من أعظم الأشياء التي منحتنا الشبكات الاجتماعية؛ أنها رفعت من هامش النقاش وحرية الرأي، وصار كل شيء متاحا للطرح والمحاسبة، ولا مستثنى أو مبعد، وهي القيمة التي ستضفي الكثير من النضوج على مجتمعنا، الذي أصبح يتشكل من جديد.. لذلك سعدت بكل الآراء التي ناقشت لقاء الأمير محمد بن سلمان، مع بعض العاملين في القطاعات الصحفية، والثقافية، والإبداعية وغيرهم، ونقدها بشكل موضوعي، وطرح الأسئلة والتساؤلات، بعيدا عن الشخصنة والابتذال والتخوين. شخصيا، أعتقد أن لدينا علاقة غير واضحة، أو مرتبكة إن صح وصفي، بين السلطة أو المسؤول، والمثقف أو العامل في القطاع المعرفي، وكذلك الناشط في المجال الاجتماعي أو الحقوقي، على افتراض أن هذه الشريحة يفترض أن تأتي من خلفية "المجتمع المدني"، أو المؤسسات الإعلامية، التي تعمل كرقيب لعمل الحكومة، ولا يجب أن تتبنى وجهة النظر الرسمية، وهو مفهوم بشكل تام في المجتمعات الناضجة تماما.. لكن هذا لا يمنع أن تكون هناك تقاطعات، يلتقي فيها المثقف - أو مهما كان وصفه - مع المسؤول، للنقاش، وإبداء الرأي، والتفتيش عن الإجابات الكبيرة. السؤال الأهم ما الذي قاله الأمير؟ ما الشيء الذي حفز الحضور على نشر التفاؤل، حتى اللا حدود، حتى اتهموا بالمبالغة والتزلف والتمثيل.. هي كلها أسئلة مطروحة ومستحقة ويجب الإجابة عليها. لا أعتقد أنه يمكن تلخيص اجتماع استمر لأكثر من خمس ساعات، به الكثير من العروض والأفكار والأرقام والأسئلة، ولكن استطيع أن اختصر الأمر بقولي أنه لا يوجد ما هو مستثنى من الطرح، ولا توجد استفسارات بلا إجابات، ولم يكن هناك سقف، كانت السماء حدود الوضوح، بل أنه - وبنظري - كانت الأجوبة تمطر قبل أن تنثر كأسئلة. التفاؤل، بوصفه الرأي الذي استعمر قناعات الحضور، يجب أن يكون ممتدا من القناعة الشخصية، وهو الأمر المعقد في تركيبة المثقف، حيث لا يفترض أن ينحاز للآراء الشعبوية، ما لم تكن تشبه ما يؤمن به، ولا إلى الرؤى الرسمية، في نفس الوقت، التحدي أن يقول رأيه دائما، أن يكون هو، أن يختلف مع المؤسسات الحكومية بالرأي، وكذلك الجماهير، وأن يتسق مع قناعاته على الدوام. أعود لي، ولما شاهدت وسمعت، فأنا في قمة التفاؤل، وهذا الانطباع الحقيقي لدي، الذي يستوجب ترجمة فعلية على الواقع، من خلال المنجز المنتظر.. والأيام كفيلة باستمراريته أو تراجعه. عندما أقرت "الرؤية"، نشرت بعد أيام - عبر هذه الصحيفة - عن وجوب وجود تقارير دورية، أو مؤتمرات صحفية، تشرح الخطوات والصعوبات، والإخفاقات إن وجدت حتى، ويكون المواطن على إطلاع دائم، وكررت هذا للأمير عندما التقيته. ومع كل تفاؤلي، فلا زلت أردد أن العمل يجب أن يكون بشفافية دورية، لا تفاؤل مؤقتاً، وعلى "مجلس الاقتصاد" أن يعمل على ذلك. قد يكون الوضع الحالي لا يحتاج الكثير من الشروحات "بنظري"، بل الانتظار، لأن الأشياء التي لم تحدث بعد؛ لا يمكن أن تقدم كدلائل، ولكن الاستعداد (الذي رأيناه) يجبرنا على التفاؤل.. والحلم ب"سعودية" جديدة، تتسع لأحلامنا واختلافاتنا. والسلام