أكد الأستاذ عبدالله العيفان - سفير المملكة لدى دولة قطر - عمق العلاقات السعودية - القطرية. جاء ذلك في حديث ل«الرياض» فيما يلي نصه: * ما تقييمكم للعلاقة السعودية القطرية الآن؟ * لا شك أن العلاقات الثنائية القائمة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر الشقيقة هي علاقات قديمة وراسخة تقوم في أصلها وجوهرها على ركائز ثابتة، وهي علاقات تتجاوز أواصر الجوار والقربى والمصالح المشتركة لتوصف بحق أنها علاقة مصير مشترك. وفي المرحلة الراهنة أفخر بالمستوى المُتميز الذي بلغته علاقات بلدينا وشعبينا الشقيقين في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، ولا شك أن الجميع يرى بوضوح العمل الجاد لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ذلك إلى جانب مدى التنسيق الوثيق والمواقف المشتركة للبلدين على الصعيد الخارجي، ومع أن الدلائل على ذلك كثيرة إلا أن أبرز ما يمكن الإشارة إليه في هذا الإطار هو العمل المشترك من قبل البلدين في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وتنسيق المواقف فيما يتعلق بالقضية السورية، وبالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المنشود في أسواق النفط. وأنا على ثقة أن هناك مستقبلاً واعداً لهذه العلاقات في ظل الاهتمام والرعاية الكبيرين بها من لدُن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظهما الله، اللذين عملا على رعاية وتطوير هذه العلاقات في مختلف المراحل ومنذ أن كانا يتوليان منصب ولاية العهد في البلدين. سرنا ما رأيناه من حفاوة وحسن استقبال خلال زيارة خادم الحرمين لقطر * هل لنا بنظرة على العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين؟ * من المعلوم أن العلاقات الاقتصادية بين بلدينا الشقيقين تحظى باهتمام كبير على المستوى الرسمي حيث يجري العمل خلال اللقاءات والاتصالات الثنائية على مناقشة هذه العلاقات وتأطيرها رسمياً، كما تحظى هذه العلاقات وفي مسار موازٍ باهتمام مجلس رجال الأعمال السعودي القطري المشترك ليكون بمثابة قناة للتواصل المباشر بين رجال الأعمال لتحقيق أفضل أوجه التعاون لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، ولإيجاد الحلول لما قد يطرأ من صعوبات أو عقبات. وقد تحقق ولله الحمد الكثير في هذا الإطار حيث بلغ حجم التبادل التجاري عام 2015م بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر ما قيمته حوالي سبعة مليارات ريال منها 1.8 مليار ريال لصالح دولة قطر، و5.1 مليار ريال لصالح المملكة. كما نجد الكثير من المشروعات تنفذها شركات البلدين لدى بعضهما البعض فهناك (315) شركة بملكية كاملة للجانب السعودي تعمل بالسوق القطري، إضافة إلى (303) شركات مشتركة يعمل فيها رأس المال السعودي والقطري برأس مال مشترك يبلغ (1.252) مليار ريال. ولعله مما يستحق الذكر في هذا الخصوص أن الرياض قد استضافت في شهر نوفمبر الماضي (2016) معرض (صنع في قطر) وكذلك منتدى أعمال قطري سعودي لمناقشة سبل زيادة الاستثمارات بين البلدين. إجمالاً يمكنني القول أنه على الرغم من أهمية ما تحقق في هذا المجال إلا أنه في ظل رؤية البلدين الوطنية الواعدة 2030 فإن هناك آفاقاً أرحب لهذه العلاقات الاقتصادية إذا ما نظرنا للإمكانات والفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين، وللروابط القوية التي تجمع بين شعبيهما، ناهيك عن المزايا النسبية الاقتصادية المتاحة للتعاون بين البلدين وربما لا تتوفر لغيرهما. * كيف تنظرون لموقف شعوب الخليج حيال التحديات الاقتصادية؟ * لا يخفى على أحد بأن دول الخليج تأثرت بانخفاض أسعار النفط كغيرها من الدول المصدرة للنفط، إلا أن الأثر السلبي لهذا الانخفاض كان محدوداً ولله الحمد، وهو ما تراه فعلياً الشعوب الخليجية في بلدانها حيث تتواصل مسيرة البناء والنماء في طريقها المرسوم لها وذلك بفضل من الله ثم بفضل الرؤى الاستراتيجية التي وضعت في حسبانها مثل هذه التقلبات التي تمر بها أسواق الطاقة. ولعل مثل هذه التقلبات قد جاءت لتؤكد أهمية المسعى نحو تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل وهو أمر سعت إليه خطط التنمية المتواصلة، ومثَّل مرتكزاً أساسياً لرؤية المملكة 2030 التي تُعتبر رؤية استراتيجية تنموية شاملة، تهدف لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط والغاز كمصدر رئيسي للدخل، وذلك عبر سُبل عِدَّة أهمها بناء الإنسان، وتطوير التعليم والتدريب، ودعم الصناعات الوطنية، واستغلالاً للموارد والإمكانات العديدة الأخرى على الوجه الأمثل، وتشجيع الاستثمار الداخلي والأجنبي. * قطر الآن أصبحت قبلة للسائح السعودي بسبب عدة عوامل، بماذا تنصح السائح السعودي الذي ينوي التوجه لقطر؟ * عند الحديث عن الركائز القوية التي تستند إليها علاقات البلدين أشرت إلى أواصر القربي الوثيقة بين مواطني بلدينا الشقيقين وهو أمر يجعل من تواجد أبناء كلاهما في البلد الآخر أمراً طبيعياً ومستمر الحدوث، إلى جانب ذلك كان للقفزات التنموية الهائلة التي شهدتها دولة قطر دور كبير في تبوئها مكانة هامة ضمن المقاصد السياحية في المنطقة الأمر الذي ساهم بشكل مضطرد في زيادة عدد الزائرين السعوديين إلى دولة قطر، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن السعوديون قد جاؤوا كأكثر الجنسيات مساهمة في نمو القادمين إلى دولة قطر خلال الفترة 2010 – 2015 بنسبة 42٪ من إجمالي عدد القادمين، وخلال العام الماضي (2015م) بلغ عدد الزائرين من المملكة إلى دولة قطر 855555 زائر. أنا على ثقة أن هناك مستقبلاً واعداً لهذه العلاقات وهنا لعلي أنتهز هذه الفرصة للترحيب بإخوتي وأخواتي من المملكة العربية السعودية الزائرين لدولة قطر، مُؤكداً أن تواجدهم في بلدهم الثاني دولة قطر هو مصدر سعادة لنا ولأشقائهم في دولة قطر الذين يفرحون بتواجدهم ويترجمون في تعاملهم كل معاني الأخوة والمحبة والكرم وحسن الضيافة. أما بالنسبة لاستفسارك عن النصيحة التي يُمكن تقديمها للزائرين إلى دولة قطر فهي في المقام الأول نصيحة عامة عند السفر ألا وهي التأكد من صلاحية وثائق السفر والمحافظة عليها من الضياع والتلف، مع الاحتفاظ بنسخة منها للرجوع اليها في حال فقدانها لا سمح الله، وكذلك تسجيل بياناتهم إليكترونياً في موقع وزارة الخارجية قبل مغادرة المملكة لتسهيل تقديم المساعدة المطلوبة في حال الأزمات لا سمح الله. كما أحث الجميع على احترام كافة الأنظمة والقوانين في الدولة والالتزام بقوانين السير المعمول بها، والتي يمكن الاطلاع عليها عبر البوابة الالكترونية لإدارة المرور دولة قطر. المنطقة تمر بأزمات خطيرة والتضحية والعمل المخلص الجاد ووحدة الكلمة هي مصدر القوة * هناك العديد من التسهيلات التي تقدمها السفارة للسعوديين الموجودين في قطر أو لغير السعوديين الراغبين في زيارة المملكة، نريد أن تبين لنا تلك التسهيلات وكيفية الحصول عليها؟ * هذا صحيح، وحقيقة لايسمح المقام باستعراض كافة الخدمات والتسهيلات التي تقدمها السفارة ولكني أود التأكيد -على وجه العموم- لجميع أبناء وبنات المملكة العربية السعودية الزائرين منهم أو المقيمين أن السفارة تتشرف بخدمتهم وبتقديم كل رعاية ومساعدة يحتاجونها وذلك على مدار الساعة ليلاً و نهاراً طوال أيام الأسبوع بما في ذلك إجازات نهاية الأسبوع أو الإجازات الرسمية. ونحث كافة المواطنين على التواصل مع السفارة حال الحاجة للاستفسار أو المساعدة سواء عبر زيارتها أو الاتصال على الأرقام التي تردهم على هواتفهم حال وصولهم دولة قطر أو على رقم الطوارئ الموحد وأعدهم أنهم سيتلقون كل ترحيب ودعم ومساعدة. إلى جانب ذلك تحرص السفارة على إبقاء قنوات تواصل مفتوحة مع المواطنين حيث يتم توجيه الرسائل والنصائح ونشر الأخبار والفعاليات دائماً عبر موقع السفارة الرسمي على شبكة الانترنت وأيضاً عبر حساب السفارة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". أما بالنسبة للخدمات المقدمة لغير السعوديين وبالذات إصدار التأشيرات فالسفارة ممثلة في القسم القنصلي تقدم خدمات متميزة لهم بالتعاون مع مكاتب الخدمات المعتمدة وبحيث يتم إصدار كافة أنواع التأشيرات خلال فترة لا تتجاوز أربع وعشرين ساعة من دخول الجوازات إلى السفارة بعد استكمال كافة البيانات والمتطلبات وفقاً للتعليمات والأنظمة المرعية في المملكة. * منذ تواجدكم في الدوحة تحرصون على حضور الفعاليات الثقافية خصوصاً الفعاليات التي يشارك بها سعوديون، كيف ترون نتائج هذا الدعم؟ * لا شك أن التواصل والنشاط ضمن المجال الثقافي هو جزء هام من الدور المنوط بالسفارة سواء عبر المهام المتعددة التي تقوم بها الملحقية الثقافية بالسفارة لتعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين على كافة المستويات، أو من خلال الجهود والمشاركات المتعددة التي أسعد دائماً بأن أكون جزءاً منها حيث التواصل مع المثقفين والإعلاميين من خلال التنظيم أو المشاركة في الفعاليات والمناسبات الثقافية المتنوعة، وبخاصة تلك التي تتضمن مشاركة للمملكة سواء بوفود رسمية أو بمشاركات شخصية لمواطني المملكة في هذه الفعاليات والتي تشمل إصدارات الكتب في معارض الكتاب، والندوات، ومعارض الفن التشكيلي، والنحت، وعروض الفنون الشعبية... إلخ * أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدولة قطر مؤخراً، كان هناك استقبال رسمي وشعبي كبير، على ماذا يدل هذا الاستقبال الاستثنائي؟ * لقد سرنا جميعاً ما رأيناه من الحفاوة وحسن الاستقبال خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، وهي الزيارة التي عبَّر خلالها أبناء دولة قطر عن محبتهم للمملكة العربية السعودية وقائدها في مشاعر عفوية صادقة تجسدت خلالها علاقات وثيقة راسخة بين البلدين والقائدين اللذين بادلا شعبيهما حباً بحب وولاءً بعطاء. إلى جانب ذلك عكس هذا الترحيب الكبير المكانة الخاصة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية وقيادتها، والتقدير البالغ للدور الرائد الذي تضطلع به المملكة بقيادة ملك الحزم والعزم لتعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والإرتقاء بها، وللدفاع عن أمن واستقرار هذه الدول، ولمواجهة المخاطر والتحديات التي تعيشها المنطقة على وجه العموم. * العلاقات السعودية القطرية علاقات متميزة وتشهد انسجاماً كبيراً، كيف يمكن الاستفادة من هذا الانسجام بما يعود بالنفع على مواطني البلدين بشكل أكبر؟ * سبق القول إن العلاقات الثنائية القائمة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر الشقيقة هي علاقات قديمة راسخة تقوم في أصلها وجوهرها على ركائز ثابتة، وأنها علاقات تتجاوز أواصر الجوار والقربى والمصالح المشتركة لتوصف بحق أنها علاقة مصير مشترك. وفي المرحلة الراهنة أفخر بالمستوى المُتميز الذي بلغته علاقات بلدينا وشعبينا الشقيقين في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، وهذا في واقع الأمر شيء متوقع في ظل الاهتمام والرعاية الكبيرين من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني -حفظهما الله-، اللذين عملا على رعاية وتطوير هذه العلاقات في مختلف المراحل ومنذ أن كانا يتوليان منصب ولاية العهد في البلدين، وأنا على ثقة بأن المسيرة المتصاعدة لمستوى العلاقات بين البلدين ستثمر الكثير من الخير والرفاه لشعبيهما الشقيقين. * واجهت الدول الخليجية الكثير من التحديات في ظل التهاب المنطقة، كيف يمكن أن تتجنب دولنا الخليجية تلك المخاطر؟ * لا شك أن المنطقة تمر بأزمات خطيرة سياسية واقتصادية، وأقول بكل ثقة أن التضحية، والعمل المخلص الجاد، ووحدة الكلمة هي مصدر القوة وأساس تحقيق كل نجاح وإنجاز. والمملكة العربية السعودية في ظل حكم ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تقود مسيرة جادة مع دول الخليج الشقيقة لتحقيق كل ما يوحد كلمتها ويخدم مصالحها ويرعى شعوبها ويحمي أمنها واستقرارها من المُؤامرات والتدخلات خاصة من قبل إيران التي للأسف لا تضمر لنا خيراً، ولم ترعِ روابط حسن الجوار وتسعى لتنفيذ مخططاتها العدائية لدولنا الخليجية وتستهدف أمننا العربي على وجه العموم. واستشعاراً من دولنا لخطورة هذه التحديات، وإيماناً بالمصير المشترك وأهمية وحدة الموقف فقد بدأت هذه المسيرة للعمل يداً واحدة في إطار جماعي لمواجهة هذه المخاطر والتحديات، ذلك إلى جانب التواصل الدائم بين قادة دول مجلس التعاون ومسؤولي دولهم عبر الزيارات والاتصالات واللقاءات الثنائية المتواصلة على كافة المستويات، للتنسيق والتعاون في كافة المجالات وبخاصة بين الأجهزة الأمنية والعسكرية سعياً نحو تحصين مجتمعاتنا من كافة الشرور، وللدفاع عن دولنا وسيادتها وحمايتها من كل حاقد ومُغرض. * هل أصبح الاتحاد بين الدول الخليجية ضرورة ملحة؟ * المسيرة الخيّرة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مستمرة رغم كل التحديات، ولقد نجح المجلس بفضل من الله ثم بفضل الرؤية الحكيمة والعمل الجاد لقادة دولنا، ومنذ تأسيسه، في مواجهة الكثير من التحديات والأزمات التي عاشتها المنطقة، كما قطع المجلس خطوات كبيرة في طريق تعزيز التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء. ومع القناعة التامة بأهمية ما حقق المجلس من إنجازات في مجالات متفرقة، إلا أن ما تواجهه دولنا من تحديات، وما يجمع دولنا وشعوبنا من أواصر وعلاقات، وما يختلج في أنفس قادتنا ومواطنينا من آمال وطموحات يدفع للنظر بأمل كبير إلى الاتحاد كهدف سامٍ نثق بمسعى دولنا الجاد نحوه. ولعل ذلك ما أكده البيان الختامي للدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في مملكة البحرين مؤخراً (6و7 ديسمبر 2016م) حيث أوضح أن القادة تدارسوا سير العمل في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وفقاً لقرار المجلس الأعلى في الدورة ال(36) التي عقدت في 9 - 10 ديسمبر 2015م، كما اطلعوا على ما وصلت إليه المشاورات بشأن تنفيذ قرار المجلس الأعلى في دورته (36) حول مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتوجيه المجلس الأعلى بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتكليف المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المتخصصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى المجلس الأعلى في دورته القادمة. عبدالله العيفان