لم تكن المرة الأولى التي ينتهي فيها الجدل العقيم في بعض الفضائيات الموجهة وبرامجها الرياضية خاوية الفكر والمضمون بكلمة «تخسى» الشوارعية وأظنه لن يكون الأخير طالما كانت الغاية التي لأجلها أنشئت هي زيادة الاحتقان وإفساد الذوق العام وإذا عرف السبب بطل العجب، فماضي أصحابها الإعلامي كان موغلاً في العناوين الغريبة حيناً والبذيئة الخارجة عن العرف الإعلامي أحياناً أخرى فلم ترق لذوق النخبة ولم تنل اعجاب العامة وبقيت على الهامش حتى لفظها الزمن واختفت فتماشوا مع متغيرات العصر، وأنشأوا القنوات الرياضية ليجتمع فيها رؤوس التعصب الرياضي من الميول كافة ممن لا يتورعون عن سقط الكلام ويقبلون بالإساءة ويضحكون منها ربما على خيباتهم ثم يتصافحون ويعاودون الظهور كأن شيئا لم يكن لأجل مبلغ مالي يقبضونه في ختام الحلقة فهذا في عرفهم من أسباب الإثارة وعامل جذب للمتابعين للحصول على مشاهدة أعلى للقناة، وبئس العامل لو كانوا يفقهون. السقوط الفضائي الفضائحي يتكرر وفي أكثر من قناة وإن كان يرجى تهذيب البعض بفعل ضغط الجماهير الواعية وإلغاء متابعتها فإن غيرها سيبقى على حاله ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه فحوار مراهقي الفضائيات في البرامج الرياضية ممن يسمون مجازاً إعلاميين سيستمر وسينتهي إلى أن يتبادلوا الشتائم بوجه طليق على تفاهات، وقشور وتعصب لأنديتهم فلا نرى منهم وجهاً يتمعر من «تخسى» ولا آخر يغضب لكرامته من «تعقب». الكلمات النابية التي باتت تتداول في أي حوار رياضي على الهواء لن يوقفها عجز المذيع عن إدارة الدفة والخروج بفاصل إعلاني ذلك أن الفاصل لن يلغي ما قيل قبله أو يقف في وجه تداوله بين الجماهير، ونشره في مواقع التواصل انتشار النار في الهشيم بل حزم كل جهة منوط بها متابعة هذا الجانب وأعني بها وزارة الثقافة والإعلام التي عليها أن تتصدى لما يحدث في القنوات الخاصة. الأخطر من ذلك كله أن الجمهور بات متقبلاً لما يسمع من سقطات لفظية ويسميها جلدا مبرحا ويعتبرها قوة يستحق قائلها الدعم ب»هاشتاق» باسمه يسبغ من خلاله عليه من صفات البطولة ما ليس أهلاً لها، وهذا تحول خطير في الذوق العام وانحدار في ابجديات الحوار تجعل متابعة هذه البرامج جريمة بحق النفس والأبناء فهي تغذي فكر الكراهية، وتشجع على سقط القول طالما أنه يمر بلا عقاب فهم يرون من يعتقدون أنهم إعلاميين يسيؤون حد البذاءة والدخول في الذمم لكنهم طلقاء يتنقلون بحرية من قناة إلى أخرى حتى وإن عوقبوا يكون ذلك سراً لا أحد يعلم به مما يساهم في بقاء صحائفهم في أذهان الجماهير بيضاء ناصعة حتى لو كانت صحف سوابق، وسيبقى الوضع على حاله فلا بوادر تلوح في الأفق لإزالة هذا التلوث.