الإدارة الإعلاميّة المحترفة للأزمات في العرف المبسط يمكن أن تعني القدرة والمهارة في إدارة (ما لا يُتَوقّع). وهذا بدوره يعني أن تكون الاستعدادات المسبقة للأزمات في أكمل صورة ممكنة بدءا بالكفاءات البشريّة التي ينبغي أن تكون من أبرع العناصر كفاءة وتأهيلا وخبرة لأن الأزمات هي في جوهرها تحدٍ عنيف واختبار شرس لقدرات الدول والمجتمعات. وبشكل عام يمكن الاجتهاد بإجمال أبرز عناصر الإدارة الإعلاميّة الاستراتيجيّة للأزمات في عشر قواعد: القاعدة الأولى: التركيز على بناء الثقة والمصداقيّة مع شرائح الجمهور المختلفة في الأوقات العاديّة لتكسبهم كأهم عون لك في وقت الأزمات. وهذا يعني الاجتهاد والاستمراريّة في بناء وتعزيز "سمعة" إيجابيّة للوسائل والقائمين عليها. إذ من المعلوم أن بناء سمعه إيجابيّة على مدى سنوات يمكن أن يتحول إلى العكس في خمس دقائق. نحن في عصر المعلومات وجماهيريّة الاتصال. القاعدة الثانية: حسن اختيار العناصر البشريّة المشاركة في الإدارة الاستراتيجيّة للأزمة إعلاميا. وهذا يعني التركيز على ما يضمن أن تكون المهنة الإعلاميّة محصورة للموهوبين المؤثرين الذين لديهم القدرة على التعامل مع الرأي العام الشديد الحساسيّة في عصر المعلومات المجانيّة من كل مكان. القاعدة الثالثة: الدفاع المشروع عن مشروع واضح المعالم وهذا يتطلب اتساق الرسالة الإعلاميّة مع مشروع الدولة والمجتمع. إن التنافر في الرسائل وازدواج التفسير للمشروع الوطني لا يساعد في بناء الشخصيّة الوطنيّة والمواقف الداعمة لها وهذا ما تكشفه الأزمات. القاعدة الرابعة: بناء السيناريوهات المتوقّعة للتعامل مع الأزمات مع أهميّة المرونة في توقّع ما لا يمكن توقّعه من أزمات أو آثار تابعة. وحينما تتكرّر الأزمات فينبغي تحصيل الدروس كي يمكن تطوير المواجهة مستقبلا وتقليل المخاطر المحتملة. القاعدة الخامسة: الشفافية والاستعداد للاعتراف بالأخطاء. وذلك لأن الأزمات تستفز عواطف الناس وبالتالي لا يمكن تدوير خطاب إعلامي نمطي لا يقر بخطأ ولا يقدم حلولا يكون ضمنها محاسبة المسؤول إن كانت الأزمة نتيجة إهمال أو سوء تقدير. القاعدة السادسة: إشراك الجمهور "Social engagement" في إدارة الأزمة واطلاعه على آخر مستجدّاتها. وهذا الاتجاه ينبغي أن يبدأ قبل حدوث الأزمة من خلال الشراكات والمشاريع المشتركة ليكون ذا جدوى وقت حدوث الأزمة. القاعدة السابعة: الإيمان بأن الأزمات حالات متوقّعة وأنها جزء أصيل من حقائق الحياة في مجتمعات وعلاقات الدول قديما وحديثا. ومن هنا فإن الهلع والانفعال الإعلامي وإثارة توتّر المجتمع سيزيد الأوضاع سوءا. القاعدة الثامنة: إدارة الأزمة إعلاميّا لا تعني تعطيل أو منع حدوث الأزمة وإنما السعي لتخفيف آثارها وعدم إتاحة الفرصة لنشوب أزمات تابعة جراءها. القاعدة التاسعة: لا تكن أسيراً للتقاليد على سبيل المثال يمكن أن تنشأ الأزمة وتتّسع آثارها عبر شبكات الإعلام الجديد وأنت لا زلت تعدّل هندامك و"تتنحنح" أمام ميكرفون التليفزيون والإذاعة. القاعدة العاشرة: ليست كل الأزمات شرّا مستطيرا فقد تكون الأزمة جرس الإنذار لأخطاء تراكمت وأزمات تنتظر الفرصة. لذا لا تثق كثيرا بتقارير وتطمينات من سيحصد نتائج الرضى وينتظر مكافأة "نجاح" إدارة الأزمة، فالأزمة قد "تكمن" ثم تهب كالعاصفة. قال ومضى: إذا أحطت نفسك (بالفاشلين) فكل مجد يصنعونه حولك هو (عالم من الزيف).