جدل واسع وهزة سياسية أحدثها التسجيل الصوتي الذي انتشر مؤخراً لأحد رموز النظام الإيراني (حسين علي منتظري) في أروقة مؤسسات الحكم والتمثيل في إيران، ليزلزل الأرض تحت رموز قادة النظام الملالي ويدخلهم في مربع الإحراج والتأزم في الداخل والخارج الإيراني. هذا ما أكده مركز المزماة للدراسات والبحوث والتي استلمت "الرياض" نسخة منه حيث قال التقرير "لقد كشف منتظري في تسجيل صوتي حقيقة إفلاس القضاء الإيراني ودكتاتورية الخميني مرشد إيران آنذاك، حيث كان منتظري نائباً له، وفي التسجيل الصوتي الذي يظهر اجتماعاً لمنتظري نائب الخميني مع لجنة الموت التي نفذت وأشرفت على حكم إعدام الآلاف عام 1988، يخاطب منتظري لجنة الموت قائلاً: ما قمتم به أبشع جريمة ترتكب في الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ تأسيس النظام حتى الآن والتاريخ سوف يديننا وسوف يسجل أسماءكم في قائمة المجرمين والتاريخ قد يذكر الخميني كسفاح دموي بسبب حملة الإعدامات". ولذلك سارعت السلطات الإيرانية إلى التستر على هذه الفضيحة بحذف التسجيل الصوتي واستدعاء منتظري للتحقيق معه بتهمة تسريب أسرار تتعلق بالنظام الإيراني، إلا أن هذه الفضيحة مازالت تزلزل أركان النظام ومؤسساته الثورية، وخاصة وزارة العدل، حيث بعث علي مطهري رسالة إلى وزير العدل الإيراني مصطفى بورمحمدي والذي كان أحد أعضاء لجنة الموت، يطالبه بها بضرورة تقديم توضيحات حول ما تم تسريبه من حقائق حول إعدامات عام 1988. وقد وصلت هذه الرسالة إلى الجلسة العلنية التي عقدت مؤخراً في مجلس الشورى الإيراني لتحدث ضجة عارمة أظهرت مدى الانقسامات وانتكاسة بعض أزلام النظام من سياسة البلاد، ووجدت لها أصواتاً مناوئة وأخرى موافقة، ومن المخالفين لها كان (كوهكن) ممثل منطقة لنجان، ومن الموافقين مصطفى كواكبيان ممثل عن طهران في المجلس. ولكن أجواء المجلس كانت مضطربة بشكل عام، حيث أطلق محمد علي بورمختار شعار "الموت للمنافق" قاصداً مطهري، وتقدم كريمي قدوسي باتجاه مطهري وخاطبه ها أنت تفعل هذا الشيء مرة أخرى، وقاطع عدد من النواب مطهري أثناء كلمته وأجبروه على إنهائها. وأضاف التقرير انه في نفس الوقت، قام أكثر من 20 نائباً بالتوقيع على شكوى ضد مطهري وقدموها لهيئة الرقابة على النواب، وطالبوا خلالها أن يغير مطهري فكره وسلوكه أو يتم عزله من منصبه كنائب لرئيس مجلس الشورى، وتخوفاً من وقوع المزيد من الانقسامات والمشاحنات، وفي محاولة لتبييض وجه النظام الإيراني وتطهير جرائمه وإحراف الرأي العام عن الحقائق، أصدر مجلس خبراء القيادة في إيران بياناً ندد فيه بنشر هذا الشريط الصوتي الذي فضح جرائم النظام، وقال البيان إن التسجيل الصوتي المنسوب إلى منتظري الذي نشر مؤخراً هو بمثابة صب الماء في طاحونة العدو، واعتبر البيان أن نشر هذا التسجيل الصوتي لمنتظري ينم عن عدم الحكمة، بهدف تبرئة منظمة مجاهدي خلق. ولتبييض إرهاب مؤسس النظام الحالي الخميني ورجالات نظامه، كان لابد لمجلس خبراء القيادة أن يجد تبريراً لمجزرة عام 1988، فأشاد بقرار الخميني حين صادق على إعدام عشرات الآلاف من السجناء، وقال البيان "ما زال صعباً على البعض أن يدرك أنه القرار التاريخي والثوري الذي اتخذه الإمام الخميني في التصدي بجدية ومن دون مسامحة مع المنافقين ومحاكمة قادة وبعض عناصر الزمرة في العام 1988 وإدراكه العميق المتسم ببعد النظر في حفظ النظام"، ليبرهن هذا المجلس مرة أخرى أنه مهامه تحولت من تعيين وعزل المرشد والإشراف على أعماله إلى مهمة التصفيق له وتبييض جرائمه وجناياته التي ارتكبها ومازال يرتكبها في حق الشعوب الإيرانية. وتعتبر ولاية الفقيه في العقيدة الدينية والسياسية في إيران مقدسة بشكل تام فالولي الفقيه في إيران معين من قبل الإمام المهدي الغائب -حسب إدعائهم-، ولذلك لا يجوز الاعتراض على أي قرار أو كلام يصدر منه، وللمرشد في الفقه السياسي الإيراني صلاحيات النبي، وقد عبر عن ذلك صراحة المفتش بمكتب المرشد الأعلى الإيراني علي أكبر ناطق نوري مؤخراً في كلمة له بمدرسة علوم الحوزة الدينية في شمال طهران، إذ ادعى وفقاً للمذهب الشيعي أن الولي الفقيه يمتلك صلاحيات كصلاحيات النبي في عهد غيبة الإمام الثاني عشر المهدي، ولهذا السبب هبت مؤسسات الولي الفقيه لتبرير جرائم المرشد الإيراني وتبييض إرهابه ومحاولة إقناع الرأي العام بحكمة قراراته في قتل آلاف الأبرياء. وفي آخر ردود الأفعال حول فضيحة التسجيل الصوتي لمنتظري، أطلق وزير العدل الإيراني مصطفى بورمحمدي تصريحات أقر فيها بمصداقية التسجيل الصوتي وما جاء فيه، وقال "أفتخر بأنني نفذت حكم الله في هؤلاء الكفار والمنافقين، ويقصد هنا آلاف المعارضين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام في حقهم عام 1988، مؤكداً بذلك على صحة ما جاء في التسجيل الصوتي لنائب الخميني آنذاك حسين علي منتظري، وشدد بورمحمدي على عدم إبداء أي رأفة ورحمة تجاه منظمة مجاهدي خلق، لأنهم حسب تعبيره لا يرحمون الموالين للجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني". ومن جهة اخرى، اكد تقرير لبيان لمركز المزماة الإماراتى للدراسات والبحوث ان تصدير الغاز للعراق هو أحد أهم أولويات إيران حسب ما صرح محمد رضا قدسي زاده مدير تخطيط شركة الغاز الوطنية الإيرانية، ليحل بذلك شيفرة "هدر الغاز الطبيعي العراقي" الذي استمر منذ الغزو الأميركي للعراق والذي بدأ معه التدخل الإيراني في كافة المجالات، لينكشف فيما بعد سخط نتائج الاتفاقيات التي أبرمتها طهران مع عملائها في العراق خلسة ومن خلف الكواليس. ومنذ عام 2003، حاولت الكثير من الدول إجراء مفاوضات مع الجانب العراقي بهدف استيراد الغاز بدلاً من حرقه، وكانت الكويت من بين هذه الدول التي عرضت ذلك مقابل إسقاط جزء من ديونها، وأن تقوم بدفع تكلفة إنتاج الغاز مادياً، ومساعدتها في الناحية الفنية بحكم خبرة الكويت الطويلة في هذا المجال، إلا أن العالم تفاجأ بإصرار الحكومة العراقية على الرفض، واستمرار حرق الغاز العراقي، حتى قدرت كمية الغاز الطبيعي المهدور المحروق المصاحب للنفط الخام المنتج في آبار البصرة سنوياً بحوالي 12 مليار متر مكعب، وهي كميات تفوق الاستهلاك السنوي لبعض الدول، وحسب شركة غاز البصرة فإن العراق يحرق نحو 70 % من إنتاجه من الغاز الطبيعي. وبقي العراق يعاني من النقص في مادة الغاز المستخدمة في تشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية وبعد مضي نحو أكثر من 13 عاماً على الغزو الأميركي وتدخل إيران، لا يزال العراق يعاني من انقطاعات حادة في الكهرباء مع قلة عدد المحطات ونقص إمدادات الغاز، ليعلن فيما بعد عن إبرام عقود مع إيران لاستيراد الغاز. وفي أغسطس عام 2013 وقعت الحكومة العراقيةوإيران على اتفاق لمدة ست سنوات، تنص على استيراد العراق 7 ملايين متر مكعب من الغاز الإيراني يومياً، بحيث يرتفع الرقم تدريجياً حتى يبلغ 25 مليون متر مكعب بعد عامين، ليعلن حميد رضا أراغي مدير المجلس الوطني لشركة الغاز الإيراني عن البدء فى شحن 7 ملايين متر مكعب يومياً لتزويد محطة كهرباء في بغداد، وأنه سيتم فتح الطريق الثاني إلى البصرة في عام 2017 بشحنات تصل في نهاية المطاف إلى 70 مليون متر مكعب يومياً. هذه الاتفاقية كشفت حجم المطامع الإيرانية في العراق، وبالتأكيد هناك أكثر من اتفاقية إيرانية تستهدف الاقتصاد العراقي عن طريق عملاء الملالي في بغداد، والتي أثبتت هذه الاتفاقية عمق ولائهم لطهران على حساب المصالح الوطنية لدرجة أنهم يرفضون إفادة بلادهم من الغاز الذي تقدر قيمته بمئات المليارات ويستمرون في هدره وحرقه معرضين الشعب العراقي للأمراض بسبب التلوث الذي يسببه كل ذلك إرضاء للنظام الإيراني الذي سيجني نحو 17 مليار دولار سنوياً من تصدير الغاز للعراق. لقد أعاقت إيران إنتاج الغاز العراقي بأساليب كثيرة منها الإرهابية، وخير مثال على ذلك تفجير معمل غاز التاجي شمال بغداد، والذي جاء بعد إصرار طهران على تزويد الغاز للعراق، وضغطت على عملائها في بغداد لمنع أي محاولة لإنتاج الغاز تحت أي مسمى، حتى يتسنى لها تسويق غازها وجني المليارات، والعبث في الاقتصاد العراقي لإكمال مسلسل التدمير والسيطرة على أركان الدولة العراقية، وقد ساعدها في ذلك أذنابها الطائفيون في بغداد. وبعد الاتفاق، عملت إيران على ضمان الجانب الأمني لخط الأنابيب الممتد عبر الأراضي العراقية، وهو ما يوضح استماتة الحرس الثوري على التدخل العسكري والأمني في المناطق التي ستمر منها أنابيب نقل الغاز، ليكمل بذلك المؤامرة على الشعب العراقي، وفي الوقت الذي تستمر فيه عملية حرق الغاز، فإن الحكومة العراقية تقوم باستيراد الغاز الطبيعي من إيران بأسعار عالمية عالية.