قال محمود الشناوي أمين عام منتدى الشرق الأوسط للحوار ل"الرياض" إن القانون الذي تسعى الولاياتالمتحدة لإقراره بهدف السماح برفع قضايا ضد المملكة والمطالبة بتعويضات يعد بمثابة طعنة نافذة في قلب العدالة، وانقلاب على أدبيات القانون الدولي الذي يحفظ للدول حصانتها. وأضاف أن هذا القانون سابقة خطيرة في العلاقات الدولية وخروج عن السياقات الأمريكية نفسها في التعامل مع الدول التي تعتبرها في صدارة الأصدقاء مثل المملكة، فالمعروف أن هناك دولا تعتبرها واشنطن إرهابية أو راعية للإرهاب مثل إيران وكوريا الشمالية، وهي دول لها تاريخ طويل في تهديد السلم والأمن الدوليين، أما المملكة فهي دولة لها تاريخها العريق في دعم الاستقرار والتعاون في مختلف الملفات خاصة ملف الإرهاب، لذلك فإن وضع المملكة في مرمى نيران أفراد يحركهم الطمع في الحصول على تعويضات لا يمكن وصفه إلا بأنه عملية ابتزاز رخيصة لا تراعي مكانة المملكة ودورها في تدوير عجلة الاقتصاد الأمريكي باستثمارات تزيد على 750 مليار دولار. وشدد الشناوي على خطورة هذا القانون على الوضع الدولي عامة وعلى العلاقات بين واشنطنوالرياض بشكل خاص، نظرا لما صدر عن الإدارة الأمريكية من مواقف سابقة تصب في خانة إضعاف أهم شريك إقليمي لها وهي المملكة الساعية إلى دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وذلك لصالح قوة إقليمية أخرى تعتبر تصدير الصراعات وتعميق الخلافات وشيوع العنف المذهبي أحد أدبياتها السياسية منذ ثمانينيات القرن الماضي. وأشار إلى أن الخطورة تكمن في أن استخدم الرئيس اوباما حق "الفيتو"، لا يعني تلقائياً أن القانون لن يرى النور إذ يُمكن للكونغرس أن يتخطّى "الفيتو الرئاسي" ويُصدر القانون رغماً عن إرادة اوباما، إذا ما أقرّه مجدداً مجلسا الشيوخ والنواب بأغلبية الثلثين هذه المرة، وهو أمر ليس مستبعداً في ظلّ هيمنة الجمهوريين على المجلسين، ومع ذلك فإن الرئيس الأمريكي مطالب بضرورة وسرعة استخدام حقه الدستوري في نقض هذا القانون وعدم تمريره حفاظاً على العلاقات الدولية المستقرة، وحماية لمبادئ ومواثيق الأممالمتحدة، وتأكيداً على احترام سيادة الدول الوطنية كافة. الشناوي: القرار عملية ابتزاز رخيصة لا تراعي مكانة المملكة وطالب الشناوي الإدارة الأمريكية بأن تتحلى ببعد النظر، ومراعاة مصالح الدول ذات المكانة الكبيرة في العالمين العربي والإسلامي، وأن لا تتكل فقط على أنّ ردّ فعل المملكة لن يتخطى قرار سحب الاستثمارات البالغة 750 مليار دولار من أسواق الولاياتالمتحدة الأميركية. وأعرب الشناوي عن القلق من أن يكون هذا القانون الذي يعتبر سابقة في تاريخ العلاقات الدولية، مقدمة لقلاقل لن تنجو منها أمريكا إذا أصرت على المضي قدما في عملية ابتزاز مفضوحة لدولة بحجم المملكة، لأن هذا الأمر من شأنه أن يدفع بدول أخرى إلى إعادة حساباتها وإعادة تقييم علاقاتها بالولاياتالمتحدة. من ناحية أخرى، أكدت منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان المصرية رفضها لمشروع الكونغرس الأمريكي، حيث صرح المحامى والحقوقي المصري عمرو عبدالسلام نائب رئيس منظمة الحق لحقوق الإنسان المصرية ل"الرياض" أن هذا القانون يتعارض مع الشرعية الدولية ومبدأ حصانة الدول ذات السيادة، والمنصوص عليه بميثاق الأممالمتحدة والذي يعد الركيزة الأولى في تنظيم العلاقات بين الدول، والذي يعني عدم إجبار أي دولة ذات سيادة للخضوع لقضاء دولة أخرى إلا برغبتها لأنه يعد انتهاكا لسيادتها. وذكر عبدالسلام أن من يقف وراء هذا القانون هو اللوبي الصهيوني بالكونغرس الأمريكي للإضرار بمصالح المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وأشار إلى أن القضاء الأمريكي بمقاطعة نيويورك الجنوبية أصدر أحكامًا في العاشر من شهر مارس لعام 2016 بانتفاء مسؤولية المملكة أو أي من حكومات مجلس التعاون الخليجي عن هجمات 11 سبتمبر وعدم مثول المملكة كمدعي عليها في الدعاوي التي أقيمت من أهالي الضحايا والمصابين الناجين من الهجمات، ما يعد تبرئة للسعودية من تلك الادعاءات الباطلة. كما صرح بأن المنظمة تعلن تضامنها الكامل مع دعوى المحامى الدولي السعودي كاتب الشمري عضو الهيئة الدولية للدفاع عن معتقلى جوانتانامو المنظمات الدولية والعربية في إقامة دعاوى أمام المحاكم الدولية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها عن الجرائم التي ارتكبوها خلال احتلالهم للعديد من الدول العربية والدمار والانتهاكات التي ارتكبتها في تلك الدول ومطالبتها بالتعويضات المالية. وأضاف، ندعو عددا من المنظمات والهيئات المحلية والدولية إلى التضامن معنا والمسارعة بإقامة دعاوى دولية ومحلية ضد الحكومة الأمريكية لمحاسبتها وطلب تعويضات على الانتهاكات التي أفضت إلى إلحاق الدمار بعدد من الدول الإسلامية والعربية وقتل مئات الآلاف من المدنيين. وشدد عبدالسلام على ضرورة اتخاذ هذا الإجراء للرد على القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي أخيرا باسم "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" أو ما يعرف ب"جاستا" لأن هذا القانون ما يدل إلا على نوايا خبيثة وسيئة ضد الدول العربية لتدمير ما تبقى منها. وأشار إلى إصرار أمريكا عندما شنت الحرب على أفغانستان والعراق بأن توقع اتفاقيات ثنائية خاصة مع هذه الدول تمنح بموجبها الحماية والحصانة لجنودها من أي ملاحقة قضائية مستقبلية نتيجة ارتكابهم أي جرائم أو انتهاكات تعطى الدليل القاطع على طبيعة تعامل أمريكا مع شعوب العالم وحكوماته وضربها بعرض الحائط لكل مبادئ العدالة الجنائية الدولية وقوانين حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي الإنساني. وأكد أن أمريكا تستغل أحداث 11 سبتمبر 2001 كورقة تستند عليها لمحاسبة الدول في المستقبل وهذه هي "سياسة استعمار جديدة عبر استخدام الأوراق الرابحة (الابتزاز السياسي) وهو ما حققته من خلال قانون الحرب على الإرهاب"، مشيرا إلى أن "السياسة الأمريكية في هذا الموضوع أصبحت مستهجنة ومكشوفة أمام دول العالم وخاصة حلفائها"، لافتا إلى أن السلطات الأمريكية المتعاقبة لم تقدم دليلا واحدا ضد من قامت بتدمير بلدانهم. وقال "كنا ومازلنا متابعين ومهتمين مع كاتب الشمرى أحد المحامين المهتمين والمتابعين لأحداث 11 سبتمبر وقضية جوانتانامو، وبصفته عضوا في الهيئة الدولية للدفاع عن معتقلي جوانتانامو، ومنذ تلك اللحظة قال الشمري لم تقدم سلطات أمريكا المتعاقبة دليلا واحدا ضد من قامت بتدمير بلدانهم؟ فكيف تتجه بالاتهام إلى دول أخرى؟". عبدالسلام: منظمة الحق الدولية تدين قرار الكونغرس الأميركي وطالب عمرو عبدالسلام الهيئات والمنظمات الحقوقية والدولية بالتضامن مع المحامي السعودي كاتب الشمري وأن ترفع صوت الحق وتقف في وجه السياسات الأمريكية الانتقائية والابتزازية بحق الدول ومنها المملكة، معربا عن أمله في أن "تتحرك الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي واتحاد المحامين العرب واتحاد الحقوقيين العرب لمقاضاة أمريكا من خلال مسؤولياتها الرسمية والأخلاقية والمهنية على الأعمال والتدخلات التي قامت بها في الدول العربية والإسلامية التي عاثت بها فسادا وقتلاً وتدميراً". واختتم قوله بأن المنظمة ستدعو لعقد مؤتمر عاجل تدعو فيه المنظمات الحقوقية العربية والدولية وممثلي جامعة الدول العربية لبحث سبل تحرك المنظمات العربية على المستوى الدولي باتخاذ حزمة من الإجراءات الدولية أمام المحاكم الدولية لمحاسبة أمريكا وحلفائها عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبوها خلال فترة احتلالهم للدول العربية والإسلامية ومطالبتها بالتعويضات كإجراء استباقي ضدها. محمود الشناوي المحامي كاتب الشمري