تعليقاً على مقال (تحذيرات من الغرق والفقد.. حديث كل موسم!!) للأستاذة رقية الهويريني المنشور في عدد يوم الثلاثاء 4 جمادى الآخر 1436ه أود أن أقول: تبني التخطيط كمتطلب أساسي مهم في عملية إدارة الأزمات فأفعالنا ما هي إلا رد فعل وشتّان ما بين رد الفعل العشوائي ورد الفعل المُخطط له فمعظم الأزمات تتأزم لأنها أخطاء بشرية وإدارية وقعت بسبب غياب القاعدة التنظيمية للتخطيط، إن لم يكن لدينا خططا لمواجهة الأزمات فإن الأزمات سوف تنهي نفسها بالطريقة التي تريدها هي لا بالطريقة التي نريدها نحن. من خلال ما تقدم يتضح لنا أن التدريب على التخطيط للأزمات يُعد من المسلّمات الأساسية في المنظمات الناجحة فهو يساهم في منع حدوث الأزمة أو التخفيف من آثارها وتلافي عنصر المفاجآت المصاحب لها. أيضًا يتبين لنا أن التخطيط يتيح لفريق عمل إدارة الأزمات القدرة على إجراء رد فعل منظم وفعّال لمواجهة الأزمة بكفاءة عالية الاستعداد لمواجهة المواقف الطارئة غير المخطط لها التي قد تصاحب الأزمة. إن المفهوم الجوهري يقوم على أساس تحفيز الأزمة Stimulate the crisis وخلقها لكي يبقى الإداريون والعمّال دائمًا في حالة التأهب جاهزين لعمل ما بوسعهم سواء أكانت هناك أزمة حقيقية أم لا، أي أنهم مستعدون على قدم وساق مفعمين بالنشاط والحيوية لمواجهة الاحتمالات غير المرغوبة. تدريب المدراء على تخيل أسوأ أنواع الاحتمالات مثل تذبذب المبيعات، وانقطاع التجهيز بالمواد الأولية، إضراب العمال والحرائق». وهذا النوع من الأزمات قد يرتبط أو لا يرتبط بتهديد حقيقي، حيث يُلاحظ أن رد الفعل المتولد عن تحفيز الأزمة ما هو إلا رد فعل إيجابي ونادرًا ما يؤدي إلى مخاوف تؤثر على الإنتاج أو تقلل الرغبة في العمل لدى العاملين. إن وجود الخلل في معظم المنظمات العربية إلى الثقافة السائدة بأن إدارة الأزمات هي مجابهة الأزمة عند حدوثها وليس الاستعداد لها قبل حدوثها وبالتالي اندفاع الجميع للحل أثناء الأزمة على طريقة «نظام الفزعات» بحسب التعبير الدارج. فلا وجود للفكر التنبؤي كما في الشركات اليابانية الذي يصيغ منظومة وقائية معتمدًا على الابتكار والحلول الجذرية ومستخدمًا الطرق العلمية كالسيناريو والمحاكاة ويكون هدفه تجاوز الأزمة أو التقليل من أخطارها على أقل تقدير. يجب تبني التنبؤ الوقائي كمتطلب أساسي في عملية إدارة الأزمات من خلال إدارة سبّاقة وهي الإدارة المعتمدة على الفكر التنبؤي الإنذاري لتفادي حدوث أزمة مبكراً عن طريق صياغة منظومة وقائية مقبولة تعتمد على المبادأة والابتكار وتدريب العاملين عليها.