المرأة جبلها الله بالغيرة على زوجها في حال تزوج بأخرى تقاسم الرجل والمرأة الحياة على حد سواء ولا غنى لجنس دون الآخر فبهما تكتمل الحياة حيث جعل الله بينهما رحمة ومودة إلا أن الله حلل للرجل الزواج بمثنى وثلاث ورباع, وجعل العدل أساسا حتى تسير العجلة دون مشاكل, والغالب في المجتمع جمع الرجل بين زوجتين, أما الجمع بين ثلاث وأربع زوجات مع أنها موجودة منذ القدم لكنها لا تعتبر ظاهرة, وهي ما تسمى في لهجة بعض مناطق المملكة (الطباين) أي زوجات الرجل الواحد, وفي أخبار التنافس بين الزوجات على كسب وجذب كل واحدة منهن قلب الزوج المشترك وشدِّه نحوها, وفي القصص التي جاءتنا عبر الموروث الشعبي عن الضراير, ما وضح لنا الكثير في العادات الاجتماعية, ما كانت عليه المرأة في حياتها الخاصة والعامة, خصوصا في نفسيتها كأنثى جبلها الله بالغيرة على زوجها في حال تزوج بأخرى, فقد تستميت الضرة بحياكة المواقف للإيقاع بضرتها, لأجل أن تنفرد بزوجها كزوجة وحيدة له. وفي الموروث العربي جاءنا أخبار المتعدد الزوجات, ومنها ما يلي حيث قيل لأعرابي: مَن لم يتزوج امرأتين لم يذق حلاوة العيش! فتزوج امرأتين فقال أبياتا مبديا فيها ندمه على هذه الخطوة رسم فيها مشهدا لعراك الزوجتين على الزوج وعناء زوج الضراير: تَزَوَّجْتُ اثنتينِ لِفَرْطِ جَهْلِي بِمَا يَشْقَى به زَوجُ اثْنتينِ فقلتُ أصيرُ بينهما خروفًا أُنَعَّمُ بين أَكْرَمِ نَعْجَتَيْنِ فصِرْتُ كَنَعْجَةٍ تُضْحِي وتُمْسِي تُدَاوَلُ بينَ أَخْبَثِ ذِئْبَتَيْنِ رِضَا هَذِي يُهَيِّجُ سُخْطَ هَذِي فَمَا أَعْرَى مِنَ احْدَى السُّخْطَتَيْنِ وأَلْقَى في المعِيْشَةِ كُلَّ ضُرٍّ كَذَاك الضُّرُّ بينَ الضَّرَّتَيْنِ لهذي ليلةٌ ولتلكَ أُخْرى عتَابٌ دَائِمٌ في الليلَتَيْنِ فإنْ أَحْبَبْتَ أنْ تَبْقَى كريمًا مِنَ الخيراتِ مَمْلُوءَ اليَدَيْنِ وتدركَ مُلْكَ ذِي يَزَنٍ وعَمْرٍو وذي جَدَنٍ ومُلْكَ الحَارِثَيْنِ ومُلْكَ المُنْذِرَيْنِ وذِي نُوَاسٍ وتُبَّعٍ القَدِيمِ وذِي رُعَيْنِ فَعِشْ عَزَبًا فإنْ لم تَسْتَطِعْهُ فَضَرْبًا في عِرَاضِ الجَحْفَلَيْنِ والغيرة فطرة في طبيعة الأنثى, تثور في نفسها حين تمس الزوج, فالسيدة عائشة رضي الله عنها كانت تغار على الرسول صلى الله عليه وسلم من زوجاته, رغم أنها كانت أحب نسائه لقلبه. ويحسب الرجل أن بالزوجة بالثانية سعادة لا تضاهيها سعادة, ويظن أن الجمع بين النساء كزوجات, تجعل من بيته مملكة يسودها الطمأنينة والفرح, حتى يقع في شراك كيدهن المر, ليبدأ بإعادة حساباته تجاه موضوع الجمع بين الزوجات. وعانت جميع المجتمعات من غيرة المرأة على زوجها, التي قد تكون في بعض الأحيان قاتلة, إلا في حال فطنة الزوج وحزمه, الذي يدقق بتصرفات زوجاته, ويحسب لهن ساعة الصفر, ولأن المرأة تعرف حاجات المرأة, ومشاعرها, ومصدر ضعفها وقوتها, لذا يرى المثل الشعبي الآتي (أضرب النساء بالنساء وأضرب الهجن بالعصا) أن الزواج بأخرى يخفف النزاع بينهما, وأنه علاج للمرأة المجافية لزوجها كتأديب لها وأقوى صفعة قد تمر بحياة المرأة, ويرى المجتمع أنها تقلب الموازين لصالح الرجل, حيث يعيد تأهيل الزوجة للأفضل, فتنقلب من حالة التجافي إلى حالة التودد وإظهار الطيبة والاخلاص, وتنصرف عن مناكدة الزوج بالكيد للضرة في محاولة منها ليعود الزوج لها وحدها, ما يدفع الزوجة الثانية بالدفاع عن الزوج جذبه نحوها, فتجعلهما في حالة منافسة ومغامرات مستمرة, والكيد هو أداة الغيرة بين النساء. تنقلب هذه الغيرة في أكثر الحالات إلى حرب ضروس بين الضراير, ويوجه الزوج الذكي هذا العداء إلى منفعة تعود لهما وله بالفائدة وليزدن في سباقهما للفوز بقلبه, لكنه يحتاج منه لجهد مستمر. وعرف عن الرجل الذكي ذي الزوجتين عبر الموروث الشعبي, عدم إظهار حقيقة شعوره العاطفي نحوهما, حتى لا يفقد احترامهما, وليبقى السباق أو الصراع الذي بينهما موجودا. ومنها هذه القصة لرجل من البادية تزوج بزوجة ثانية كانت جميلة جدا لكنها مزاجية وسريعة الغضب, وكانت زوجته الأولى هادئة وقليلة التذمر والكلام لكنها ليست جميلة, فكان يحب الزوج الجلوس عندها, ويحاول التعايش معهن, ومرت الأيام فقالت الأولى: أنا أغلى منك عنده, وقالت الثانية: بل أنا أغلى منك عنده, وزاد الخلاف بينهما, فلما دخل عليهما, قالتا له من الأغلى يا فلان؟ فوقع بحرج, وأراد أن يخرج بذكائه مما وقع فيه, فقال لهما: الأولى مثل عين حروس, والثانية مثل عين حريس, فلم تفهما المعنى, وكانتا كلما تسألانه يرد بنفس الجواب, وبعد مرور سنين رحل الرجل بعائلته للبحث عن المراعي, وسكن بهم قرب العينين, ولما سمعت الضرتين بهما, أرادتا أن تعرفا معنى كلام الزوج, بوصفه لهما كعين حروس وعين حريس, فذهبتا ووجدتاهما عند جبل, فأما عين حريس فتقع في أسفل الجبل ولا تتعب من يردها, فقالت الزوجة الأولى: هذه أنا, ووجدتا أن عين حروس في أعلى الجبل وتتعب من يردها, فقالت الزوجة الثانية: وهذه أنا, وعرفت كل زوجة قدرها عند زوجها. قد تدفع غيرة بعض الضراير وخاصة الأولى لإقناع الزوج بالزواج بثالثة حتى تقول لضرتها (على رأسك) فلو اقتنع بك لما تزوج بعدك, وهي هنا تتنازل عن المرود العاطفي والاقتصادي الذي سينالها بهذا التصرف حيث ما كان يقسم على اثنتين سيقسم على ثلاث وسيقل الدخل العاطفي والاقتصادي كل هذا لا يهم في حال جعلت الضرة زوجها يصرف نظره عن ضرتها ولو لليلة فقط. وفي معادلة غريبة جاء بها الموروث وتعتبر في العادات والتقاليد فيما يخص النساء منذ الأزل, وذلك في حال كان هناك ثلاث زوجات, تتفق الضرة الأولى مع الثالثة ضد الثانية, وفي حال الأربع تتفق الثانية مع الثالثة ضد الأخريين, اللاتي يتفقن بدورهن ضد الحزب الآخر من الضراير, وهي معادلة اعتاد عليها المجتمع. ونجد في قانون النساء أن الضرة التي توجه ضرتها للطريق الصحيح أو تنصحها بما ينفعها, تعتبر غبية وساذجة لأنها قد تلفت انتباه زوجها فيتركها, ويبدأن في توعيتها ما يقلب الحياة على رأس الزوج والأسرة بكيدهن الذي لا يسلم منه الرجل في أكثر المرات. ومن المعروف أن الضرة لا تظهر لضرتها العداء وانما تكيد لها بشتى الطرق, وحين تقع الضرة بشراكها, تبدأ الزوجة الأخرى بالإفصاح لزوجها عن عدم كفاءة الضرة كزوجة له. تسيطر العاطفة على مشاعر المرأة ما يجعلها تشعر بأن الزوج حق من حقوقها, ولا يجب التنازل عنه, فيدفعها شعور القهر والظلم لتحيك الخطط وتنظم المؤامرات للإطاحة بالضرة ليكون الزوج لها وحدها ولا تشاركها به أخرى. الشاعر محمد بن فواز الشن العنزي يقول في وصف الزوجات: بعض الحلايل مرض سلال لزوم يبيّن على حالك وش عاد لو جبت منها عيال ما تقنع لو تخلي بمالك كل يوم شيطانها شغّال واللي سمع صوتها جالك وعن جارها ودها عذال ما تفهم الهرج واقوالك وبعضهن هي فيضة بال تونسك ليا شفتها قبالك ما قالوا قالت ولا احد قال وهي من اللي تدور بدالك ولو تزعل ما تبين الخمال وتطيع لو كان مسالك والبيض بهن ذهب وحثال وافطن لاصابعك واشكالك والمحيل لزوم بك يحتال ولزوم يحبط على اعمالك ما الغيرة إلا محبة جارفة للزوج, الذي يجعل عاطفتها ترتكز على حياتها معه, بأي شكل أراده وأي حالة تكون, فهي تظهر هذه المحبة على شكل غيرة عليه من الأخريات, لتكون الوحيدة التي لا يرى غيرها, وترى أن الحياة بدونه صعبة, ولا تستطيع أن ترى امرأة أخرى تشاركها به, فتكيد كيدا توجهه عاطفتها للاحتفاظ بزوجها, وعلى الرجل أن يسعد بهذه الغيرة.