فشل الإرهاب على مدى سنوات في تحقيق أهدافه الرامية إلى تفتيت وحدة المجتمع، ولم يتمكن من صنع «الفتنة» التي يسعى إليها للسيطرة على مقدرات أبناء الوطن.. ويشير مختصون في مكافحة الإرهاب ل»الرياض» إلى أن الفكر الإرهابي يحاول التغيير ليحقق انتصارات وهمية يعتقدها، وضمن محاولة التغيير تلك، حاول الإرهاب تغيير استراتيجيته من استهداف المساجد في محافظة القطيف، وفي مناطق أخرى في المملكة مثل المدينةالمنورة، والدمام، والأحساء، إلى مناطق التجمعات العامة التي يرتادها الشباب والأسر، مثل المطاعم، المقاهي، إلا أن يقظة رجال الأمن أطاحت بكثير من الخطط الإرهابية قبل وقوعها ومنها «الوشيكة التنفيذ»، كما حدث مؤخرا في القطيف، عندما حاول إرهابيون استهداف مطعم ومقهى ومسجد، بيد أن تلك العملية تم إحباطها في الوقت المناسب. ويرى المختصون بأن العناصر الإرهابية التي تستهدف الآمنين تسعى لقتل المواطنين العزل بأي ثمن، بيد أن تضييق الخناق عليها من قبل الأجهزة الأمنية، والنجاحات التي حققتها في هذا الشأن أدخل «الإرهاب الدموي» في فشل ذريع، ما يجعله يغير ميدانياً من خططه الهادفة لصنع الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد وقتل المسلمين في المساجد إلى مناطق أوسع، ما يتطلب تغيير نمط التفكير الاجتماعي الجمعي، مشددين على أن وزارة الداخلية مدركة تماماً لهذه الخطط، ما يؤدي إلى إفشالها في الوقت المناسب، بيد أن هناك جهات أخرى يجب أن يتغير تفكيرها في هذا الصدد، وبخاصة في مجال التعاون التام مع وزارة الداخلية التي تشدد على أهمية تعاون المواطن مع الأجهزة الأمنية عبر التبليغ عن كل ما هو مشبوه من تحركات تثير الشك والربيبة. تغيير النمط الإجرامي ويقول سعيد اليامي -مدير التلفزيون السعودي في المنطقة الشرقية-: «لا بد أن يعي المجتمع هذا التحول الذي تتجه له الجهات الإرهابية، إذ أنهم يحاولون أن يتوسعوا في عملياتهم، وعلى المجتمع أن يساند رجال الأمن في ذلك عبر مواكبة هذه المتغيرات التي نشهدها من قبل الجماعات الإرهابية»، مشيرا إلى أن جهود وزارة الداخلية مشهودة في مكافحة الإرهاب. ويزيد على ذلك د. عبدالله اليوسف- أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام-: «إن بلادنا تحظى بنعمة الأمن والأمان، فرجال الأمن البواسل أثبتوا ويتثبتون لنا في كل مرة أن عيون الأمن ساهرة لإجهاض أي عملية إجرامية تستهدف المواطنين وهذه البلاد المباركة»، وعن تغير نمط الجريمة والعملية الإرهابية قال: «من غير المستغرب أن يتغير أسلوب ونمط الجريمة أو العملية الإرهابية فكلما زادت قبضة الأمن حصارها عليهم كلما بحثت هذه التنظيمات عن مخارج أخرى لتنفيذ عملياتها الإجرامية»، مشيرا إلى أن ذلك يسمى في علم الإجرام تحويل النشاط الإجرامي سواء في الموقع أو الهدف أو النشاط، وهو مؤشر إن شاء الله على اندحار هذه العمليات وفشلها. دور المجتمع ورأى د. اليوسف بأن للمجتمع دور في صد هذه العمليات الإرهابية فيبدأ من يقظة المواطن، وأن يكون شريكاً في الوقاية ومكافحة الإرهاب، ويتمثل دور المواطن في مكافحة الجريمة والإرهاب في نقاط عدة، منها التبليغ عن الجرائم فقد كان الإبلاغ عن الجرائم -دون استثناء- واجباً على كل مسلم؛ لأن معظم الجرائم لا يمكن اكتشافها عن طريق السلطة بل يكون ذلك عن طريق الجمهور نفسه بإبلاغ السلطات ذلك، وعندما يقوم جميع المواطنين بدور الإبلاغ عن الجرائم فإنهم يقومون بمساعدة الأجهزة الأمنية في أداء مهمتها ويكونون العين الثانية الساهرة لحفظ أمن المجتمع واستقراره ويشعر المخالفون للقانون بأن هناك عيوناً تراقبهم وتبلغ عنهم، وبالتالي فسوف يرتدعون عن ارتكاب السلوك الإجرامي لأنهم سيكونون مراقبين طوال الوقت من قبل الأجهزة الأمنية والمواطنين الحريصين على أمن واستقرار مجتمعهم من الجرائم. وتابع: يجب الإدلاء بالشهادة على وقوع الجرائم، ويجب ألا يقتصر دور المواطن على التبليغ عن وقوع الجريمة، بل يجب أن يكون لديه الاستعداد للإدلاء بشهادته إذا ما طلب منه في موضوع الجريمة والانحراف؛ ذلك أن الإدلاء بالشهادة عن وقوع الجريمة سوف يساعد رجال الشرطة على تتبع المجرم والقضاء على الجريمة وحفظ الأمن والاستقرار للمجتمع». نمط التفكير ومسرح الجريمة وشدد على أهمية تغيير نمط التفكير من قبل المجتمع في موقع الجريمة، إذ لا بد من المحافظة على مسرح الجريمة، وذلك بأن يترك الجاني عادة مسرح الجريمة بصورة تنبئ عن كيفية ارتكابه الجريمة؛ حيث إن الجاني بقصد أو بدون قصد يترك أدلة مادية كثيرة في مسرح الجريمة تدل على علاقته بها وهذه الأدلة يحرص رجال الأمن والقضاء على العثور عليها، ليستدلوا عن طريقها على كيفية وقوع الجريمة ويتوصلوا في النهاية إلى مرتكبيها وأي عبث بهذا المسرح سوف يؤدي بالضرورة إلى تغيير الصورة الحقيقية لمسرح الجريمة، التي أعقبت وقوع الجريمة مباشرة، ولذلك فإن المواطن الواعي يمكن أن يساعد رجال الأمن من خلال الحفاظ على مسرح الجريمة، كما هو حتى يصل رجال الأمن. كل مواطن رجل أمن ودعا د. اليوسف إلى المساعدة في القبض على الجناة، وقال: «يجب أن تسعى أجهزة الأمن -في إطار حملات التوعية- إلى ترسيخ مقولة الأمير نايف -رحمه الله-: «كل مواطن هو رجل أمن» في أذهان المواطنين بكل مستوياتهم؛ لأن هذه المقولة تضمن أن يسهم المواطن في كل ميادين تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع الذي يعيش فيه، ليس فقط في اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع وقوع الجرائم والمخالفات، وإنما في مجال تقصي الجناة وإلقاء القبض عليهم وفي كثير من الحالات كان المواطنون يلاحقون الجناة الذين يفرون بعد ارتكابهم الجرائم، وكانوا ينجحون في معظم الحالات في أخذ أوصافهم وأرقام السيارات التي كانوا يستخدمونها ويطاردونهم حتى يتمكنوا منهم، ويمسكوا بهم ويقتادوهم إلى مراكز الشرطة»، وفي حالة عدم تمكنهم من اللحاق بالجناة، كانوا يذهبون إلى أقرب مركز للشرطة لتقديم بلاغات رسمية بحقهم، ذاكرين كل المعلومات التي حصلوا عليها من الواقعة؛ الأمر الذي يسهل على رجال الأمن تعقب الجناة وإلقاء القبض عليهم بسرعة فائقة كما تقوم أجهزة الأمن بتكريم هؤلاء المواطنين ومنحهم المكافآت وكلنا يعلم المكافآت المالية التي خصصتها وزارة الداخلية السعودية في حالة إلقاء القبض على مجموعة الإرهابيين أو الإدلاء بمعلومات عن أي شخص أو إحباط أي عملية إرهابية، وهذا لا شك سيساعد بشكل كبير على إلقاء القبض على مجموعة الإرهابيين الذين ذكرت أسماؤهم ونشرت صورهم». تغيير التكتيكات الإرهابية من جهته قال ماجد الشبركة -الخبير في الإعلام الاجتماعي-: «منذ عمليات القطيفوجدةوالمدينةالمنورة الإرهابية الفاشلة في شهر رمضان، هو تحدي جديد مع تنظيم داعش الإرهابي، إذ غير الإرهابيون من تكتيكهم في محاولة زعزعة الأمن واستهداف المواطنين الآمنين، ولكن العناية الإلهية ويقظة رجال الأمن كانت لهم بالمرصاد، فالتنظيم الإرهابي يسعى الان لنقل نموذج الفوضى التي حدثت في بعض دول الجوار عبر التحول من استهداف المساجد في صلاة الجمعة إلى استهداف الأماكن العامة من أسواق ومجمعات تجارية وأماكن تجمعات عامة وغيره، وهذا تكتيك خطير جداً يحتاج تكاتف جهود من قبل جميع الجهات المسؤولة، فوزارة الداخلية تقوم بواجبها بكل احترافية، وعلى بقية الوزارات من تعليم وإعلام وغيره أن تكون حاضرة بشكل كبير جداً في الميدان لتساند جهود الداخلية في الحرب على الإرهاب، سواء عبر رسائل التوعية، أو عبر تشديد الرقابة على جميع المواد والأشخاص الذين يحالون بث الفتن وزعزعة النسيج الاجتماعي. وشدد على أن التنظيم الإرهابي يعمل الآن على استراتيجية شبيهة بالتي حدثت في إحدى دول الجوار تماماً عبر استهداف مكون واحد فقط من مكونات المجتمع إلى جانب استهداف الدولة ورجال الأمن، في محاولة لبث الفتنة بين بقية المكونات، لذلك هنا يجب على المواطنين الحذر الشديد واليقظة التامة وعدم الوقوع في أي فخ. تطوير وسائل الإرهاب وذكر م. جعفر الشايب -كاتب ورئيس المجلس البلدي سابقاً- بأن الجماعات الإرهابية تعمل على تطوير وسائل عملها بصورة مستمرة بحيث تستفيد من عنصر المباغتة في تنفيذ هجماتها للوصول الى أكبر مجموعة من الضحايا المستهدفين، ولهذا فإنهم بالإضافة لاستهدافهم أماكن العبادة توجهوا مؤخرا الى أماكن التجمعات العامة بما في ذلك الأسواق والمقاهي وغيرها بهدف تنويع أشكال العمليات الإرهابية. وتابع: إن الجماعات الإرهابية يمكن أن تستمر في عملياتها الإجرامية لفترة طويلة بشكل عام حيث يصعب اكتشاف جميع الخلايا والعناصر المرتبطة بها في فترة وجيزة، كما أنهم يستمرون في تجنيد عناصر جديدة لهذه الجماعات وضمهم اليها ومن هنا فإنه ينبغي العمل بصورة مستمرة واستثنائية وبيقظة تامة لمواجهة كل الاحتمالات الواردة في الصراع مع هذه الجماعات الإرهابية التي تهدف الى زعزعة الامن وتخويف المجتمع، وعلى الرغم من تخوف وتردد البعض من اتخاذ إجراءات أمنية وقائية، ألا أنها أصبحت من الضرورات في هذه المرحلة حماية للآمنين ولمؤسسات الدولة ومصالح المواطنين لذا ينبغي عدم التوقف عن نشر الوعي الأمني بين المواطنين وخاصة مرتادي التجمعات العامة كالمقاهي والأسواق والمدارس وغيرها، من خلال مختلف وسائل الإعلام حتى يتخذ المواطنون والمقيمون الاحتياطات الأمنية اللازمة لمواجه مثل هذه الاحتمالات. وشدد على أهمية إيجاد أطر تعاون مناسبة بين الأجهزة الرسمية وبعض المواطنين القادرين على المساهمة في رصد ومعرفة الغرباء وتحركاتهم في بعض الأحياء والمواقع، وإيجاد وسائل عمل مرنة بين هاتين الجهتين تساهم في نقل المعلومة والتحقق منها والعمل بما يقتضيه الموقف، مضيفا «المواطن الواعي له دور مهم وأساس في المشاركة في حماية مجتمعه ومؤسسات وطنه، ولكن ذلك يتطلب جهدا تشاركيا كي يتمكن من القيام بدوره على افضل وجه». وذكر بأن الأمر يتطلب مسح جميع الأماكن المحتملة والتأكد من اتخاذ الاحتياطات الأمنية اللازمة في حال التعرض لأي عمل إرهابي من أجل العمل على تفادي مثل هذه الأعمال والتقليل من أية أضرار محتملة وفي مقابل الخطط المتجددة التي تستحدثها الجماعات الإرهابية، فأنه لا بد من تطوير الأساليب وخطط المواجهة بحيث تكون أكثر فعالية وانتظاما وتأثيرا في مقاومة ومواجهة هذه الجماعات الإرهابية. فشل المخططات الإرهابية إلى ذلك ذكر خالد السنان -كاتب- بأن محاولات الإرهابيين ومخططاتهم ستفشل بعون الله وبتوفيقه، ثم بيقظة رجال الأمن وتعاون المواطنين، مشيرا إلى أن الفكر الإرهابي الداعي للعنف ليس له مكان في المجتمع، ومحاولاته لتغيير استراتيجيته إنما تأتي بسبب فشله الذريع في تنفيذ مخططاته الإرهابية. وأضاف: ندعو كافة المواطنين والمقيمين للتعاون مع رجال الأمن إن شاهدوا أي أمر فيه ريبه، إذ نعلم أن المواطن يمثل رجل الأمن الأول، وتعاونه قاد لإحباط الكثير من العمليات التي أراد الإرهابيون تنفيذها»، مشددا على أن بلادنا تنعم بنعمة الأمن والأمان في ظل القيادة الرشيدة وتوجيهاتها، وفي ظل الخطط الأمنية التي تجعل المجتمع آمناً. مواد شديدة الانفجار تم ضبطها في العملية الفاشلة التي حاولت استهداف مطعم في القطيف مؤخراً قدرات الأجهزة الأمنية ويقظتها أحبطتا الكثير من العمليات الإجرامية قبل وقوعها أحزمة ناسفة كانت عناصر داعش تخطط لاستخدامها في قتل الأبرياء جانب من الأسلحة التي تم ضبطها بحوزة الخلية الإرهابية مؤخرا جعفر الشايب ماجد الشبركة د. عبدالله اليوسف خالد السنان