بعد شهرين على رحيل الروائي عبدالرزاق المانع، اقام نادي الرياض الادبي ليلة وفاء لتعريف الوسط الثقافي بأدبه، وإلقاء الضوء النقدي على مجموعته القصصية وعمله الروائي، وبين الناقد د. معجب العدواني بورقته ان رواية «صخب الحياة» لعبدالرزاق المانع من روايات الشتات النجدي المتواتر، الذي عانته عائلات نجدية كثيرة منذ أكثر من أربعة قرون مبيناً ان تلك العائلات من أواسط الجزيرة العربية، لتستقر في البلدان المجاورة كالعراق والبحرين والكويت، وكانت مدينة (الزبير) موقعًا ملائمًا لأغلبها، وحقق أولئك المهاجرون نجاحات كبيرة في ميادين الحياة المختلفة، لكنهم عانوا من ويلات الهجرة، وآلام الشتات. مشيراً الى ان وعي الجيل الجديد، الذي تشرب الفن الروائي، هذه الظاهرة، فكتبوا عنها أعمالًا روائية، ومن تلك الأعمال: «لا يوجد مصور في عنيزة»، و»مدرس ظفار»، و»النجدي الطيب» للمؤلف البحريني الراحل خالد البسام، وفي هذا السياق تأتي رواية المانع موضوع الدراسة، ومن الذين كتبوا عن التجربة من الخارج نشير إلى منجز الروائي البحريني أحمد جمعة في روايته «يسرا البريطانية»، وتشكل هذه الأعمال التي اهتمت بمدينة الزبير نواة تيار روائي جسد كتابة المنفى، لكنها لم تستثمر بعد في الدرس النقدي. واشار العدواني في ختام ورقته الى ان الدراسة تناولت ثلاثة جوانب؛ يتصل الجانب التمهيدي منها بمدينة الزبير بوصفها فضاء الرواية، وبالمصطلح الذي انتخبته الدراسة لمعالجة الرواية وتحليلها، وهو مصطلح (الشتات) الذي استثمر في التحليل النقدي، ثم الانتقال إلى العمل الروائي بوصف ملامح كتابة الشتات وتفسيرها. وبينت د. هيفاء الفريح بورقتها عن الراحل قاصاً ان مجموعة عبد الرزاق المانع «ذات صباح ربيعي» تضم بين دفتيها: اثنتي عشرة قصةً تحكي عذابات الأفراد العاديين، لحظة أزمة. إنها قصص لا تتبع حيواتهم من المنبع حتى المصب، وإنما تقتنص الدوامة التي في نهر تلك الحيوات التزاماً بما تقتضيه أصول كتابة الأقصوصة. وقالت الفريح انه إكمالاً لمسيرة (جوجول) الذي خرج القُصّاص من معطفه؛ بتسليطهم الضوء على الشخصيات المسحوقة فقراً وهماً وظلماً وان المانع حول تلك العذابات، وفنية التركيز على لحظة كاشفة عنها. وتم توزيع رواية صخب الحياة على الحضور التي تتناول هجرة قسم من أهالي نجد إلى جنوبالعراق قبل أربعمئة سنة، وكيف عاشوا، وإلى أي حد تأثروا بمحيطهم، أو أثّروا فيه، وما الأسباب التي دعتهم إلى ترك «الزبير» التي عاشوا فيها ردحاً من الزمن والعودة إلى بلد المنشأ والأصل. الرواية الصادرة عن النادي الأدبي بالرياض بالشراكة مع المركز الثقافي العربي، وهي تسرد في قالب روائي مشوق، حياة ثلاثة أشخاص من أهل مدينة الزبير في أواسط نشأتها قبل تسعين عاماً، بوصفهم نماذج تمثل مجموع الشرائح الاجتماعية من أهلها «النجادة، أي أصولهم من نجد» بمستوياتهم المعاشية المتباينة: مؤذن وصاحب بسطة لبيع الخضراوات، وسائق سيارة حمولة امتلكها بعد جهد جهيد، وصاحب متجر لبيع المواد الغذائية والحبوب بالجملة والمفرد. د. هيفاء الفريح د. معجب العدواني