لبنان أمام فرصة تاريخية من أجل العودة لأداء دوره الطبيعي ضمن محيطه العربي الذي ابتعد عنه فترة ليست بالقصيرة في إطار عملية اختطاف بقى أسيراً لها ولتبعاتها، لبنان الذي نعرف كان سيداً حراً يملك قراره، كان تجربة ديموقراطية فريدة من نوعها في عالمنا العربي مزجت بين طوائف عدة في محيط جغرافي صغير ونجحت عندما كانت مصلحة لبنان هي الأهم، وعندما تم اختطافه بقوة السلاح ومحاولة سلخه عن واقعه العربي لتنفيذ أجندات خارجية زجت به في متاهات لازال يعيش تبعاتها ففقد دوره وانتماءه وهويته. المملكة في مقدمة الدول العربية التي دائماً ما دعمت لبنان وحرصت على أمنه واستقراره واستقلاله، فعلى مر الزمن كانت المملكة تقف إلى جانب لبنان في كل الأزمات التي مر بها، فالعلاقات بين البلدين بدأت عام 1952م عندما استقبل الملك المؤسس -رحمه الله- الرئيس الراحل كميل شمعون، واستمرت بعد ذلك في إطارها الطبيعي والذي تميز بالعمق في كثير من الأحيان، وعندما مر بلبنان ظرف الحرب الأهلية (1975-1991) كانت المملكة في صدارة المشهد عندما دعت الأطراف اللبنانية المتحاربة إلى مؤتمر الطائف؛ الذي تم فيه إقرار وثيقة الوفاق الوطني اللبناني المعروفة باسم (اتفاق الطائف)، والتي أكدت هوية لبنان العربية وجاءت بعدد من الإصلاحات في النظام السياسي اللبناني. صُدِّق الاتفاق في جلسة مجلس النواب البناني بتاريخ 5 نوفمبر 1989، وهو الذي أصبح فيما بعد بتاريخ 21 سبتمبر 1990 دستوراً جديدًا للجمهورية اللبنانية، فالعلاقات السعودية اللبنانية علاقات مختلفة عن علاقات الدول العربية بلبنان، فالشأن اللبناني دائماً ما كان حاضراً في أجندة السياسة السعودية عبر الدعم السياسي والاقتصادي المتواصل. لبنان رغم صغر مساحته الجغرافية إلا أنه يظل عنصراً أساسياً في تشكيل المواقف العربية فهو إحدى الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، وله مكانة في قلوب كل العرب، وعودته إلى حاضنته العربية أمر لابد منه أن يكون؛ لأن ذلك هو مكانه الطبيعي وليس أي مكان آخر.