في مجال توطين الوظائف نردد منذ سنوات عبارة أصبحت مرتبطة بهذا الموضوع وهي (يجب توطين وظيفة كذا وكذا لأنها سهلة ولا تتطلب مهارات أجنبية) هذه العبارة قد يكون لها ما يبررها في زمن مضى، أما الآن فهي عبارة مزعجة وتمثل إهانة للمواطن. إن ترديد هذه العبارة يعني عدم القناعة بمؤهلات ومهارات المواطن بل وعدم الثقة بمخرجات التعليم. الطالب (المواطن) يأتيك متخرجا من جامعة مرموقة محلية أو خارجية وفي تخصص مطلوب ثم يصطدم بسوق عمل يحفظ تلك العبارة التي تربط المواطن بالوظائف السهلة فقط. وأحيانا تبرز عبارة أخرى مكملة للأولى تقول: (الوظائف المناسبة للسعوديين). وبهذه العبارة نجعل فرص توظيف المواطن محدودة، ونخصص وظائف معينة -وهي كثيرة- للوافد، وتقود الى أسئلة عن هذه القضية: * هل يوجد قائمة بالوظائف المناسبة للسعوديين، وما هي الأسس التي انبثقت منها هذه القائمة؟ * هل يوجد قائمة بالوظائف المناسبة للوافد ولا يجوز للمواطن ممارستها؟ * هل فرص العمل في المكاتب السياحية، والشركات، والمستشفيات والمستوصفات، والصيدليات، والأعمال الحرفية والفنية في الميادين المختلفة، وفرص العمل خارج المملكة في المكاتب السعودية، هل كل ذلك غير مناسب للسعوديين، ومن الذي قرر ذلك؟ * هل تتاح للمواطن في القطاع الخاص فرصة البداية والتدريب واكتساب المهارة بالممارسة كما تتاح للوافد؟ * هل من المنطق أن يتجه عدد كبير من خريجي الثانوية العامة الى الجامعات فقط؟ وكأنها هي الطريق الوحيد الى العمل؟ * هل فرص العمل ينطبق عليها مفهوم الخصوصية؟ * هل لدى القطاع الخاص قائمة بالوظائف التي تصنف (صعبة أو غير مناسبة) للمواطن، وهل يوجد مثلها بالنسبة للوافد؟ * هل العيب في العمل أم في عمل العيب؟ وأخيرا أمامنا تجربة توطين قطاع الاتصالات وهي تجربة ناجحة حسب المؤشرات والتقارير. وهي تجربة توفر لها عوامل النجاح ومنها الرغبة الصادقة، والتنسيق والتعاون بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. بمثل هذا التكامل والتعاون نستطيع الاستمرار في التوطين في مجالات مختلفة بشرط أن نلغي من أذهاننا الفكرة الجاهزة الثابتة التي تربط علاقة وثيقة بين المواطن والأعمال السهلة. [email protected]