تخبرنا الكاتبة الانجليزية فيوليت ديكسون من واقع مشاهدتها لحفل الزواج الذي دعيت اليه في الكويت عام 1939م الذي ذكرنا في حلقتين ماضيتين بعض تفاصيله ابتداء من طقوس الخطوبة التي استمرت سبعة أيام وحتى ليلة الدخلة ضمن كتاب (الكويت وجاراتها) تذكر وهي تصف لحظة دخول العريس الى عروسته بأنه وفقا للعادة والتقاليد السائدة فإن العريس كان ملزما أولا وقبل كل شيء أن يؤدي ركعتي السنة المعتادة على عباءة العروس معتقدة أنها من الخطوات المتممة لشروط عقد الزواج, وربما فاتها أن هذا الفعل ما هو الا إجراء احترازي كان سائدا في بعض المناطق لمنع هروب العروس أثناء انشغال العريس في الصلاة عند ما كانت ثقافة هروب العروس ليلة زفافها من متممات فضيلة الحياء لدى الفتيات حتى كانت تنتظر أي لحظة غفلة من زوجها حتى تهرب منه وتغادر الغرفة حتى لو باتت في مزرعة على سبيل المثال أو حظيرة مواش ولهذا كان الازواج قليلي الخبرة يخضعون دائما لعدة وصايا وتعليمات ليلة الفرح من ذويهم ومن كبار السن خصوصا. من أهمها اليقظة وعدم ترك أي فرصة لها طوال الليل. ثم تخبرنا الكاتبة بعد ذلك أن جميع المدعوات جلسن ينظرن الى البهو والغرف المجاورة لتنطلق بين الحين والاخر ضحكاتهن التي تنم عن الفرحة والمتعة. ولكن الكاتبة وزوجها اللذين ما كانوا يودون البقاء حتى منتصف الليل. انصرفوا رغم حرص الجميع على أن لا يفوتهم حضور هذا الجانب المهم من الاحتفال. العريس يتعمد الصلاة على عباءة العروس حتى لا تهرب الا ان حمدة وهي خالة العروس وخادمة الكاتبة في الكويت روت لهم في اليوم التالي بعض تفاصيل ما حدث تلك الليلة بعد انصرافهم. ففي حوالي منتصف الليل, سمع صوت العروس يعلو وهي تصرخ فكان ذلك بمثابة إشارة البدء لمزيد من صيحات البهجة المدوية التي اطلقها الضيوف. وبعد قليل فتح الباب قليلا, والقيت منه قطعة قماش إثبات الشرف ثم أغلق مرة أخرى, وهرعت الأم لتلتقط قطعة القماش تلك وترفعها ليشاهدها جميع الضيوف واعتبرت فيوليت ذلك عادة من عاداتهم المتأصلة والقديمة الباقية تثبت للجميع أن أهل العروس أحسنوا تربيتها. ذكرت لهم حمدة بعد ذلك بأنه عند ظهور تباشير الفجر تقريبا, خرج العريس فاغتسل وأدى صلاة الفجر ثم غادر المنزل مباشرة لتدخل بعد ذلك أم العريس وبعض قريباتها وقمن بعد غسل جسمها وشعرها بتبديل ملابسها وهيأنها من جديد للقاء زوجها الذي سيعود اليها في الصباح بعد قليل. ثم شرحت لهم كيف كانت هناك طوال اليوم واليوم الذي يليه حسب العادات مواقيت محددة وشبه دقيقة يدخل فيها العريس الى زوجته. ولما كان اليوم الثالث تزينت العروس بالحلي الذهبية وأقبلت كل صديقاتها لتهنئتها, وذهبت بعد ذلك الكاتبة الى منزل حمدة للمشاركة في تقديم التهاني قبل غروب شمس اليوم الثالث, أو ما يقارب ذلك وأدخلت مع الصديقات والقريبات الى غرفة خاصة بالنساء اللاتي جئن لزيارتها, وقدمت لهن القهوة, ورشت عليهن قطرات من ماء الورد. وأشعل العود الذي دار على الجميع. بعد ذلك حانت اللحظة المنتظرة عند ما جاءوا بالعروس وقدموها للجميع فقدمت لهم التحية وتلقت تهانيهم فكانت العروس وفق وصف الكاتبة بديعة الجمال وشخصية حقا مختلفة كل الاختلاف عن تلك التي رأوها تنتحب في ركن من غرفتها ليلة زفافها, كانت العروس كما رأتها الكاتبة ترتدي رداءً تحتانيا من الحرير قرنفلي اللون مع شيء من الصفرة, ومن فوقه ثوب أزرق من الحرير مزركش زركشة جميلة بخيوط من الذهب, وكان من فوق رأسها غطاء ذهبي مرصع بالفيروز, وتتدلى فوق جبينها عملة ذهبية هولندية, وكانت تضع في أذنيها قرطا ذهبيا, بينما يتدلى من فوق صدرها عقد من السلاسل الذهبية, أما أسفل ظهرها فكانت تتدلى منه قطع سوداء من القماش مطرزة بزخارف مذهبة على شكل أوعية صغيرة ومقلوبة, وكان رسغاها مزينين بالعديد من السوارات الذهبية أيضا, بينما يحيط بأسفل ساقيها خلخال ضخم من الذهب. الا انه وكما تقول الكاتبة ولسوء حظها كانت كل هذه الحلي التي ظهرت بها العروس مستعارة. فقد جرت العادة على أن تقدم الموسرات من زوجات التجار والشيوخ مثل تلك الحلي والمجوهرات لمدة ثلاث أو اربع ليال لأي أسرة تطلبها منهن كسلفة ترد حال انتهاء مناسبة الزواج, وذلك بعد أن تلف بغطاء رأس قديم أو منديل حرير. وفي الختام تذكر لنا الكاتبة بأن العروس تتحول الى شخصية عادية تماما, وبعد مرور سبعة أيام عسل قضتها العروس في منزل أمها (منزل خالتها في حالة موزة) مع عريسها تعود بصحبة زوجها الى منزلها حتى تستمر الحياة ثم تخبرنا في الاخير ان السعادة لم تدم طويلا بالنسبة لموزة وعريسها ففي أواخر عام 1941م أصيب الزوج بمرض عضال بعد أن تناول وجبة من برغوت البحر (قريدس – روبيان كبير) وتوفي غفر الله لهما بعد ذلك بأسبوع فقط وتركها ومعها غلام صغير. من زينة العروس لبس الخلخال