"أجب بصدق.. كم مرة كذبت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية؟" وجهت الباحثة الألمانية كريستينا زوخوتسكي وأربعة باحثون آخرون من بلجيكا وأميركا وهولندا هذا السؤال ل 1005 أطفال أمام أحد المتاحف في أمستردام. "يبدو الأمر مزاحا بعض الشيء، ولكنه حقيقي" حسبما أوضحت باحثة علم النفس الألمانية "35 عاما" بجامعة فورتسبورغ جنوبألمانيا مضيفة "لقد كان السؤال مقصودا تماما". ولأن السؤال يبدو مزاحاً للوهلة الأولى ولكن صاحبه يعنيه تماما فقد حصل الفريق الذي تشرف عليه زوخوتسكي على جائزة إج نوبل، أو جائزة نوبل للأبحاث المهملة. ولكن وقع مسمى هذه الجائزة سلبي أكثر مما يعنيه في الحقيقة لأن الجائزة "تكرم إنجازات تدفع الإنسان للضحك للوهلة الأولى ثم للتدبر" حسبما جاء على صفحة القائمين على الجائزة. وتمنح هذه الجوائز مرة كل عام في جامعة هارفارد الشهيرة شمال شرق الولاياتالمتحدة خلال حفل تسوده السخافات والحماقات. وحصلت زوخوتسكي وفريقها البحثي على الجائزة مقابل "توجيه أسئلة لألف كاذب عن عدد مرات كذبهم ثم البت فيما إذا كان من الممكن تصديق إجاباتهم" حسبما ذكرت لجنة التحكيم في سياق تبرير منح الجائزة لهذا الفريق. بقدر ما كان منح الجائزة مضحكا بقدر ما كانت نتائج الدراسة التي حملت عنوان "من بينوكيو الصغير إلى بينوكيو الكبير". وبينوكيو هي شخصية خيالية شهيرة لطفل للكاتب الإيطالي كارلو كولودي الذي بدأ عام 1881 كتابة سلسلة من القصص بعنوان "مغامرات بينوكيو". وكان هدف الباحثين من وراء هذه الدراسة هو اكتشاف كيف تتغير القدرة على الكذب لدى الإنسان على مدى حياته حسبما أوضحت زوخوتسكي مضيفة "كانت النتيجة التي توصلنا إليها أن الأطفال والأفراد في بداية سن البلوغ يكذبون أقل ويجدون صعوبة أكثر في الكذب عن الشباب البالغين". وتنسجم هذه النتيجة مع النظريات النفسية "فعندما يسألني شخص ما عن شيء فإن الدافع الذاتي يكون في البداية لصالح قول الحقيقة.. ولكن عندما أريد الكذب فعلي أن أنشط في كبت هذا الدافع وهو ما لا يجيده الأطفال في بداية حياتهم". وفي الوقت ذاته فإن الكذب مجهد للكاذب من الناحية الإدراكية وهو ما يستطيع الإنسان التدليل عليه من خلال الوقت المطلوب للرد على السؤال الموجه للطفل، على الأقل في نطاق الميلي ثانية. وبذلك يمكن من الناحية الأخرى تفسير سبب تراجع الكذب مرة أخرى لدى الأكبر سنا حيث تتراجع قدراتهم الإدراكية. وبالمناسبة كانت الإجابة عن سؤال: "كم مرة يكذب الناس؟" سواء بشكل قابل للتصديق أم لا: أكثر من مرتين يوميا في المتوسط. وكان المراهقون في سن 13 إلى 17 عاما هم الأكثر كذبا.