يتحدث الكثيرون عن منظري الإرهاب ومناهجهم في استقطاب المؤيدين، وعن ضرورات ملاحقة هؤلاء ومحاسبتهم، ويبرز هنا وصف «الخوارج القعدية» ممن يقنعون الآخرين بقتل أنفسهم لقتل الآخرين. من هم «الخوارج القعدية»؟ وما وصفهم؟ وما مدى خطورتهم؟ وكيف نعرفهم؟ أسئلة طرحتها «عكاظ» على خطيب جامع الشيخ ابن باز في محافظة الشماسية بالقصيم الأستاذ الدكتور في جامعة المجمعة سليمان ضيف الله اليوسف فقال: «حتى تسلم الأمة وشبابها من فتنة الغلو والتكفير والتفجير يجب تجلية منهج قسم من الخوارج خطير وخبيث، وشدة خبثه تكمن في خفائه، وأعني بذلك منهج الخوارج القعدية». إحسان الإنكار .. للمصلحة أطلق عليهم الاسم نسبة إلى القعود، إذ إنهم يكتفون بالتنظير ولا يباشرون الخروج، و«الخوارج القعدية» معناه المستقر عند العلماء هم: قوم يزينون ويحسنون الإنكار، لكنهم لا يباشرون الخروج بل يزينونه. وزعيمهم التاريخي عمران بن حطان الذي أخلص شعره مدحاً في الخوارج وتأييدا لخروجهم، لكنه يختفي هنا وهناك خوفاً على نفسه. ولعلك تلحظ تزيينهم الإنكار على الولاة حسب الطاقة، وليس حسب الشرع ومصالحه، والخوارج القعدة هم أخبث الخوارج، وخبثهم متضح في أمرين: الأول: أن التشجيع على الغلو وقتاله وفوضاه فيها سهولة وصدارة من غير عناء يُذكر. الثاني: أن في هذا المنهج سلامة من القتل بل ومن اكتشاف الولاة للخارجي القعدي ومن معرفة الناس بأنه خارجي؛ لأنه يسوق لخارجيته بقالب فكري ناعم وبألقاب بعيدة عن الخروج. وحول كيفية معرفة الخوارج القعدة يقول الدكتور اليوسف إن هؤلاء ليسوا طائفة تسمي نفسها باسمها بل ينفرون من هذا الاسم أشد النفير، لكن الأوصاف والأعمال والمناهج هي التي تحدد وتوضح، أما الدعاوى فهي سهلة واللسان قد يقول كل شيء، وبالتركيز على أوصاف الخوارج القعدة والمتأثرين بهم فإن لهم صفات من أوضحها ثلاث: تحبيذهم للخروج على ولاة الأمر وهم متكئون متنعمون في أرائكهم، ثم بعدهم عن العلماء الكبار في سنهم وعلمهم وتجاربهم، والثالثة عدم العمق العلمي في فهم النازلة السياسية والعسكرية، والاستعجال في إصدار الرأي فيها وعدم مراجعة أهل الحل والعقد في ذلك. وختم الدكتور اليوسف قائلا: «إن العاصم من منهج الخوارج القعدية بعد الله عز وجل شيء واحد، هو الرجوع إلى كبار العلماء وإلى أهل الحل والعقد وترك طلاب الحماسة، فهم ما بين خارجي قعدي أو متأثر بذلك، شعروا أم لم يشعروا، هداهم الله وكفى المسلمين شر حماسهم غير المنضبط.