توقفت مرارًا وأنا اكتب هذه الكلمات .. لعدة أسباب منها تتداخل فيما بينها تقترب الأحداث فيها، وتبتعد منها:؟ كوني أشعر بالألم يعتصر فؤادي ، عندما أتكلم عنك يا والدي بصفة الغائب المسافر .. بلا عودة لدنيانا التي نعيش ! وعلى النقيض اشعر بأن من هم مثلك لا بد وأن نذكر سيرتهم .. ومابين جذب وشد... تتمازج الكلمات لتحكي بعضا من ذكريات عشناها معه . ومع أننا كنّا نرى ونلمس كمّ الألم الذي عاني منه ؟ وعلى مدار السنوات ، كنّت وأخوتي نرى ضوء ابتسامته الحبيبة ! يذوي يوما بعد يوم، بين أرتال الأدوية ، والزيارات المتكررة للمستشفيات رغم شجاعته وقدرته على احتمال الألم والمصاعب ... إلا أن فكرة ذهابه للطبيب كانت مرفوضة تمامًا وثقته بهم كانت متلاشية، كان أهون عليه بكثير أن يظل يتألم بصمت وصبر وجلد على أن يشير له أحدنا بقول : لما لا نذهب للمستشفى ؟ ومع إصرار الألم عليه، ذلك الابتلاء الذي أراد الله تعالى، له به رفع الدرجات كنا كثيرًا مانضطر لاصطحابه إلى المستشفى بعد أن تتوقف كافة السبل الأخرى. فجأة وبلا أي مقدمات ... مرض أكثر وصمت وفجأة رحل !! نظيفًا طاهرًا خفيفًا مرفوعا.ً ثقة بك يارب ... فما من شوكة يشاكها المؤمن ،إلا وله بها أجر .. فكم من الأجر اكتسبت يا حبيبي ؟وكم من الصبر تذوقت ؟ وكم وكم من التساؤلات أطرح حول كمّ استطعت أن تصبر وكيف ذلك ؟ نظرتنا لك يا أبي كانت تقول : والدي ذلك الرجل الذي لايهزم ، لم تهزمه المصاعب ، التي واجهها في حياته عمل طفلًا ليساعد والده ، تعامل مع والديه بمعنى الرضا كان ينبش. في ذاكرته ليحكيني ... كم من المرات تعرض للألم النفسي والمعنوي حتى في أدق الخصوصيات ... وكم من المرات ضحى بأغلى وأحب المتعلقات في سبيل رضا والديه ؟ عشنا معه في مخيلته وهو يقص علينا ببساطة وعفوية بعضًا من الماضي. لم يجد سوى العطاء لأخواته واخوانه سَبِيلًا .. لم يتردد أي منهم في اللجوء إليه ... عند أي ضائقة ... فكان لهم أبًا غير مقيد.. تعامل مع أصدقائه ومعارفه .. بروح العطاء ... وتعامل معنا نحن ابناءه بمعنى الإحسان ..والعطاء والحب .. كان والدًا حقيقياً .. حتى لأولاد اخوانه وأخوته فالكل كان ينادي عليه "بابا حجار" والدي الحبيب .. هل اختفت كلمة بابا من حياتي ؟ .. هل حقيقة ؟ لم يعد لدي اليوم من انادي عليه وأنا لا اقصد غيرها "بابتي" .. حبيب قريب صوتك في أذني يابابا وأنت تناديني "ياحنة" ... حبيب قريب لمس يديك وأنا أقبلها، واقلب راحتك بقبلة ثانية .. اتابع فيها البحث عن مواطن الرضا ..والحب كنت اتزود بزوادة الأسبوع فقد كنت ازورك كل ليلة جمعة مع اخواني واخواتي ... ..ورغم إنك كنت تردد في كل مرة تراني فيها قولك ... ادعي لي يابنيتي .. كنت أصر على أن دعواتك لي هي التي تقرر حياتي ..... ... كم احببت تقبيل جبهتك الوضيئة .. وعبثت بشعرات بيضاء قليلة تعلو رأسك الحبيب كتاج من فضة . ابحث بين أصابعك عن الخير والحب والأمان فلمسها كان طاقة .. الجلوس إليك كان ثقافة ، ومتابعة حديثك كان متعة ... فأنت تاريخ ليس له مثيل !!! آه يا ليلة الجمعة كيف ستمرين علينا من غير وجود والدي بيننا ، ذلك الحبيب الذي رحل عنا البارحة ؟؟؟؟ رحمك الله ياحبيبي رحمة الأبرار ...آمين ...