على الرغم من مضي تسعة مواسم على بدء دوري المحترفين بمختلف مسمياته إلا أن بعض الظواهر البعيدة عن الاحترافية والمرتبطة بزمن الهواية لم تختف من ملاعبنا، بل إن بعض المجهودات والتنظيمات لم تنجح على الأقل في الحد من انتشارها. أبرز هذه الظواهر هي التواجد المستمر لرؤساء الأندية بجانب جيش من الإداريين على دكة البدلاء أثناء المباريات في منظر أبعد ما يكون عن الاحترافية واحترام التخصص في العمل، وعلى الرغم من تكرر المطالبات في كل موسم بالحد من هذه الممارسات واتخاذ إجراءات صارمة حيالها، إلا أن اتحاد الكرة ولا رابطة دوري المحترفين لم ينجحا في تقليص عدد الأفراد الذين يجلسون بجوار الطاقمين الفني والفني واللاعبين البدلاء. هذا المشهد غير المناسب وغير الاحترافي يناقض كل محاولات التنظيم والوصول فعلاً إلى الاحترافية المنشودة والتي لا يمكن بلوغها من دون تنظيمات صارمة تطبق على الجميع ويكون كل مسؤولي الأندية أمامها متساوين من دون تمييز أو مراعاة لنادٍ من دون آخر. لا أحد يعلم عن الدور الذي يلعبه رئيس النادي أو الأهمية التي يشكلها تواجده على الدكة، سوى التدخل بالعمل الفني أو الضغط على الحكام ومناقشتهم عند نهاية أي من شوطي المباراة وإحداث الفوضى، في منظر لا يحدث إلا في الملاعب السعودية. الكل يعرف أن دور رئيس النادي يتمثل بإدارة النادي ككل وليس الفريق الأول فحسب، وأن ارتباطه بالفريق الأول يكون من خلال التعاقدات وتسهيل الأمور المالية وتوفير متطلبات الفريق وجهازه الفني من تعاقدات ومستحقات سواء كانت مرتبات أو مكافآت أو غيرها بجانب بقية المصروفات، لكن ما دخل رئيس النادي والمشرف على الفريق إدارياً بالعمل الفني الذي من المفترض أن يكون حاضراً لوحده أثناء والمنافسات، وما هي الإضافة التي سيقدمها وجود الرئيس أو نائبه وحتى المشرف للفريق على الصعيد الفني؟ الجواب المؤكد أنه لا فائدة سوى محاولات الحصول على حقوق غير مشروعة من خلال الضغط على الحكام أو التأثير على القرارات الفنية لمدربي الفريق، ليبرز التساؤل عن الهدف من التعاقد مع مدربين يحمل كلاً منهم سيرة ذاتية جيدة طالما أن الرئيس سيبقى على الدكة ويتدخل في كل شيء؟ هل تشهد أي من ملاعب دول العالم المتحضر كروياً مثل هذه الظاهرة الغريبة التي تعيدنا لزمن الملاعب الترابية وافتعال المشاكل والصراخ؟ بالتأكيد لا، وهذا ما يدعو لمطالبة هيئة الرياضة أولاً ومن ثم اتحاد الكرة ورابطة دوري المحترفين ثانياً لاتخاذ إجراءات صارمة تجاه جيوش الإداريين، فالمنطق والاحترافية يقولان إن التواجد على أرضية الملعب يخص الأفراد الفنيين، وإن كان ثمة ضرورة لبقاء مسؤول إداري فالمفترض أن لا يكون هناك أكثر من إداري واحد مسؤول عن الجوانب الإدارية. في كرة القدم لا مكان للحديث عن أية خصوصية، فالكل يعلم أن الميدان لأهله من لاعبين ومدربين وطواقم طبية، وما عدا ذلك فالأمر مجرد ضرب من ضروب الفوضى ومحاولات التأثير على المسابقات ونتائجها من خلال الضغط على الحكام والحصول على حقوق غير مشروعة، فمتى يتم التحرك لإيقاف هذه الفوضى؟