هناك أطباق شعبية تحمل مسميات ولها معانٍ عند سكان شمال غرب المملكة كالخميعة والمفتوتة والنقيع وغيرها, كما أن هناك أطباقاً وأكلات اشتهرت في مناسبات معينة ومن أشهر هذه الأطباق الشعبية والتي ترتبط بالمناسبات الدينية كعيد الأضحى تحديداً, طبق (المقطوطة) ذات النكهة والذوق الشعبي البحت. أخذ طبق المقطوطة تسميته من طريقة قطعها, حيث معنى(يقط) أي (يقطع) وهو قطع جزء من جميع أجزاء من الذبيحة, ثم يقطع إلى أجزاء صغيرة, ليكوِّن اختلاطاً من قطع لحم الذبيحة المختلف ببعض, ولا يأكل بعد طبخه إلا جماعة, مع خبز يسمى الشراك, وهو رغيف رقيق تقوم النساء بخبزه على صاج من حديد. تميز بهذا الطبق الشعبي سكان شمال غرب المملكة, ويقدم في المناسبات الدينية, كعيد الأضحى ورمضان الذي يأخذ فيه المجتمع دور الإفطار بتداول الجيران أو الجماعة يوميا, ولأن دور الإفطار قد يمر بالأسرة مرة واحدة, يضطر صاحب الدور بالقيام بذبح ذبيحة يحتسبها صدقة, فيكون طبق المقطوطة هو سيد الأطباق على السفرة, والتي لربما كان لها لمسماها معنى لم تحتفظ الأجيال بغير مسمى الطبق وطريقة طبخه. واشتهرت المقطوطة وارتبطت بعيد الأضحى المبارك بشكل كبير, فلا تخلو المائدة الشعبية من هذا الطبق بالعيد كطبق شعبي, والمقطوطة تقطيع اللحم المأخوذ من أجزاء الذبيحة إلى قطع قطعة صغيرة بحجم الإبهام, كقطع جزء من لحمة الكتف, وجزء من لحمة الفخذ, وجزء من الأمعاء, وجزء من الكبد, والقلب والكلاوي والريش والكرش, وجزء من الظهر والرقبة, ثم غسلها, وتقطع إلى أجزاء صغيرة, وتخلط مع قطع من شحم الليّة وبيت الكلاوي, ويرفع على النار حتى يذوب الشحم المضاف ويصبح دهنا, يتقلقل به أجزاء اللحم (المقطوطة) ثم يقلب جيدا, ويترك على نار هادئة ويغطى, ويقلب بين كل حين وآخر حتى ينضج, ثم يوضع الملح حسب الرغبة مع التقليب أو بعد النضوج , ويرفع عن النار. يقدم مع خبز الشراك, الذي يخبز خصيصا لهذا الطبق, حيث لا يكتمل الطعم إلا به, فلا مقطوطة بلا خبز شراك, وتميزه بطريقة الطبخ, جعلت له طعم يرتبط بالمناسبات, كلما جرتها الذاكرة الشعبية وعادت بها لتلك الأيام. أصبحت اليوم المقطوطة, مختزنة في الذاكرة الشعبية, كطبق شعبي تناديه المناسبات الدينية فقط, فنراه على سفرهم حاضرا يتحدث بطعمه عن ماض كان يأخذ دور الطبق الرئيسي في أوقات العيد. يقوم المجتمع بإعداده تخليدا للموروث الشعبي الذي تعيدنا رائحته لتاريخ الأجداد. فراسة راعية: أعطت رحابة سعة الفضاء, انطلاقة وسعة في التفكير لسكان البادية, وتميزوا بدقة الهدف في ما يرمون له في تصرفاتهم, ونباهتهم, وحذرهم, وهي صفة أمدتهم بها طريقة الحياة الصعبة التي عاشوها. وعرفت راعية أغنام في الماضي بالحذر, فلا تجلس إلا في مكان واضح لشدة حذرها, ولتكون متنبهة لما يحدث حولها أثناء رعيها الأغنام, وحتى لا يباغتها أحد في غفلة منها, فأصبحت مرمى لشباب جيلها, يحاولوا أن يباغتوها خفية ليكسبوا ودها, لكن حذرها كان كالجرس المنذر بالخطر, حتى ظهر لها صيت بين الناس. تراهن بعض الشباب على من يستطيع أن يصل للحديث معها مع هذه الراعية ومنادمتها, فتقدم رجل كبير بالسن وراهن على مقدرته على الوصول لها, والتقرب منها, فخرج لها ووجدها كما عرف عنها, تجلس على تلّة تراقب أغنامها والفضاء من حولها, فلما رأته اقبل عليها وقفت, فشعر بهيبة منها, ولكنه حاول ملاطفتها وجسِ ما بنفسها فقال: شايب وهايب والهوى ما نسيته وينفعني الطيب ولو ألمسه لمْس فعرفت مراده وأرادت أن تصده حتى لا يعود لها مرة أخرى فقالت: ما ينلمس ظبي الخلا لو لقيته ولا صاده القناص في الموقع الطمْس