كان للتغيرات المناخية والاقتصادية دور في حياة البادية وأهل القرى ومن واقع هذا التأثير دخلت في ثقافتهم الاجتماعية قواعد هذه التغيرات والتي منها المسميات والأماكن وكانت المسميات تشتق من واقع التغير المناخي او المكاني ومن أمثلة ذلك قولهم سنة السيل وسنة الثلج وغيرها، أما البدو الرحل فكانت مسمياتهم ترتبط بالمكان ومساقط المطر فيقولون مثلا سنة ربيع العبلة أو خريف الصياهد وتبقى أحداث تلك السنوات الجميلة في ذاكرتهم يستعيدونها عندما تجدب الصحراء وتتفرق الضعون. سقى الله زمان نبني البيت جنب البيت لاجانا الربيع وكل روض زهى نبته وقد حرص العرب منذ القدم على حفظ تاريخهم ورصد وقائع ايامهم، أما على شكل رواية يتوارثها الأجيال بحرص او في قالب شعري أو ما يعرف باسم القصيدة التاريخية ويتضح ذلك من خلال الشعر الجاهلي والذي رصد ايام العرب، كما رصد المواقع الجغرافية وابطال تلك الايام وعلى نهج الشعراء الأوائل سار شعراء الشعر الشعبي في رصد الحدث ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل، إن شعرهم تناول العادات والتقاليد والنظم القبلية ووصف المواقع وحالات التغير الاقتصادي والاجتماعي الذي يتزامن مع حالة الترحال والبحث عن ربيع الارض وعن موارد مياهها كما رصد الشعر تأثير هذه التغيرات على حالتهم الوجدانية المتمثلة في العشق والفراق يقول مشعان الهتيمي: كل ماجيت انا وحبيبي انتلايم شد الشديد ونوهوا بالتفاريق لذا كان لحياة البادية في الصحراء وحياة الحضر في القرى قصة درامية وصفها الشعراء في الترحال والمقطان ومايصاحبها من احداث يقول الشاعر بطي بن مغرس: شد الشديد وصمّلوا ياعذابي وتفرق المقطان يافجع الاحباب اتلا العهد به يوم شال الزهابي من جال عدّ! قشّعت منه الاطناب مظهورهم قفّى مع العرق شابي وحنّا تصابينا على دار الاجناب ومع التغيرات المناخية يدق ناقوس الذكرى ليأتي بأحداث ذلك الشتاء او الربيع في ذلك المكان البعيد ومعه رؤيته لآثار أخفاف الإبل في رمال الصحراء رصد الشاعر الحدث وهو يسير في شف البكار المشاعيف يقول الشاعر: يتلون مشهات البكار المشاعيف كل يبي قفر قدم يسهجونه