ركن من الزمن القديم أحضره مهرجان الساحل الشرقي والذي تقام فعالياته في متنزه الملك عبدالله بالواجهة البحرية في الدمام، وينظمه مجلس التنمية السياحية بالمنطقة الشرقية، ركن يتوقف به المكان ويتحرك الزمان أمام الفتيات فيما تستذكر كبيرات السن ذلك الزمن أنه التاريخ العظيم والطويل والتراث الغني للمملكة العربية السعودية جمعه مهرجان الساحل الشرقي في أبهى صورة تعيدك للماضي بحنينه ورونقه، فيما ترتسم على محيا الزائرين البهجة وتدفعهم بشريط الذكريات للوراء خاصة من عايش تلك الحقبة أو التحق بشيء من تفاصيلها، فيما الأطفال تأسرهم الدهشة وتتقافز إلى أذهانهم التساؤلات تلو التساؤلات هل هذا فعلا ما يقدم للعروس في ذلك الزمان، والتفاصيل تخبر عن واقع ذلك الزمن الأصيل بأصالة أهله وناسه. وكان للزواج قديما في المنطقة الشرقية عادات وتقاليد تميزه عن غيره لدى سائر سكان المملكة يحمل في الأذهان الفرحة الكبيرة من ذكريات الماضي الجميل، وتقص علينا فاطمة بخيت المسؤولة عن ركن فرشة العروس في مهرجان الساحل الشرقي حيث تقول: يبدأ الزواج من الخطابة التي تبحث عن الفتيات الصالحات لبيت الزوجية بإيعاز من أهل العريس مقابل أجرة مالية، ثم بعد الاتفاق على الزواج تأتي مرحلة "الدزة" وهي عبارة عن صرة "بقشة" كبيرة تحتوي على ملابس العروس وجهازها مع صرة كيس به مبلغ من الريالات أو الروبيات وهو مهر العروس، وللدزة مراسم جميلة تلاشت وانمحت ولم يحل محلها شيء أصيل كالماضي ومن مراسمها أن تدعو ربة البيت أو والدة العروس قريباتها ومعارفها وتحمل العروس صرة النقود في يديها وسط زغاريد النساء والدعوات والتهليل والصلاة على النبي ويتبادلن السلام وشرب القهوة. وعند الاتفاق على يوم الزفاف تقوم العروس بإعداد "الخلة" وتسمى أيضا الفرشة للزواج فيها ويقضي العروسان ليلة الدخلة حيث تزين الغرفة بالمرايا وقطع الخلة وهي الحجرة المعدة والملونة والمزركشة ومناظرها عبارة عن رسم طاووس بألوانه الزاهية ونظراً لتعذر الحال عند غالبية الأسر في الماضي حيث كانوا يستعيرون أدوات زينة الحجرة من بيوت الجيران ويوضع السرير في نهاية الحجرة حيث يحتل مساحة كبيرة ويغطى بقماش من الزري أما المساند و"الدواشق" والسجاد تكون ذات ألوان متعددة ويغلب عليها اللون الأحمر، بالإضافة إلى تعليق "الرمامين" وهي عبارة عن كرات صغيرة وكبيرة وملونة لتعطي بريقا للحجرة حيث تتدلى في خيوط، وكذلك يوضع صندوق "المبيت - المطبقية" معدني أو خشبي صناعة هندية مطعم بالنحاس لحفظ ثياب العروس وهو عبارة عن علبة معدنية بغطاء ذو قفل لونه ذهبي، وأما "الرواشن" وهي عبارة عن بناء في جدار الفرشة لوضع مستلزمات العروس كالمبخر والمرش والمكحلة، وتبخر الفرشة بالبخور والعود وخلطات العروس ولحفظ المعطر في صينية أو طبق كبير به مشموم ودهن العود والياسمين حيث يتم توزيع المشموم بأنحاء الحجرة لتعطي جواً من الراحة استعداداً لاستقبال المهنئين بالعرس، ويسبق ليلة الدخلة ليلة الحناء حيث ترتدي العروس ملابس خضراء وتستر جميع جسمها ماعدا كفيها وقدميها استعداداً لنقش الحناء وتغطي العروس وجهها بقماش أبيض. جانب من غرف الزواج في الزمن القديم أما المعرس فيذهب برفقه أقربائه وأصدقائه إلى العين أو ما شابهها ليغتسل بصابون الطين ويرتدي الثوب والشماغ والبشت ويضع "الخنة" ويتبخر، ويزف المعرس إلى بيت الزوجية مشياً على الأقدام ويمشي معه موكب من المعارف والجيران والأصدقاء وهم يهللون ويكبرون، وعند الوصول تحمل العروس على سجادة وهي ترتدي البشت على الرأس ترفعها أربع نساء وتزف إلى زوجها. وأضافت البخيت: في يوم الزواج يقدم للعريس بعض أصناف الحلويات ك"الخنفروش والبلاليط" مع القهوة العربية، وعلى المعرس قبل المغادرة صباحا أن يضع تحت الوسادة بعض الريالات تعبيرا عن رضاه ومحبته لعروسه وعند طلوع الشمس يبدأ استقبال المهنئين في المجلس وتنتهي بذلك مراسم الزفاف في أبسط أشكاله التي أبهرت كثيراً من الزوار الذين توافدوا للاستفسار عن طريقة الزفاف قبل أكثر من خمسين عاما في المنطقة الشرقية وعلى الطريقة البحرية. واستذكرت العديد من السيدات الكبيرات في السن اللاتي حضرن المهرجان لحظات زواجهن قبل نحو 60 عاما موضحين أنها كانت بنفس الطريقة التي تراها اليوم في ركن الزفة وتحديداً غرفة العروس حيث كانت بسيطة بكل محتوياتها، مذكرين بأن العروس في السابق كانت تقوم بنفسها في صباح اليوم التالي بإعداد الإفطار للزوج وكذلك وجبتي الغداء والعشاء.