كم كنت أتمنى لو أن وزارة الخارجية عملت على ترجمة «سجل النظام الإيراني في دعم الإرهاب والتطرف في المنطقة والعالم»، والعمل على نشره في وسائل إعلام غربية وعالمية بأكثر من لغة، ليقف العالم كله على حقيقة ذلك النظام الدموي البشع.. لا يفتأ الإعلام الغربي، وخصوصاً البريطاني والأميركي يشن حملات ممنهجة لتشويه بلادنا لصالح إيران، ذلك الإعلام الذي يقوم بدور شهود الزور لأنه يمتهن تحريف الحقائق، وممارسة الأكاذيب في الوقت الذي يغمض عينيه عن إرهاب نظام الملالي ضد مواطنيه، وضد منطقتنا العربية الخليجية، بل تعدى إرهابهم منطقتنا حتى وصل إلى مختلف دول العالم. ذلك الإعلام الرخيص يصِم بلادنا برعاية الإرهاب تضامنا مع دولة الملالي، وظل يروج لفكرة وقوفها خلف تنظيمي القاعدة وداعش، في الوقت الذي نواجه فيه أعنف ضربات من الإرهابيين، فلم تسلم منها حتى البقاع المقدسة مكة والمدينة، بينما ظلت إيران الدولة الوحيدة في العالم بمنأى عن الإرهاب، ما يؤكد الحقيقة التي يتعامى عنها الإعلام الغربي، وهي علاقتها بالقاعدة وبالمقبور ابن لادن، إذ هناك إجماع دولي على أن إيران هي الراعي الأول للإرهاب، وهناك ملفات ضخمة عن استضافتها جماعة القاعدة، وعن مسلسل طويل من عمليات التفجير التي خططت لها في عدد كبير من البلدان. لا شك أن العداء الذي يكنه الإعلام الغربي لبلادنا، عداء لا مبرر له سوى أن إيران تشتري تلك الأبواق وتغدق عليها الأموال لتكسبها في معركتها ضد بلادنا. وهنا نتساءل هل استطاعت المليارات التي تنفقها إيران على الإعلام الغربي، وجماعات الضغط أن تحرّف الحقائق وتعمل على ترسيخها لدى الرأي العام الغربي؟ لا يمكننا أن ننكر أن دولة الملالي حققت نجاحاً كبيراً في اختراق كثير من وسائل الإعلام الغربية، من صحف وقنوات تليفزيونية، يثبت هذا التعاطف المتزايد في تلك الوسائل تجاه ما تبثه إيران وعملاؤها من أكاذيب ممنهجة - ما يؤكد على رواج سوق الأكاذيب على حساب المصداقية التي تعد شرف الوسيلة الإعلامية، وعنوان تميزها - إضافة إلى تجاهل كبير لكل ما يصدر من بلادنا لمواجهة تلك الهجمات، سواء أكان ذلك من سياسيين أو إعلاميين غربيين، دأبوا على انتقادنا. وفي الوقت الذي ما انفك الملالي وأبواقهم في المنطقة العربية، يرفعون شعارات الموت لأميركا، لا يجدون غضاضة في أن يستقطبوا كل من يستطيعون شراءه من الساسة والإعلاميين الأميركيين، لتبرئة أنفسهم واتهام بلادنا، لأنها وقفت وتقف لهم بالمرصاد في الخليج العربي واليمن وسورية. وكانت عاصفة الحزم، فرصة لإيران ومن يسير في ركابها من وسائل الإعلام الغربي للنيل من سياسة بلادنا، في الوقت الذي يتجاهل ذلك الإعلام الخبيث مذابح بشار والتطهير العرقي في سورية، وجرائم الحوثيين والمخلوع صالح ضد الشعب اليمني. ناهيكم عن الإصرار على علاقة بلادنا بأحداث 11 سبتمبر الذي تولّد مؤخراً عن قانون الابتزاز سيئ السمعة (جاستا)، الذي وافقت عليه أغلبية من مجلسي الشيوخ والكونجرس. كذلك ابتعد الإعلام الغربي الموالي لإيران كثيرا عن المهنية في تقارير عديدة، سواء أكان ذلك في أعقاب قتل الإرهابي نمر النمر، أم في موسمي حج هذا العام والعام الماضي، إذ تبنى هجوماً لاذعاً وسافراً نابعاً من رؤية الملالي، فقد خصصت شبكات (سي ان ان) الأميركية و(بي بي سي) البريطانية ونسختها العربية التي يديرها الصحافي ذو الأصول الإيرانية (بهروز افاق)، و(أر تي) الروسية، خصصت مساحات كبيرة من نشراتها الرئيسية لتغطية الغضب الإيراني الذي تصاعد على المستويين الشعبي والرسمي، كما دأبت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز الأميركيتين، وبعض الصحف البريطانية مثل: ديلي ميل، وإندبندنت على مهاجمة بلادنا على نحو مستمر، فضلاً عن تسليط الضوء بشكل مبالغ فيه على الحرب في اليمن بغرض تشويه صورة المملكة أمام الرأي العام العالمي، وقد تفوقت الإندبندنت على باقي الصحف؛ وذلك يعود إلى شرائها من قبل رجل استخبارات روسي في مارس 2010، الذي وصفته صحيفة جارديان البريطانية في تقرير لها بأنه الجاسوس الذي يحب الإعلام! لا شك أن هذا الهجوم على بلادنا يخدم الأجندة التي تعمل على تشويه الإسلام السني لصالح المذهب الشيعي الذي يتبناه الملالي، ويحظى بدعم أوباما وتأييده. ولكون الإعلام الإيراني لا يحظى بمصداقية في الشارع العربي والإسلامي السني، فإنه عجز عن تحقيق نتائج متقدمة على الأرض إلا من خلال العملاء، فعمد في حربه الإعلامية إلى التوجه لمؤسسات إعلامية أجنبية بتسريب الأخبار، أو بدفع مبالغ لها، أو بتأسيس منابر إعلامية في مناطق أخرى خارج حدودها،كما في لبنان والعراق، ولا يخفى تجنيدها بعض الإعلاميين من عرب الشمال الحاقدين الذين دأبوا على التحريض على بلادنا، ونشر الإشاعات والأكاذيب،عبر الإعلام التقليدي، ومواقع التواصل الاجتماعي. وذلك لزعزعة استقرار بلادنا، والتشويش على خططها وبرامجها الوطنية. وحسب الكاتب المصري نبيل شرف الدين، فإنه في سبيل تحقيق الاختراق السياسي والإعلامي والثقافي لم يدع ملالي طهران سبيلاً إلا وسلكوه، بدءًا من استقطاب صحفيين وإعلاميين وباحثين في مراكز دراسات تهتم بالشأن الإيراني.. فسعوا مُبكرًا إلى شراء أقلام مؤثرة من كافة دول المنطقة.. وتصدرتهم عدة أسماء بارزة ؛ من مصريين ولبنانيين وعراقيين وسوريين وفلسطينيين وغيرهم، يحظون بتمويل إيراني بالغ السخاء لنشر التشيع السياسي، والدفاع عن سياسات منظومة الحكم في طهران، وترويج صورة ذهنية عن ازدهار الجمهورية الإسلامية. وقد" أسست شخصيات من النشطاء السياسيين وأساتذة الجامعات والباحثين والصحفيين ممن ينتمون إلى الفكر القومي والناصري وحتى اليساريين، كيانا سموه التجمع العربي الإسلامي لدعم خيار المقاومة، في 5 يوليو 2011 بدمشق وانتقل إلى لبنان، وأخيراً استقر في القاهرة كنواة ترتبط بإيران عبر بوابتي النظام السوري وحزب الله، وسبق لهؤلاء مرافقة الرئيس المصري السابق محمد مرسي خلال زيارته الاستثنائية إلى إيران، ومن هؤلاء الكاتب فهمي هويدي الذي يعترف بعلاقاته الممتدة منذ عقود مع طهران، ولا يُنكر أن المرشد الأعلى علي خامنئي يمتلك مفاتيح اللعبة السياسية في المنطقة العربية. ورغم ما نلمسه من جهود للإعلام الخارجي إلا أنه يحتاج إلى كثير من الجهد من أجل الوقوف في وجه الإعلام الغربي "أميركا على وجه الخصوص" إزاء الحضور الإيراني إن في مستوى الإعلام، أو في مستوى جماعات الضغط؟ وفيما يخص الحضور الإعلامي السعودي، ننوه بما يكتبه وزير الخارجية عادل الجبير من مقالات رداً على أكاذيب وزير خارجية إيران مؤخراً محمد جواد ظريف. لشد ما يتمنى كل المواطنين المخلصين، عدم تجاهل ما يكتب عن بلادنا في تلك الصحف المأجورة، من أكاذيب تكشف عن عنصرية بغيضة، واستعلاء واستخفاف بشؤوننا، برفع قضايا على تلك الصحف، ولعل ما فعله السفير ثامر السبهان من رفع قضية ضد صحيفة اندبندنت البريطانية، خير برهان على أن أولئك الحفنة من المرتزقة، لا يفيد معهم التجاهل والتغاضي عن سوءاتهم. أما الكتابة في صحف الغرب فلدينا بعض من الكتاب والمحللين السياسيين الذين يجيدون مخاطبة الغرب في وسائل إعلامهم من صحف وقنوات تليفزيونية مدفوعة الثمن، وكم كنت أتمنى لو أن وزارة الخارجية عملت على ترجمة (سجل النظام الإيراني في دعم الإرهاب والتطرف في المنطقة والعالم) الذي أعدته مرفقاً بحقائق مدعومة بالأرقام والتواريخ، عن حقيقة سياسات إيران العدوانية على مدى 35 عاما، والعمل على نشره في وسائل إعلام غربية وعالمية بأكثر من لغة، ليقف العالم كله على حقيقة ذلك النظام الدموي البشع. أما فيما يخص جماعات الضغط، فالواقع أننا لا نستطيع مجاراتهم فيها، ذلك أنهم تغلغلوا في كثير من المؤسسات الأميركية، حتى وصلوا إلى مجلسي الشيوخ والكونجرس، أما البيت الأبيض فحدث ولا حرج، إذ يكفي أن نعرف أن مستشارة أوباما الأقوى ذات أصول إيرانية، وقد انتقد سياسيون الرئيس الأميركي بسبب انصياعه لإملاءاتها. حيث "فرضت فاليري جاريت سيطرتها على البيت الأبيض، وتمكنت من أسرار الدولة، فصارت أقوى النساء نفوذاً في الولاياتالمتحدة، ساعدتها في ذلك صداقتها المتينة بالرئيس الأميركي وزوجته ميشال " ! وقد امتد تأثيرها على أوباما إلى رسم السياسة الأميركية الخارجية أيضاً، لا سيما ما يتعلق بالملف الإيراني ومفاوضات جنيف، التي قيل إنها مجرد واجهة، لأن بنود الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني قد تم التفاوض حولها في محادثات سرية بين كبيرة مستشاري أوباما فاليري جاريت، ومسؤول نووي إيراني بارز استمرت لأكثر من عام! وكذلك سحر نوروز زاده مسؤولة الملف الإيراني في مجلس الأمن القومي التي كان لها دورٍ هام في المفاوضات الإيرانية الأميركية ضمن فريق أوباما. وعندما يذهب أوباما إلى بيته، فلن تجد سحر مجالاً كي تهمس في أذن البيت الأبيض. وللحديث بقية