عندما يتعلق الأمر بداعش، وما يتبناه من عمليات إرهابية، يتم طرح عدة أسئلة، لماذا؟ ولأجل من؟ ومن؟ ويظل السؤال الأبرز هو سؤال الكيف، كيف يتم تجنيد هؤلاء الأشخاص، لارتكاب هذه الفظائع؟ وبطبيعة الحال، فقد تعددت الإجابات حول هذا السؤال، ولكل قبلة هو موليها في ذلك، إلا أنه ومن خلال هذا الكم الكبير من التحليلات والآراء برز رأي يقطع أصحابه بأن داعش يستخدم السحر، وفي الحقيقة فإن هذا الرأي من أكثر الآراء التي يُستحق الوقوف عندها، وصاحب هذا الرأي وإن كان في ظاهره غريبا إلا أنه لم يقل به، ولم يصل إلى هذه القناعة إلا بعد أن رأى من أتباع هذا التنظيم الإرهابي ما تأباه الفطر السوية، وتستنكفه الحيوانات العدية، من قتل للآباء والأمهات وانتهاك لجميع الحرمات. إذاً فلا بد من أمر خارج عن حدود الطبيعة، يستطيع أن يقنع شخصا ما بالقيام بهذه الأمور، ويبقى السؤال الأكثر تحديدا عن نوع السحر الذي يستخدمه تنظيم داعش؟ الجواب: قبل أن أبين ماهية هذا السحر، أود أن أقدم فأقول إن هذا السحر ليس حديثا بل قد تم استخدامه من قبل الخوارج الأوائل، وقد كان له من المفعول ما يوازي ما يحدث اليوم، وربما يزيد، فبهذا السحر قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبه استبيحت المدينةالمنورة، وقتل جمع من أهلها، وبه كفر علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى غيرها من الأحداث الجسام، والأمور العظام التي تحفظها أسفار التاريخ.. وفيه جاءت الأخبار متضافرة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على خطورته، جاء في صحيح البخاري قوله -صلى الله عليه وسلم- « إن من البيان لسحرا» نعم، إنه سحر البيان والكلمة، فبه يقدر على سلب العقول، ولي أعناق النصوص، واجتزائها، والاقتصار على ظواهرها دون معرفة تفسيرها يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر «إن أخوف ما أخاف على أمتي كلّ منافق عليم اللسان»، وقد وصف أهل العلم من يحرض من الخوارج ويحث على القتال دون أن يقاتل، بأنهم أخبث فرق الخوارج، وسموهم الخوارج القعدة أو القعدية، وإن المتتبع والقارئ لخطابات المتطرفين قديما، وحديثا، يجدها ترتكز على أربعة أمور هي: 1- التزهيد في الدنيا، وعدم الرغبة فيها – زعموا –. 2- إثارة العواطف، وتهيج المشاعر. 3- لي أعناق النصوص، والاستشهاد بها في غير موضعها. 4- شحن النفوس بذكر أخطاء الولاة، والحكام. أما الأول والثاني: فهو من أجل إعطاء الأتباع جرعة من التهور والإقدام دون النظر في عواقب الأمور. وأما الثالث والرابع: فهي من أجل اكساب كل عمل مشين وقبيح - حتى لو كان قتل علي وعثمان رضي الله عنهما، وقتل الوالدين، والتفجير والقتل في المدينة النبوية الشريفة – الصبغة الشرعية، والثوب الديني لتكون الأوامر أدت للقبول عند السفهاء والسذج منهم.