يشتكي كثير من الآباء والأمهات من استمرار اعتماد الأبناء والبنات عليهم. السلوك الملاحظ هو ضعف الثقة بالنفس، وعدم المشاركة في شؤون المنزل. وعند الحوار مع الآباء والأمهات يتضح أن سبب هذا السلوك هو أن الكبار لم يعوّدوهم على المشاركة. الكبار يقومون بكل الأعمال لأطفالهم ولا يتركون لهم فرصة للنمو والتعلم وارتكاب الأخطاء. ومع وجود العاملة المنزلية والسائق الذي يقوم بمهام متعددة، والأم التي تنسى أو تتناسى أن (العيال كبرت) والأب الذي يريد أن يمارس دوره الأبوي، لا يتبقى للجيل الجديد من المهام ما يقومون به. في بعض البيوت يصل الشاب الى المرحلة الجامعية وهو لا يستطيع أن يعتمد على نفسه في ترتيب ملابسه، أو شراء احتياجات المنزل، وبدون مبالغة يصل الأمر الى عدم القدرة على إعداد الشاي والقهوة. يضاف الى ذلك عدم المشاركة في المناسبات العائلية والاجتماعية. كشف تقرير نشرته (الرياض) مؤخرا من اعداد الزميل مبارك العكاش عن بيانات صادرة من وزارة العدل أن 30% من الزواجات في المملكة تنتهي بالطلاق، وتم اصدار 40 ألف صك طلاق من مختلف المحاكم في المملكة خلال عام 1436. طبعا أسباب الطلاق متعددة وتحتاج الى دراسة من أجل تحديدها ووضع الحلول المناسبة لها. وأتوقع أن أحد هذه الأسباب هو ضعف مشاركة الأبناء والبنات في إدارة المنزل، والتعامل التربوي العاطفي المبالغ فيه. عاطفة الأمومة والدور الأبوي يدفعان الى ممارسة إدارة مركزية توفر للأبناء والبنات كل متطلباتهم دون مشاركة أو عناء. والنتيجة هي الاتكالية والسلبية والكسل والجهل بالمسؤوليات التي يجب القيام بها مثل تسديد الفواتير، وصيانة السيارات، والاعتناء بالمنزل، والجوانب الصحية والمالية وغيرها. هذه المشاركة يجب أن تبدأ في سن مبكرة كما كان يفعل الآباء والأجداد، فإن تأخرت فسوف تصبح صعبة وقد تواجه بالمقاومة. وقد يمتد التأثير السلبي الى النظرة الى العمل بشكل عام، والبحث عن أعمال مريحة، أو يجد الشاب نفسه في بيئة العمل مفتقدا الثقة بالنفس، معتمدا بشكل كلي على رؤسائه ينتظر التعليمات والتوجيهات والأوامر مثلما كان ينتظرها في البيت من الأب والأم. المشاركة الأسرية هي مسؤولية الآباء والأمهات وهي ذات أثر كبير في نمو الطفل وبناء شخصيته واكسابه المعارف والمهارات وتنمية الاتجاهات السلوكية الإيجابية، وبناء علاقة عائلية صحية تساهم في استمرار الحياة الزوجية. في ظني أن الآباء والأمهات بحاجة الى دورات في مجال التربية وفي مواضيع محددة من أهمها التدريب على استخدام أسلوب المشاركة، وزرع الثقة في شخصية الطفل كي يصبح عضوا فاعلا في الأسرة، ومن ثم عضوا فاعلا في المجتمع. [email protected]