما يشتت المجتمع ويحزبه.
عين الحكمة والعقل
* كيف ترون مستقبل المملكة من خلال رؤية 2030؟ وما هي توقعاتكم لمسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ؟
* امتدادًا للمنجزات المباركة، والإسهامات المؤثرة في هذا العهد الممتد المبارك، جاءت منظومة من الإجراءات والقرارات والتوجهات التي فرضها ظرف الوقت، والمتغير الاقتصادي والدولي، وكانت هذه الإجراءات هي عين الحكمة والعقل، وأثمرت هذه الرؤية المباركة السديدة التي تعتمد المنهجية الدقيقة، والتوازن المطلوب لمواجهة الأزمات، وتستدعي مواطن القوة وفرص النجاحات، ومكامن الإبداع، وعوامل التأثير في التغيير الإيجابي الذي يخفف الاعتماد على مصدر واحد، ويجعل المسيرة الاقتصادية تتكيف مع الواقع الإقليمي والدولي، وتجابه المخاطر والمهددات، ومن هنا فإن رؤية المملكة 2030م، وبرنامج التحول الوطني 2020م هما صمام الأمان بعد حفظ الله وتوفيقه وتسديده، وبقراءة المؤشرات، ورصد التفاعل يجزم المتابع بأنها كانت رؤية محكمة، وعملاً مباركًا، يحفظ حق الأجيال القادمة، ويؤسس لقوة اقتصادية عظيمة، وواقع مثالي بما يحقق للمواطنين الرخاء والسعادة والتقدم والرقي في مختلف المجالات.
واعتمدت الاهتمام بالتنمية الشاملة وفق منهجية واضحة، وخطط علمية، ترفع كفاءة الأداء، وتتعامل مع الحاضر وتستشرف المستقبل من أجل التوجه نحو تنوع مصادر الدخل، ورفع مستوى الإسهام، والمشاركة في البناء من الجميع، وبما يستوعب التحولات المختلفة إقليميا ودوليا واستحقاقات المستقبل وخططه بصورة تدريجية واقعية في أولويات مرتبة، تنعكس بإذن الله تعالى لمواطن هذه البلاد رفاهيةً وازدهاراً، في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية، والإسكان والموصلات، بل حتى في المجالات السياسية، فهنيئًا لنا بمملكتنا الغرّاء، وهنيئًا لنا بولاة أمرنا الأوفياء، الذين خططوا بإبداع، وأبدعوا في التخطيط، وقدموا الشواهد الناصعة، والبراهين القاطعة على تحمل المسؤولية كاملة عن هذا الوطن وثرواته ومقدراته، وحسن التخطيط، وسلامة البناء، فاللهم أدم أمننا، وأنجح قصدنا، وبارك سعينا.
سياسة حكيمة
* تحديات أمنية واستراتيجية واجهت المملكة مع تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم، كيف ترون منهجه -حفظه الله- في التعامل مع التحديات؟
* من نعم الله علينا في هذه البلاد المباركة، والوطن الآمن، المملكة العربية السعودية ما وُفِّق إليه وُلاةُ أمرِها وعلى رأسهم مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله-، بمؤازرة ومعاونة عضده المكين وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع -أدام الله علينا نعمة ولايتهم، وحفظهم وزادهم عزًّا وتمكينًا- من اتخاذِ التدابِير الواقِية، وسن القراراتِ والأوامر لصدِّ سَلبيَّات الأزمَات والحروب والفتن عن بلادنا حرسها الله، بخُصوصيَّةٍ مكِينةٍ ثابِتة، وهوِيَّةٍ واقِعيَّةٍ راسِخة، تستدعي الخبرات، وترصد الوقائع، وتعتمد الأصالة، وتنشد المثالية، ليكون أثر الأزمات والمتغيرات محدودًا، ويدفع الله جل وعلا عن البلاد والعباد تلكم الآثار، وهذا مرده إلى توفيق الله لولاة أمرنا وتسديدهم، ثم ما تميزوا به من خلال وخصال، فإن اللهَ جعلَ الإمامَ العادِلَ قِوامَ كلِّ مائِل، وقصدَ كلِّ جائِر، يحمي به الله البلاد، وينصر به المظلوم، ويقمع به الظالِم، لا سيما في هذا الأوان المدلهم بالخطوب، الزاخر بالتقلبات الفكرية، والتحدياتِ السياسية والمجتمعية، والمهددات الداخلية والخارجية.
فالمملكة العربية السعودية تواجه في الحد الجنوبي العدو الغادر الظالم الذي خان وطنه، وأعان الصفويين على بني جنسه، وهدد هذا الوطن، ووجه سهامه إليه، وفي المنظومة الدولية هناك أزمات لا تخفى، وفي الجانب الآخر قوى الإرهاب وتنظيماته التي لا تفتأ تستغل الفرص وتحاول النيل من وحدة هذا الوطن، ومع كل ذلك كانت السياسة الحكيمة على الصعيد الداخلي والخارجي سببًا بعد توفيق الله وحفظه في حماية الجبهة الداخلية والخارجية، وتخفيف آثار تلكم المهددات والمخاطر، ومواجهتها بما يتطلبه ظرف الزمان والمكان، ويراعي المتغيرات على كافة الأصعدة، ولهذا ضربت المملكة أروع الأمثلة وأنصع الحجج في سلامة السياسة، وقوة المنهج، وثبات الوضع واستقراره، فالحمد لله على توفيقه لهم، واللهم أدم أمننا، واحفظ وطننا، وهذا يتطلب من كل مواطن مخلص لدينه ووطنه أن يكون عيناً ساهرةً أمينةً على تحقيق الأمن لنفسه ومجتمعه، بل ولأمته الإسلامية جميعاً، وأن يقف في وجه كل من يريد بهذه البلاد الآمنة سوءًا أو فتنة بكل ما أوتي من قوة.
كشف الحقيقة
* يواجه الأمن القومي العربي مع مشروع التوسع الصفوي الطائفي تحديات لا تقتصر على المملكة فقط. برأيك كيف يمكن التصدي لذلك؟
* كما أشرتم أن هذا المشروع التوسعي الطائفي ومن أسف من المهددات الكبرى، وهو وراء الأزمات وحملات الاستهداف القديم وفي هذا الوقت، وكانت سياسة التدخل وتسييس المواسم وتحريك الخلايا، وإدخال المنطقة في أزمات وصراعات وحروب تنفذ أجندتها أكبر شاهد على سوء النوايا، وحجم الاستهداف، والمملكة العربية السعودية عانت كثيرًا من الصلف الفارسي، والتعنت الإيراني الذي يأبى إلا الاستغلال والمزايدة، والتشويه والتمسك بما لا يقره شرع ولا عقل من توظيف طاقتها وجهودها الشيطانية لخدمة التوجهات السياسية، والنوايا السيئة، والأعمال التخريبية، كما يشهد بذلك تأريخهم، وعملهم في الأماكن المقدسة والمشاعر والأزمنة الفاضلة والأمكنة وعلى كافة الأصعدة، والحكومة الإيرانية وللأسف تصر على موقفها الطائفي البغيض الذي ينطوي على مقاصد سياسية، وتوجهات مشبوهة، واستغلال سيء، وتوظيف لكافة السبل لخدمة الطائفية والصفوية، في مشاركات تحريضية، وإسهامات عدوانية، ونفس بغيض اعتمد الفساد والإفساد، وأحرق الأخضر واليابس، وطال دولاً عديدة لتصبح خرابًا، وأثرًا بعد عين، وليكون الضحايا من المدنيين الأبرياء، الذين لا حول لهم ولا قوة، وليكون ذلك كله شاهدًا من الشواهد التي تضاف إلى السجل الحافل بالفساد والإفساد، والتخريب والإرهاب، والعنصرية والطائفية، والقتل والإجرام، وهم بهذا العمل يشابهون المشركين الذين قال الله عنهم: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ".
والمواقف السياسية والأمنية للمملكة حجمت من هذه الآثار، ودرأ الله بها الخطر عن هذا الوطن، وعن بلاد الجوار، واليمن شاهد على ذلك، وأثبتت لغة الحزم والقوة أن العدوان لا يرتد إلا على أصحابه، وأن هذه البلاد بقيادتها وولاة أمرها وعلمائها وكافة أبناء مجتمعها في مواجهة هذا المد الطائفي، والتهديدات الأمنية، ولن يصلوا إلى شيء من مرادهم بإذن الله، وعنصر القوة وأساس الروح المعنوية: وضوح الحق، وعدالة الموقف، وثوابت هذا الدين التي تجعلها في مواجهة قوة ظالمة جائرة، ولهذا فيجب أن يكون للإعلام دور في كشف حقيقة هؤلاء المزايدين، وأن تفعل الاستراتيجيات الإعلامية، والأساليب العلمية لتقديم هذه الشواهد للعالم أجمع.
كما أن من واجب العلماء وطلاب العلم والدعاة التصدي لهذا المشروع الخطير، وأن يظهروا هذه الحقائق الوافية، والحجج الواضحة، وأن يبينوا الموقف الشرعي تجاه هذه السياسات الإيرانية، والتعنت الصفوي، وأن يبرزوا موقف المملكة العربية السعودية المباركة الذي قام على نصرة الحق، ونشر العدل والسلام، وخدمة المسلمين كافة على السواء، ومن مسؤوليتنا أن نلهج بالدعاء أن يحفظ الله هذه الدولة خادمة للحرمين، وحامية لمقدسات المسلمين، وحارسة لدين الله على النهج الحق الذي هو نهج أهل السنة والجماعة، وأن يمكّن الله لولاة أمرنا ويزيدهم عزًّا ونصرًا وسؤددًا.
عظم المؤامرة
* كيف وجدتم أصداء مبادرة الملك سلمان في إنشاء التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب؟
* المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- حملت على عاتقها هم الإسلام وخدمة المسلمين، والتصدي لكل ما من شأنه الإضرار بالمسلمين، والتأثير على وحدتهم، ولها في ذلك في الإطار العالمي والعلاقات الدولية رؤية واضحة، وسياسة قائمة على مقاصد الشريعة وقواعدها ومبادئها، والتي تؤسس للسلم والسلام، وتتفاعل مع العالم برؤية متوازنة تعتمد قاعدة الأولويات، وتنتهج مبادئ التعايش والوحدة، ونبذ العنف والتطرف والإرهاب، ودعوات الفرقة والتفرق، ومواقع التوتر، ودعم كل دعوات السلام والحوار، ولاسيما أنها من الدول التي تعرضت منذ وقت مبكر لمنظومة من الأعمال الإرهابية، ووجهت إليها سهام الغدر من التنظيمات المتطرفة، تهدف إلى خلخلة أمنها، وشق صفها، ولهذا سجلت الأرقام والإحصاءات تعرض المملكة لأكبر عد من الهجمات التي حمى الله الوطن منها، وهي تحكي حجم الاستهداف، وعظم المؤامرة، ولهذا واجهت المملكة قوى الشر والإرهاب على المستوى الدولي بما لها من مكانة دولية وإقليمية، ولما لقادتها الميامين من ثقل بما حجم من ضررها وأثرها.
وتعد المملكة العربية السعودية هذا الشأن جزءًا من مسؤولياتها الجسام، وأولوية قصوى تؤدي به واجبًا تجاه هذا الدين العظيم، فكانت لها مواقف مؤثرة وإسهامات نوعية، من أبرزها في هذا العهد الميمون المبارك مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لإنشاء التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي يؤكد استمرار هذه الجهود، وامتداد هذه السياسة الحكيمة الحازمة القائمة على التأكيد على التمسك بثوابت الإسلام ومبادئه التي تحفظ الحقوق، وتبني الحضارات، وتؤسس لعلاقات متوازنة يسودها الأمن والأمان والسلام والاطمئنان، ومحاربة الإرهاب والغلو والتطرف، في وقتٍ أظهرت النظرة المتطرفة صورة سلبية عن الإسلام، وجرأت خصوم الإسلام وأعداء المسلمين عليهم، وذلك بما ارتكبه أصحاب الأفكار والمبادئ المنحرفة من تصرفات إجرامية، وأفعال مشينة، وجرأت أعداءه عليه، واختطفت المصطلحات الشرعية ووظفتها في انحرافاتها، وحرضت على وحدة هذا الوطن ولحمته، ونسبت تلك الأفعال والتصرفات زورًا وبهتانًا إلى الدين، والدين منها براء، وهذا ما برز واضحًا جليًا في مبادرة خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- معلنًا الحرب على الإرهاب وتنظيماته، مؤكدًا العزم على السير في هذا الطريق حتى ينتصر صوت الاعتدال والوسطية، وتندحر قوى الإرهاب.
وفي الإطار الداخلي تمكنت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين من الانتصار على الإرهاب ومنظماته، ولم تكن المواجهة في المسار الأمني بل حتى في الإطار الفكري والتنظيري، وكانت إسهاماتها وجهودها قوة ناعمة مؤثرة، وهي تقدم هذه الخدمة لدين الله أولا بتنقيته من خطاب التطرف الذي شوهه، ثم استصلاحًا لأبنائها الذين تنكبوا الطريق، واستجابوا لدعوة الشيطان، واحتل هذا الموضوع، والقضية الحساسة، والمهدد الأكبر الأولوية القصوى لمعالجة هذه الظاهرة، وكانت إحدى القضايا المهمة التي عالجها الخطاب الملكي في اجتماع المليك المفدى بأعضاء مجلس الشورى، حيث أكد على خطورة هذه الآفة التي اكتوت بها بلادنا الحبيبة، ومملكتنا الآمنة، آفة الإرهاب والتكفير، التي تعد أخطر ظاهرة تعاني منها المجتمعات، وامتدت آثارها وتداعياتها حتى شكلت فسادًا وإفسادًا يهلك الحرث والنسل، واستهدفت الأخضر واليابس، ولم يسلم من ضرر هذه الفتنة أحد، وهذا ما أوضحه -أيده الله- في كلمته عن محاربة الإرهاب حيث قال -أيده الله-: "إن الإرهاب آفة عالمية اكتوى بنارها العديد من الدول والشعوب، فليس له دين ولا وطن، ولقد كان لأجهزة الدولة الأمنية الباسلة جهود جبارة في التصدي للإرهابيين بكل حزم وقوة، ولقد وفقوا ولله الحمد في ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم إضافة إلى تنفيذ عمليات أمنية استباقية أسهمت بشكل فاعل في درء شرورهم وإحباط مخططاتهم، ونحن عاقدون العزم بحول الله وقوته على دعم وتعزيز قدرات أجهزتنا الأمنية بكل الوسائل والأجهزة الحديثة التي تمكنهم من أداء مهامهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه وهي مصدر فخرنا واعتزازنا"، ويكفي هذا الحديث شاهدًا على الأولوية التي يوليها ولاة أمرنا ومليكنا -أيده الله- لقضية الإرهاب -حمانا الله منه ومن دعاته-.
تعزيز التعاون
* قبل أيام قام خادم الحرمين الشريفين الأخيرة بجولة في دول مجلس التعاون الخليجي، كيف قرأت نتائج تلك الجولة؟
* العلاقات بين قيادات دول مجلس التعاون الخليجي علاقات متينة وطيدة، قائمة على احترام الحقوق، والوحدة المتمثلة في التكاتف والتماسك في كل مجالات الحياة، وهي ظاهرة للعيان لا تحتاج إلى تأكيد، مؤسسة على روابط مهمة، ومشتركات ظاهرة، ومنطلقات أساسية، قوامها روابط الدين والعقيدة واللغة، والمصير المشترك، والهدف الموحد، وهي منطلقات وحدت المنطقة منذ زمن، وزادها ترابطًا قيام هذا المجلس المشترك الذي نال عناية فائقة من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة دول المجلس -حفظهم الله-، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي كانت ولا تزال سباقة إلى كل جهد أو عمل يعزز هذه الروابط، ويقضي على الخلافات.
وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين لدول مجلس التعاون الخليجي: الإمارات وقطر والبحرين والكويت في هذا الإطار، وهي تدل بجلاء على عمق هذه العلاقات تأريخيًا وثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، باعتبار أن بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية هي العمق الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي، وللدول العربية والإسلامية، كما تأتي تعزيزًا للتعاون والتبادل، وزيادة لفرص الوحدة بين دول المجلس، وترسيخًا للهوية الخليجية والعربية والإسلامية لدول مجلس التعاون، ودعمًا لترابط المجمع الخليجي وأمنه واستقراره، ولمسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعمًا للتعاون والتكامل بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في دول المجلس، وقد أحدثت هذه الجولة نقلة نوعية في العلاقات المشتركة، كما أنها مهدت الطريق لقيام الاتحاد الخليجي، الذي يمثل حلمًا لشعوب المنطقة، بقيادة مليكنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله-.
* خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- معروف باطلاعه الواسع، وعلاقاته بالعلماء والأكاديميين والمثقفين، كيف ترون دعم وإسهامات الملك سلمان في المجالات العلمية بالجامعات السعودية وجامعة الإمام بصفة خاصة؟
* خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- عُرف بمحبته للعلم وأهله، وحب الاطلاع والثقافة، فقد تلقى تعليمه في مدرسة الأمراء التي أنشأها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وتلقى فيها أصل الأصول، وأساس العلوم، كتاب الله- عزّ وجل-، واحتفي والده به حينما ختم القرآن في يوم الأحد 12/8/1364ه، وهذا يدل على تكوينه تكوينًا علميًا منهجيًا، ويدل دلالة واضحة على تلك العلاقة الوثيقة، والصلة الكبرى بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- والوسط العلمي بمختلف فئاته وعلى رأسهم العلماء؛ هذه العلاقة التي عنوانها الكبيرaتشجيع العلم، والحرص على العلماء بتأييدهم ؛ وإبراز دورهم، والاهتمام بما يكفل لمسيرة العلم ديمومتها وسيرورتها وفق ما اختطه ولاة الأمر في هذا الوطن من البقاء على ثوابت الدين، والحفاظ على ركائز العقيدة الصحية، والأخذ بأسباب التحديث والتطوير، والعناية بالعلماء وتقديرهم وتقريبهم والتواصل معهم، وهذا من ثوابت هذه البلاد الغالية، منذ عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه، وجعل الجنة مأواه-، حيث اتخذ العلماء بطانة له، بل كان هو منهم، يحاورهم ويجالسهم ويستمع إليهم، واستمر أبناؤه على هذا النهج السديد، والعمل الرشيد.
وفي إطار عناية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بالمؤسسات العلمية وعلى رأسها الجامعات فلا يحتاج الراصد إلى كبير عناء ليثبت ذلك، ونحن في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية جامعة العلوم والسيادة والريادة نفخر بأننا الجامعة التي حظيت بكل الدعم والمؤازرة، وليس منذ توليه، بل منذ أن كانت في موقعها السابق وتوثقت علاقته -أيده الله- مع الجامعة حينما توسعت الجامعة، واحتاجت لموقع جديد يستوعب الأعداد الهائلة والوحدات والأقسام العلمية التي تتشكل منها الجامعة، فكانت منه تلك الرؤية الحكيمة التي لم يدر بخلد أحد أن تكون بهذه الصورة المثالية، ليأتي اليوم الذي تصبح فيه الجامعة بوابة الرياض تستقبل القادمين إليها من طريق مطار الملك خالد الدولي، فأشرف على هذا المشروع منذ أن كان فكرة، ووقف بنفسه مع المسؤولين عن الجامعة على مواقع ليقع الاختيار على هذا المكان المتميز الذي أقيم عليه مشروع المدينة الجامعية الضخم، وشيد على أحدث طراز، وبمواصفات عالمية، استفادت فيه الجامعة من كل خبرة في مثل هذه المشروعات العملاقة.
وها هو -يحفظه الله- يقول عن هذه المناسبة وهذا الاختيار في كلمة له عند افتتاح المدينة الجامعية في عام 1412 ه: "ولقد كانت بدايتي مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منذ بدايتها الأولى في عهد المغفور له الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ثم في عهد كل من الملك سعود والملك فيصل والملك خالد -رحمهم الله-، ولا زلت أعاصر هذه الجامعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الذي تابع مسيرة إخوانه في دعمه للعلم والعلماء، وذلك يجعلني أحس بأنني أحد منسوبي هذه الجامعة، أسر بسرورهم وأعمل من أجل مستقبلها ومن أجل مستقبل مدينة الرياض التي تزهو بهذه الجامعة الرائدة وبمدينتها الجامعية المتقدمة التي تعد من المعالم الحضارية البارزة فيها، وإن إنشاء هذه المدينة الجامعية في مدينة الرياض أمر يثلج صدري، ويغمرني سعادة ومحبة لهذه المدينة الناهضة التي تشرفت بإمارتها والإشراف المباشر على شؤونها، لقد كنت متابعًا لمسيرة مثل هذه الجامعة، ولإقامة هذه المدينة، وأعلم المشكلات التي واجهتها الجامعة في سبيل ذلك، ولقد كان لي شرف المساهمة بما أستطيع في حل تلك المشكلات، وتحقيق ما تطمح إليه هذه المدينة الجامعية.
لقد أسهمت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تطوير مدينة الرياض في مناسبات عدة، واكتملت في إقامة هذه المدينة الجامعية التي عبرت عن أصالة المواطن السعودي وقدرته على العطاء، وأبرزت تراثنا الخالد في العمارة الإسلامية، ويسرت لأبنائنا الجو العلمي المفعم بالسعادة والاستقرار".
إن هذه الإشادة والعناية والاهتمام مصدر فخر لكل منسوبي الجامعة؛ لأنها تؤكد بأن هذه الجامعة أثيرة لديه -أيده الله-، ومحط عنايته واهتمامه، وحقًا فهذه الجامعة مثال على رؤى مستنيرة، تستشرف المستقبل البعيد، وترسم الأهداف الاستراتيجية بدقة عالية، وتوازن بين المتطلبات، لتكون في النهاية واقعًا متجسدًا.
أ. د. سليمان أبا الخيل
د. أبا الخيل بعد لقائه نائب رئيس اليونيسكو
أكّد أن جامعة الإمام ماضية في خدمة الوطن تحت راية قيادته الرشيدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.