ما شد انتباهي في فكرة مركز محمد بن نايف للمناصحة أنه يتعامل مع أصل فكرة الإرهاب، فهو يهدف في أساسه إلى اقتلاع جذور الفكرة من أدمغة المغرر بهم، فإلإرهاب في جوهره فكر، والفكر يجب أن يحارب بالفكر حتى يقضى عليه. فكرة مركز محمد بن نايف للمناصحة هي فكرة حضارية عالمية بامتياز، وهو علامة فارقة على مستوى العالم في مواجهة الأفكار المنحرفة والأصولية المتطرفة، ويحمل في طياته مشروعاً حضارياً في مناصحة المغرر بهم وإرجاعهم إلى جادة الحق والصواب. لا شك أن الأمير محمد بن نايف هو مهندس فكرة هذا الصرح الحضاري الذي يحق للمملكة العربية السعودية وشعبها العظيم الافتخار به، ولا غرو، فالأمير محمد بن نايف قد كابد التعامل مع ملفات الأمن الحساسة وقضايا الإرهاب فترة طويلة، واستفاد كثيراً من عصارة تجربة والده الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، أسطورة الأمن وعميد وزراء الداخلية في العالم، واستفاد كثيراً من تلمذته عليه ومرافقته له. لقد بنى الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز -حفظه الله-، صورته المشرقة عبر جهده ونشاطه وتضحياته الكثيرة، ليكون من أبرز الشخصيات المؤثرة في العالم، وسبق أن وصفت أبرز وسائل الإعلام العالمية مثل صحيفة (واشنطن بوست) سموه بقائد أكبر حملة عالمية لمكافحة الإرهاب، وكذلك ما أوردته صحيفة (تلغراف) من وصف سمو الأمير محمد بن نايف بأنه رجل الداخلية القوي والجنرال المحنك الذي حقق نجاحات كبيرة في التصدي لجماعات التخريب والعنف. وقالت صحيفة (فاينينشال تايمز): (إن الأمير محمد بن نايف استطاع أن يقود حملة بلاده في مكافحة الإرهاب بنجاح كبير، وأحبطت المملكة بإدارته الناجحة لجهود مكافحة الإرهاب أكثر من (160 عملية إرهابية).. لقد أثبت المركز نجاحاته المتوالية يوماً بعد يوم بإعادته الكثير من الشباب المغرر بهم إلى جادة الصواب أولاً، ثم إعادة دمجهم في ميدان المجتمع ومساعدتهم بتأهيلهم إلى أبواب أسواق العمل، وبالتالي إرجاعهم لحياتهم الطبيعية. من الزوايا المشرقة لهذا الصرح المبارك هو حرص الوزارة على إعطاء مكافأة مالية للمستحقين لها بعد إطلاق سراحهم والتأكد من خلو فكرهم من أي انحرافات تطرفية لتكون عوناً لهم في إبتداء حياة جديدة منفتحة على المجتمع. أيضاً من الأمور المبهجة التي تأسر النفس وتسر الخاطر تلك الخدمات الراقية لنازليه كالعلاج بالفن التشكيلي، وهذه من الأمور الحضارية المتقدمة التي تعطي للمركز وهجاً متقدماً في الرقي، حيث يقوم مجموعة من الخبراء في الفن التشكيلي بعلاج النزلاء وتقديم العون لهم في تطوير مهاراتهم الفنية والتشكيلية. كما يضم المركز العديد من الملاعب والصالات الرياضية التي تساعدهم على الترويح عن النفس كملاعب كرة القدم والسلة وكذلك الألعاب الإليكترونية المتنوعة كالبلاستيشن. كما يقدم المركز خدمة الحج المجاني للنزيل مع اثنين من أقاربه، ولعمري إنها لبرامج إنسانية عظيمة، تفضح عقول المتطرفين المعاندين وتبين مدى كذب وزيغ المتهجمين، وتوضح للجميع في الداخل والخارج مدى مرونة تعامل المركز مع أبنائه المغرر بهم. لقد حظيت تجربة مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة باهتمام كبير من قبل المتابعين والمراقبين الدوليين والمهتمين بشؤون الإرهاب وحازت على رضاهم واستحسانهم، بل وقد حرصت بعض الدول التي تعاني من الإرهاب على نقل هذه التجربة الرائدة إلى بلدانهم. تجدر الإشارة إلى أن المركز يضم نخبة متميزة من علماء الدين الأفاضل، ومجموعة من الخبراء المتميزين في قضايا الإرهاب، كما يضم مستشارين نفسيين واجتماعيين، يأتلفون جميعاً في أدوار منتظمة ومرتبة في المهام المسندة إليهم ليشكلوا فريقاً متجانساً ناجحاً في إعادة الشباب المغرر بهم إلى جادة الحق والصواب، ثم مساعدتهم على العودة إلى الحياة الطبيعية والانخراط في المجتمع. نسأل الله تعالى أن يجنب بلادنا المصائب والفتن، ويدحر الإرهاب عن وطننا الغالي، ويعز قادتنا وولاة أمرنا.