يبدو أن الانقلابيين من مليشيا الحوثيين والمخلوع صالح مستمرون بالعمالة والخيانة، يريدون عن عمد تخريب وإفشال كل الجهود الدبلوماسية والسياسية العربية أو الدولية الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة في اليمن بإيحاء من معلميهم في طهران، الذين ما انفكوا يعملون من أجل زيادة الازمات في المنطقة لتسهيل تغلغلهم فيها، ولعل آخر فصول جرائمهم السياسية بحق الوطن وأهله إقدامهم على اتفاق يمهد لتشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد محاولين شرعنته عبر البرلمان اليمني، وهو التفاف على الشرعية اليمنية، في الوقت الذي يحتشد فيه أكثر من طرف عربي ودولي في الكويت بحثاً عن مخرج منطقي وسلمي للأزمة المتأزمة في اليمن، يضمن عودة الشرعية واستعادة الدولة لدورها الطبيعي هناك، فالمتتبع لمجريات الأمور، والمماطلات والمراوغات التي قام بها الحوثيون ومليشيا المخلوع صالح في مشاورات الكويت التي طالت بدون نتيجة، يرى بوضوح ان هذه الخطوة تمثل في الواقع سقوط ورقة التوت الأخيرة عن تيه الانقلابيين وانكشاف نواياهم الخبيثة والمعروفة بالمراوغة والمماطلة لطول الأزمة واستمرار الصراع، لأن خطوة كهذه ليست اعتداء جديدا، وانقلاباً آخر على الشرعية وحسب وإنما هي بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على مشاورات السلام في اليمن والتي تعامل معها الانقلابيون بأسلوب الالتزام والتراجع والوعود ونقضها أي عبر المراوغة الكاملة والتملص وكسب الوقت واللعب والضحك على الذقون؛ حيث بدا ومنذ اليوم الأول لهذه المشاورات ان الانقلابيين لم يأتوا بحثاً عن حل لأزمة اليمن وأهله وإنما لكسب الوقت وتمرير مخطط عجزوا عنه بواسطة القوة والحرب والتدمير والتخريب، من خلال مناورات سياسية باتت مكشوفة المرامي والابعاد. مناورات لا يمكن وصفها الا بالرعونة السياسية والكذب والمماطلة وذر الرماد بالعيون لاستمرار المخطط التوسعي، وتعكس الإجرام والطيش والغطرسة والصلف الذي تمارسه المليشيات الانقلابية في اليمن متجاهلة كل مصالح الشعب اليمني الذي يعاني الأمرين وضاربة عرض الحائط بمصير الوطن كله، ناهيك عن ان هذه المواقف العدوانية تمثل ايضاً تمادياً يصل الى حد الاعتداء على الأممالمتحدة والمجتمع الدولي والدول الراعية لمشاورات السلام الجارية بين المتفاوضين لايجاد حل لهذه الأزمة التي اختلقوها أصلا، وعدم جدية هذه الفئة الضالة في الوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني جراء الحرب التي أشعلتها منذ انقلابها على الشرعية الدستورية مطلع العام الماضي. وعليهم تحمل المسؤولية التاريخية والوطنية الكاملة أمام الله والشعب اليمني والمجتمع الدولي، ودول الجوار جراء هذه التصرفات الرعناء والطائشة في إفشال الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الذي ينتظره اليمنيون والعرب جميعا. كما أن ممارسات الحوثيين ومليشيا صالح تثبت من جديد عدم جدية هذه المليشيات الانقلابية في السلام والمصداقية وعدم مبالاتها بحياة الملايين من أبناء الشعب اليمني الذي دمر بلدهم بسبب ممارسات هذه الميليشيا العميلة، حيث يعتبرون فئات الشعب الأعزل مجرد دروع ووقود لحروبها العبثية من أجل مشروع طائفي ترعاه جهات باتت معروفة للداني والقاصي، ناهيك عما يمثله سلوك الحوثيين وصالح من استهتار بالمجتمع الدولي الساعي الى خلق بيئة سليمة للحوار بين اليمنيين، للوصول الى حل سلمي وعادل للازمة، مثلما يشير الى تخريب العملية السياسية برمتها. وأكدت الحكومة اليمنية أن الوضع الحالي "يحتم على الأممالمتحدة ومبعوثها الخاص والمجتمع الدولي الوقوف بجدية وحزم حتى لا تكون القرارات الأممية مجرد حبر على ورق". أما موقف المجتمع الدولي فقد بدا بوضوح من خلال تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بأن الإجراءات الأحادية التي اتخذتها الميليشيات في اليمن تعرض التقدم المحرز في مشاورات الكويت للخطر، مشيرا إلى أن اتفاق الحوثيين والمخلوع صالح خرق فاضح وواضح للمبادرة الخليجية والدستور اليمني، كما يخالف القرار الأممي 2216. أما دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فأعربت عن انزعاجها وقلقها البالغ للخطوة التي قام بها الحوثيون وأتباع علي عبدالله صالح بعقد اتفاق بينهما لتشكيل مجلس سياسي في اليمن، إذ أكد أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني أن التوقيع على اتفاق تشكيل المجلس السياسي يعد خرقاً واضحاً لقرارات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وقرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل. والملاحظ ايضاً ان هذه الخطوة الاحادية سوف تستدعي رداً مناسبا من قبل التحالف العربي، والجيش والمقاومة الشعبية في اليمن، الأمر الذي سيشرع الابواب من جديد لإمكانية الحسم العسكري على الأرض بعدما أوغل الحوثيون ومليشيات صالح في غطرستهم وغيهم وتماديهم وكذبهم وتقسيم فئات الشعب اليمني الى طوائف متناحرة ومتنافرة، بعد أن أسقطوا الشرعية اليمنية بالقوة واستهتارهم واستخفافهم بالمجتمع الدولي والقوانين التي أقرتها الاممالمتحدة.