بين الحلم والواقع مسافات طويلة متعبة، وأحياناً مستحيلة على من لا يعمل متعللاً بالصعوبات ويقف مكانه منتظراً أن يخدمه الحظ وتساعده الظروف ولكنها قصيرة جداً ولا تكاد تذكر على من يحث السير قدماً فلا يلتفت لمن خلفه ولا يأبه بقوافل المثبطين وإن قطعت عليه الطريق مرة بعد مرة بل يصنع منها جسراً للعبور إلى وجهته فيصل مزهواً بإنجازه مستلذاً بتعبه لأجل غايته الكبرى. كانت خصخصة الأندية مثار سخرية من لا يفقهون في الرياضة سوى أنها واجهة إعلامية يمارسون من خلالها البقاء في دائرة الضوء لإثارة التعصب وذلك مبلغهم منها ويمضي العام بعد العام وهم في ذات الزاوية المعتمة، وستائر النسيان تسدل على تاريخهم بأكمله ولا يبقى عندما اعتمدت الخصخصة سوى تصريحاتهم تعاد للسخرية من قصور إدراكهم وفكرهم فما سخروا منه انتهت دراسته وخرجت توصياته وأقرت نتائجه بموافقه مجلس الوزراء، وسيبدأ تطبيقه قريباً في خطوة جبارة يقودها رجل المرحلة رئيس الهيئة العامة للرياضة وعراب التخصيص الأول الذي استلم ملفها حلماً في عهد رعاية الشباب ورأس فريق عمل الدراسات النهائية لها وانتهى من ذلك في وقت قياسي ليتم إطلاقه في توقيت ذهبي تزامناً مع رؤية 2030 ليكون تخصيص الأندية أولى تباشيرها رياضياً وبادرة مشجعة لبقية قطاعات الدولة لكسر حاجز الخوف والبدء في التغيير الإيجابي لمواكبة العصر وتحقيق أهداف الرؤية فالوقت الذي يمضي بعضه بلا عمل سيمضي جله بلا نتيجة. الرياضة السعودية ينتظرها مستقبل مشرق اقتصادياً وفكرياً بهذا القرار التاريخي فهي به تخلع رداء العشوائية في العمل التي كان أخطر نتاجها سوء الإدارة المالية وتراكم الديون على بعض الأندية بشكل مبالغ فيه وهو ما استدعى تدخل هيئة الرياضة لإيجاد حلول وقتية أكثر من مرة ولو لم تفعلها لحدث ما لا تحمد عقباه. قرار تخصيص الأندية سيجعلها تتجه إجبارياً للعمل المنظم الذي يسير بها نحو الاحترافية الكاملة في الإدارة ويفتح لها آفاقاً واسعة في الاستثمار المجدي عبر زيادة وتنوع مصادر الدخل مما سيعينها على الإدارة الذاتية دون الحاجة لاستجداء أعضاء الشرف عند شح الموارد وهذا بالتأكيد يعني اختيار الكفاءات المتخصصة في التسويق والإدارة وهو ما سيتيح فرصاً للشباب السعودي المؤهل للعمل في الأندية وبضمانات مالية واضحة ذلك أن العمل الحالي أغلب من يؤديه ليسوا إلا محبين، بعضهم متعاون في وقت فراغه وليس متخصصاً في مجاله، أما رجال الأعمال الذين سيستثمرون في الأندية فهم يعرفون أين يضعون أموالهم ولن يسمحوا أن تهدر سدى كما يحدث الآن بلا أي ضابط وهو ما يستوجب إعادة الأندية لهيكلتها الإدارية والمالية لتكون مستعدة وجاذبة للاستثمار الآمن فمع التخصيص لن تكون إداراتها مجرد رئيس هو الآمر الناهي وأعضاء إدارة شكلية مكملة للنصاب كما لن يتحكم في مصيره أعضاء الشرف فقد حان الوقت ليكون المقياس بالربح والخسارة.