اعتمدت المملكة على أسس ثابته قامت عليها منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وفق قواعد ومرتكزات تحدد النهج السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع تأكيد الدور الإسلامي، وكان من أهم مرتكزات التنمية السياسية للدولة في عهد المؤسس -رحمه الله- هو اختياره للرجال المحنكين والمستشارين والدبلوماسيين الثقات من حوله. فمنذ دخوله -رحمه الله- الرياض عام 1319ه الموافق 1902م وصولا لتوقيع الأمر السامي في يوم 15-8-1932م باعتماد الأول من برج الميزان يوما وطنيا للمملكة حتى وفاته، وهو يحيط نفسه بعاملين ومستشارين من ذوي الخبرة، ومن أرباب العلم. فقد كان الملك عبد العزيز يولي للمشورة بالأمور السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها؛ اهتماما بالغا. حيث قام -رحمه الله - باستقطاب الرجال السعوديين وغير السعوديين الذين يرى فيهم المعرفة العالية والكفاءة الرفيعة، إذ كان رجاله من المخلصين الذين استعان بهم في أول تأسيسه للمملكة وتوحيدها. مشروع وحدوي نهضوي يؤكد الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد أستاذ التاريخ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن مشروع الملك عبدالعزيز الوحدوي هو الأمل العربي الواعد في منتصف القرن العشرين فكانت المملكة ملاذا للنخب العربية التي قاومت في بلدانها المحتل وتمت ملاحقتها وتصفية بعضها، ومن جهة أخرى كان مشروع الملك عبدالعزيز الوحدوي النهضوي بحاجة إلى كفاءات وطنية وعربية لمعاونته في شتى المجالات الإدارية والدبلوماسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية. وقد نجحت سياسته في هذا الاستقطاب. أو كما وصف المؤرخ الزركلي ذلك "بقدرة الملك عبدالعزيز على صناعة الرجال. وقد تفانى هؤلاء في خدمته وأحبوا العمل معه وأخلصوا؛ بصورة أبهرت المؤرخين والرحالة وكل من تابع ووثق تاريخ المملكة في عهد الملك عبدالعزيز. الأمير أحمد بن ثنيان قال الدكتور الحميد إن من أبرز الرجال الذين كانوا حول الملك -رحمه الله- في تلك الحقبة الأمير أحمد بن ثنيان والذي عمل مستشارا سياسيا للملك عبدالعزيز، وكان يتقن اللغات التركية والفرنسية والإنجليزية وهو الذي تنبأ له الملك عبدالعزيز بدور فاعل في تحديد ملامح الإستراتيجية السياسية الخارجية، ووجد كفاءة تساعده في إدارة الأعمال الخارجية وكلفه بمهام عدة ونجح في كل ذلك، وقد كلفه الملك عبدالعزيز بسفرات عديدة، ومنها سفرته للاشتراك في المفاوضات التي دارت مع الإنجليز في أواخر عام 1333ه 1915م، ونتج عنها معاهدة دارين، وسافر مع الأمير فيصل بن عبدالعزيز عام 1338ه 1919م في رحلته الأولى إلى أوروبا، كما سافر إلى الكويتوبغداد واشترك في مفاوضات مؤتمر "المحمرة "عام 1341ه 1922م بين نجد والعراق. أول وزير للمالية الشيخ عبدالله السليمان الحمدان وزير المالية في عهد الملك عبدالعزيز عمل بجانب الملك خمسة وثلاثين عاما، وكان مسؤولا في الدولة عن مهام كثيرة في شتى المجالات فهو أول من عمل على أوامر المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- باستخراج البترول، بعد أن كان المطلب الأول للملك المؤسس -رحمه الله- استخراج المياه.. ووقع باسم المملكة العربية السعودية وبتفويض من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -رحمه الله- أول اتفاقية تنقيب عن النفط مع شركة النفط الأميركية والتي بموجبها أصبح للدولة دخل مستقر متنامٍ بفضل الله ثم بفضل فطنة الملك المؤسس ومتابعة الوزير عبدالله السليمان. وفي عام 1/5/1939 م، شهد الوزير ابن سليمان مع الملك عبدالعزيز أول عملية لاستخراج النفط في السعودية، عندما كان في رأس تنورة وكان واقفاً بجانب الملك عبدالعزيز عندما حملّوا أول حاملة نفط في السعودية، وكان عبدالله السليمان العضد الأيمن للملك عبدالعزيز الذي كان يعتمد عليه اعتماداً كبيراً في الشؤون المالية والإدارية، عملياً كان بمثابة رئيس وزراء، ورغم أنه لم يتعلم تعليماً رسمياً إلا أنه كان فعلاً رجل دولة قديراً ومتمكناً ومدبّراً، قبل البترول كانت الموارد شحيحة، لكن ابن سليمان كان يدبر نفقات الدولة الناشئة بطرق لا تخطر على البال. مؤسس نواة الخارجية السعودية الدكتور عبدالله الدملوجي، وهو عراقي الجنسية عمل مستشارا صحيا للملك -طيب الله ثراه- وطبيبا خاصا له يعتبر الدملوجي أول وزير خارجية للملك عبدالعزيز. وحضر الدملوجي مؤتمر العقير في ديسمبر 1922، ووقع بروتوكول العقير مع الحكومة العراقية مندوبا عن الملك عبدالعزيز. وعهد إليه الملك عبدالعزيز بإدارة الشؤون الخارجية بعد دخول الحجاز، وكان قد كلفه الملك بإنشاء أول جهاز مديرية للشؤون الخارجية؛ حيث لم يكن مع الملك سوى عدد محدود من الكفايات القادرة على تنظيم صلاته الخارجية. رجل فكر وثقافة الشيخ محمد سرور الصبان والذي عمل في وزارة المالية ثم وزيرا للمالية في عهد الملك سعود وعمل أمينا لرابطة العالم الإسلامي، وكان من رجال الدولة المثقفين الذين لهم بصمة في الحراك الثقافي في المملكة العربية السعودية ودفع حركة النشر والتأليف في بلادنا، وذلك حين طبع عدداً من الكتب على نفقته الخاصة، إضافة إلى إصداره كتاب (أدب الحجاز) وهو أول كتاب أدبي في الحجاز والمملكة بوجه عام، وكذلك كتاب (المعرض) وهو كتاب نثري يضم مجموعة من الآراء في اللغة والأدب الحجازي، كما كان -رحمه الله- نشطاً في العمل الثقافي مشجعاً على نشر وإنشاء المكتبات ورعاية الأدباء والمبدعين، وقد أنشأ مكتبة تعتبر من أفضل المكتبات الخاصة في مكةالمكرمة، وتحتوي على كثير من أمهات الكتب المطبوعة والمخطوطة، وقدمها أبناؤه كإهداء إلى جامعة الملك عبدالعزيز، واحتوت على ما يزيد على 5000 كتاب ومخطوطة، وفي عهد الدولة السعودية قلّده الملك عبدالعزيز عدة مناصب وشغل معاونا لأمين العاصمة فرئيساً لقلم التحريرات بوزارة المالية عام 1352ه ثم مديراً عاماً لإدارة وزارة المالية، فمستشاراً عاماً للوزارة، ونظراً لجهوده وتفانيه فقد عيّنه الملك عبدالعزيز وزيراً مفوضاً من الدرجة الأولى، ثم عُين في بداية عهد الملك سعود وزيراً للمالية بعد رائدها ووزيرها الأول الشيخ "عبدالله بن سليمان"، واختاره الملك فيصل لتأسيس رابطة العالم الإسلامي وعُين أميناً عاماً لها. أول مدير معارف الشيخ حافظ وهبة نال ثقة المؤسس وعيّنه في عدة مناصب واختاره مستشاراً وسفيراً ووزيراً مفوضاً، كما نال الشيخ ثقة الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، فقام بتعيينه في عدة مناصب؛ حيث كان مستشاراً للملك في الشؤون الخارجية عام 1342ه الموافق 1925م، ومساعداً للنائب العام الأمير فيصل عام 1344ه الموافق 1925م، وعيّن مديراً للمعارف عام 1345ه الموافق 1926م، ثم وزيراً مفوضاً لدى (المملكة المتحدة) عام 1349ه الموافق 1930م، بعد ذلك عيّن وزيراً مفوضاً في (هولندا) عام (1350ه الموافق 1931م )، ثم سفيراً لدى (المملكة المتحدة) عام 1378ه الموافق 1958م، ومثّل حكومة المملكة في (لندن) ل "مؤتمر البريد الدولي" عام 1348ه الموافق 1929م، وهي الدولة التي نفته حكومتها من بلاده عند احتلالها لبعض الدول العربية، ليصبح رسميًا أول سفير سعودي في (بريطانيا)، كما ترأس وفد المملكة للقاء وزير الخارجية العراقي للتمهيد لعقد مؤتمر (لوبن) في الكويت عام 1349ه الموافق 1930م، إضافةً إلى عضويته في وفد المملكة مع الأمير فيصل بن عبدالعزيز -وزير الخارجية آنذاك- لزيارة الولاياتالمتحدة الأميركية عام 1363ه الموافق 1943م، وظل وفياً للمملكة ولقيادتها منذ عهد الملك عبدالعزيز إلى عهد أبنائه سعود وفيصل؛ إلى وفاته رحمه الله-. رئيس الشعبة السياسية الشيخ يوسف ياسين وهو من كبار العاملين في خدمة الملك عبدالعزيز آل سعود، أيام نشوء المملكة العربية السعودية، أشرف على تحرير صحيفة أم القرى الرسمية وعمل مستشارا؛ حيث حظي بثقة الملك عبدالعزيز آل سعود، ورحل معه رحلته الأولى على الإبل، إلى مكة. وأصدر جريدة (أم القرى) الرسمية. ثم عينه الملك رئيساً للشعبة السياسية في الديوان الملكي. وشهد معه وقعة (السبلة) عام 1929م. وأضيف إليه منصب وزير دولة، فتولى إدارة وزارة الخارجية بالنيابة. واستمر في عمله، بعد وفاة الملك عبدالعزيز مستشاراً للملك سعود، إلى أن توفي -رحمه الله-. وزير سياسي ودبلوماسي الشيخ إبراهيم بن معمر وهو أحد رجالات الدولة السعودية، التي رافقت مراحل التأسيس الإداري والسياسي المبكرة، عمل رئيسا للديوان الملكي السعودي ورئيسا لديوان ولي العهد ووزيرا مفوضا للسعودية في العراق، عاصر الملك عبدالعزيز، ورافق بدايات الدولة وظروف تأسيسها وقيام مؤسساتها الدستورية والإدارية، استمر من عام 1913 وحتى 1923، فانضم إلى فريق المستشارين السياسيين الأوائل حول الملك عبدالعزيز من جيل أحمد الثنيان والدكتور عبد الله الدملوجي، حينما رجع من مصر عاد إلى عمله سكرتيراً مقرباً من الملك عبدالعزيز. وفي عام 1926 اختاره الملك عبدالعزيز رئيساً للديوان الملكي خلفاً للشيخ محمد الطيب الهزازي رئيس الديوان الملكي في عهد مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، واستمر عمله حتى سبتمبر عام 1933, كما عين وزيراً مفوضاً للمملكة لدى العراق (يونيه 1933) بعد فترة وجيزة من افتتاح المفوضية السعودية في بغداد، وكان اصطفاؤه في هذا المنصب الدبلوماسي في واحدة من أهم العواصم العربية المؤثرة في مصالح السعوديين (بغداد) يبيّن ثقة العاهل السعودي بكفاءته. الملك سعود وبجانبه محمد الصبان الأمير أحمد بن ثنيان عبد الله بن سليمان عبد الله الدملوجي إبراهيم بن معمر يوسف ياسين حافظ وهبة د. عبداللطيف الحميد أستاذ التاريخ بجامعة الامام