أخطاء التحكيم، جزء لا يتجزأ من كرة القدم، يكسب بها فريق ويخسر آخر، لكن تبقى ذاكرة الرياضة عموماً خالية من أي ترصد مستمر لفريق معين، فالذي يخسر اليوم بخطأ تحكيمي يكسب به غداً، حتى دييغو مارادونا الذي رفض مصافحة رئيس الاتحاد الدولي "فيفا" جواو هافيلانج بعد نهائي مونديال 1990 بحجة أن التحكيم كان متعمداً خسارة بلاده، كان قد توّج بمونديال 1986 بعد أن سجل هدفاً بيده، هذا بمجمله انتصار بأن أخطاء التحكيم لا ينجو منها أحد، ولا يوجد نادٍ لا يكسب أو لا يخسر إلا بالتحكيم. في الكرة السعودية منذ أعوام تلاحق الهلال تهمة التحكيم، باعتباره المسيطر على معظم البطولات، وفي كل مرة يضيف "الزعيم" لقباً إلى أدراجه ترتفع أصوات الاتهام أن التحكيم معه، وحين انتشى النصر وعاد في الموسمين الماضيين، وحقق لقب الدوري عاميين متتاليين، تلقى الاتهام ذاته بأن التحكيم كان مسانداً له، والأهلي في موسمه الماضي تلقى الاتهامات ذاتها، بأن التحكيم سبب عودته إلى الألقاب. مع بداية الموسم الجاري تتنافس معظم الأندية على صدارة الدوري، ولم تتبين ملامح المتصدر ووصيفه، فالجميع مؤهل للقب ومهدد بالهبوط، بدأت تظهر الاتهامات سريعاً، وحين كسب الهلال وتصدر، اتُهم التحكيم بأنه السبب في ذلك، وبعد أن فاز النصر مباراته الأولى واعتلى القمة، توجهت أصابع الاتهام للحكام، وكذلك الأهلي والاتحاد وبقية الأندية، فمع انتصار كل نادٍ يظهر صوت النادي المنافس، موجهاً اتهاماته بوجود تواطؤ من الحكام، ربما تتقبل هذه الفكرة إن جاءت على سبيل استفزاز المنافس، لكنها مرفوضة بتاتاً إن كان قائلها يعتقد صحتها. هل هناك دعم تحكيمي أو دفع رباعي لنصرة نادٍ معين؟.. لا يمكن أن يملك أي نادٍ هذه القوة، ثم تراه يبتعد عن البطولات عاماً وعامين وربما أكثر، فالهلال غائب عن لقب الدوري منذ أربعة أعوام تقريباً لماذا لم يستعن بالحكام لتحقيق اللقب؟، والنصر الذي تحول من بطل موسمين متعاقبين، إلى المركز الثامن العام الماضي، لماذا لم يستعن بالحكام ليبقى بطلاً للدوري؟ ولماذا اضطر الأهلي أن يغيب عن الدوري أكثر من ثلاثين عاماً إن كان له نفوذ على التحكيم؟. الحقيقة أنه لا يوجد هناك دفع رباعي ولا دعم تحكيمي، فالأندية التي تتفوق وتحقق الألقاب، هي جاهزة فنياً وإدارياً وقادرة على تحقيق الألقاب ومعظم من يخسر البطولات، حين ينتهي موسمه تبدأ جماهيره بانتقاد عمل الإدارة، وتبدأ المطالبات بإبعاد المدرب، وتغيير المحترفين وتجديد دماء اللاعبين المحليين، ولو كان العمل في نظر الجماهير مميزاً، وأن الذي حال بين ناديهم وبين البطولات هي صافرة حكم، لما ظهرت هذه الانتقادات والمطالبات بالتغييرات، لا أنفي وجود أخطاء تحكيمية، لكنني أرفض فكرة وجود دعم تحكيمي أو دفع رباعي يتعمد تتويج نادٍ أو إقصاء آخر.