كان بُعد مكان الارتحال من مكان الحلول، يُعد من الصفات والمزايا الحميدة عند العرب، لما يتمثل في القيام به، من الصبر والجلادة، والعزيمة القوية، والإرادة التي لا تتثنى، أمام تحدي تذلل الصعاب، في سبيل تحمّل العناء، ومشقة حمل الأثقال وتنزيلها، والسير بها على ظهور الجمال، مسافات طويلة أثناء السفر أو الرحيل، في طلب المرعى غالباً، إلى المكان الجديد، الذي لم يُرعَ عشبه بعد، والمُسمى في العامية بالقفر، والذي ربما تبلغ بعض مسافات المهاجرة والانتجاع إليه، آلاف الكيلومترات، فلا يمكن أن يتم الوصول إليه إلا من خلال العديد من الرحلات اليومية الطويلة. وقد تطرق الكثير من الشعراء إلى ذكر ذلك، في أشعارهم، ومن ذلك قول الشاعر عبدالله بن سبيل، في وصف رحيل البدو، عند انتهاء فصل القيظ، والرحيل إلى البر، والذي يُسمى المكان الذي يُرحل إليه المندى، حين يندون، اي يرحلون من موارد المياه، بعد القطين، إلى البر: وشالوا على اللي بالمبارك امثناه ماحط فوق ظهورها زوعت به مظهورهم كن الطماميع تشعاه يتلى سلف خيال من قربت به ياقرب مسراحه وماابعد معشاه له شدةٍ راعي الغنم يشتمت به لو صوت الرجال ماتسمع انداه من لجة المرحول مايلتفت به مقطانهم امست خلي (ن) ركاياه تقنب سباعه والذوارى بنت به وردوا على عدٍ حللهم بمنداه لين ان كل من مديده لفت به يوم استخالوا نوض برق(ن) بمنشاه يذكرلهم من راح سيله بنتبه ويقول الشاعر حنيف بن سعيدان المطيري: وإن قادهم من يمة القفر عساس حطو اجنيح شدةٍ من حرابه ويقول شاعر آخر: وجدي على اللي شوفهم يستوي لي ربعٍ إلى شدو بعيدين منزال نافل علي الحربي