من البلايا التي أصيبت بها الأمةُ المسلمة – بعد الشرك بالله – تفسير الإسلام تفسيراً سياسياً، بعيداً عن القواعد والأصول الشرعية. وكان هذا البلاء ركيزةً أساسيةً من ركائز نشوء منهج الخوارج قبل ستة عقود من الزمن. ومن يقرأ صفات الخوارج الأوائل وينظر إلى حال الأحزاب اليوم المتأسلمة أمثال : داعش والنصرة والإخوان المسلمين ليعلم حقاً أنهم خوارج أوغاد، وأنهم خوارج هذا العصر حقيقة. قال الإمام ابن حزم الظاهري – رضي الله عنه – "واسم الخارجي يلحق كل من أشبه الخارجين على الإمام عليّ أو شاركهم في آرائهم في أي زمن"، (الفصل لإبن حزم). وفي نصوص السنة ما يُبين ضلال أفعالهم، ويثبت فتنتهم وجهلهم وحماقتهم . وما الأفعال التي يقومون بها والتي لا تمت للإسلام بصلة لأعظم دليل على حقيقتهم "كلاب النار". وتاريخ الخوارج أسود نتن مليء بما لا يحمد ولا يمت للإسلام بصلة . بل يعمل على تشويه الصورة الإسلامية والسماحة المحمدية التي أثبتها الإسلام وأمر بها . ومن ينظر إلى أفعالهم اليوم ويرجع إلى السنة المطهرة يتحقق له أصل هذه الفِرّقِ البدعية الخارجية الخبيثة. ولقد كان أشهر أمر الخوارج : 1- تكفير أهل القبلة ِ عامةً . 2- استباحة دماء المسلمين . والتكفير واستباحة الدماء لا ينفكان عن بعضهما في الإسلام، وقد جاء النهي الصريح والزجر الشديد عنهم في قوله صلى الله عليه وسلم "لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ" متفق عليه. قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في فتح الباري(ج12/ 301) " والخوارج أول ما كفروا مخالفيهم استباحوا دماءهم". ومع كون الخوارج قَتَلَتُ عثمان بن عفان – رضي الله عنه – إلا أن ظهورهم في زمن عليّ بن ابي طالب – رضي الله عنه – أعظم وأقوى؛ وذلك حين خرج قوم في قرية من قرى الكوفة اسمها "حرور" ونَسبُ "الحرورية الأزارقة" إليها. وهم مبتدعةٌ بعيدةٌ عن الدين إن لم يبرأ الإسلام منها. وكان من بدعهم : تكفير علي ابن ابي طالب – رضي الله عنه – وتكفير من لم يناصرهم بقيادة سيدهم "نافع ابن الأزرق الحروري" – عليه من الله ما يستحق – وإباحتهم قتل أطفال المخالفين، والنسوان. وأستقر في مذهب الخوارج قديماً وحديثاً : "أن من أرتكب كبيرةً من الكبائر كَفر كُفر ملة، خرج به عن الإسلام جملةً، ويكون مخلداً في النار مع سائر الكفار". ولم يعرف عن الخوارج برمتهم إلا البشاعة والدموية وقتل المسلمين والمعاهدين وأهل الذِّمة، بل قتل كل من خالفهم بشريعةٍ أو جهل .. وتاريخهم الدموي الأسود يشهد على هذا ويتلخص في امورٍ منها : 1-استحلالهم لدماء الصحابة وأعراضهم خصوصاً، والمسلمين عموماً. فقد قتلوا "عثمان ابن عفان" و"علي ابن ابي طالب" و"طلحة ابن عبيد الله" و"الزبير ابن العوام" و"عبد الله ابن خباب ابن الارت". بغير حقٍ وهم صحابةٌ عدول – رضي الله عنهم – 2- غدرهم وخيانتهم : ومن أمثلة هذا خذلانهم "الحسين ابن علي ابن ابي طالب" – رضي الله عنهما – وخيانتهم له مما تسبب في موته قتيلاً . 3- وحشيتهم في القتل دون حق ؛ فلما قتل الخوارج "عبدالله ابن خباب ابن الأرت" -رضي الله عنه- قتلوا زوجه وكانت حبلى فبقروا بطنها وأخرجوا الجنين وقتلوه . 4- جهلهم في أصغر الأمور الشرعية وسفاهتهم. فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (ج8) عن الإمام البخاري أن رجل من أهل العراق يسأل عبدالله ابن عمر – رضي الله عنه – عن المحرم يقتل الذباب ؟ فقال ابن عمر : أهل العراق يسألون عن قتل الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هما ريحانتاي من الدنيا". 5- أن رايتهم لا تنكي عدواً ولا تقاتل كافراً ولا تهاجم المجرمين . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتلون أهل الإسلام ويذرون أهل الأوثان طوبى لمن قتلهم أو قتلوه. أخرجه مسلم إن من يمعن النظر ببصيرة المسلم في واقع كثير من الأحزاب المتأسلمة المفتونة ب "مسرحية دولة الخلافة الإسلامية" وواقعهم السيئ ليتحقق له حقيقتهم وأصولهم الخارجية الخبيثة .. فمن اليوم الذي يكفر المسلمين ويستحل دمائهم وأموالهم وأعراضهم ؟؟ ومن الذي يغدر بالعهود والمواثيق والمعاهدات والمصالحات والذمم ولو كانت قد أبرمت عند باب الكعبة فضلاً عن غادر في صحراء أوغارٍ موحش ؟؟ ومن الذي يسيء إلى الإسلام وصورته المعتدلة بقتل الناس حرقاً ورجماً وغرقاً دون حق، بل ويمثلون بجثث الأموات وصورهم ؟؟ ولَك أن تسأل عن ماهية مرادهم في ترك الكفار المحاربين وترك مناصرة المسلمين المستضعفين المنكوبين ، وسعيهم في بناء دويلات وولايات تبايع خليفة فاجر في ارض الفتن ، بل ويهددون المسلمين الصادقين ودولتهم المؤسسة والقائمة على الشريعة الإسلامية .. إنها مفارقات عجيبة ، وأمور غريبة وأحوال مريبة من جماعات متأسلمة خلعت بيعة الإسلام من عنقها ، وفارقة جماعة المسلمين .. وإن تعجب فعجبٌ قولهم "أنها نبتةٌ سلفية" أو أن حقيقتها "دولة إسلامية" . عبدالعزيز الموسى @A_aziz_almosa عضو الإدارة العامة للتوجية والإرشاد بالمسجد الحرام في مكةالمكرمة "سابقاً" رابط الخبر بصحيفة الوئام: تاريخ الخوارج..